أليس من حق الدولة أن تراجع بعض قراراتها، كما تفعل باقي الدول، ومنها على سبيل المثال أمريكا، نشر تقرير يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بترحيل الآلاف من المهاجرين الشرعيين الذين أقاموا لفترة طويلة في أمريكا، لمجرد تورطهم في مخالفات بسيطة، ومنها مخالفة السير ولم تكن لهم أي سوابق إجرامية، ودون الأخذ في الاعتبار علاقاتهم العائلية أو تاريخ عملهم، ثم يمنعونهم من دخول أمريكا مدى الحياة، كذلك وسع الكونغرس نطاق القانون ليتجاوز الجرائم الخطيرة إلى الجنح البسيطة، والتي قد لا تستحق بمقتضى قوانين الولايات حتى عقوبة السجن. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في دراسة نشرتها أن وتيرة ترحيل المهاجرين من أمريكا زادت في عهد أوباما، وقد بلغ عدد المرحلين حسب دراسة أجرتها الصحيفة 3.2 مليون شخص خلال السنوات العشر الماضية.
وبهذا فإن البحرين لم ترتكب خطأ حين تقرر ترحيل من تراه خطراً على الأمن القومي، وخطراً قد يهدد مستقبل الدولة إذا ما تركت أشخاصاً بعينهم أحراراً طلقاء يحملون جنسيتها ويعملون لصالح أعدائها، هؤلاء وبمجرد أن اكتسبوا الجنسية حتى أعلنوا عداءهم للدولة وولاءهم لإيران، وهذا ليس خطأ بالتأكيد، وقد يكون الخطأ حينما قررت الدولة منح هؤلاء الأشخاص جنسيتها، وهم أشخاص معروف تاريخهم وانتماؤهم، وفي الأصل هم لا يحملون حتى نصف عرق عربي، ولا يلتقون معها في أي أواصر ولا روابط، فأواصرهم وروابطهم وعوائلهم وأخوالهم وأعمامهم جميعها إيرانية مائة بالمائة، وحتى دراستهم وتعليمهم ومبادئهم إيرانية خمينية، لا تختلف عن أي مواطن إيراني، إذاً فإن إيران أولى بهم وأحسن لهم.
أما احتجاج الوفاق وادعاؤها أن مغادرة وكيل السيستاني البحرين جاءت «نتيجة رفضة لإدانة ما يسمى حراكهم الشعبي أو الدعوة لانتخابات صورية تزور الإرادة الشعبية»، فإن هذا الادعاء باطل، خاصة أن الدولة أجرت انتخاباتها وشكلت مجلسها بغياب الوفاق، وهي الكتلة التي استحوذت في المجلس السابق على 18 معقداً، ولم يضر الدولة منه شيء، فكيف إذا كان هذا شخصاً واحداً وتعرف الدولة أنه يد إيران في البحرين، وهو أثبت بالفعل أنه يعمل لصالح وكيله بكل إخلاص وتفانٍ؟ إذاً بات لزاماً على البحرين اليوم أن تبعد أي شخص يشكل خطراً على أمنها القومي، وذلك بعد التجربة المريرة التي عاشتها الدولة والشعب في فترة المؤامرة الانقلابية، حيث شاهدنا ذوي الأصول الإيرانية في الصفوف الأولى.
اليوم الوفاق تتباكى على مغادرة وكيل السيستانـــي، وتنـــدد وتستنكــر وتستنجــــــد بالمنظمات الأجنبية وتهدد الدولة بالقانون الدولي، وتدعي أن مغادرة وكيل السيستاني هي استهداف طائفي، وذلك بالطبع ادعاء لا يختلف عن باقي ادعاءاتها؛ فكل قانون يطبق على أي حادث أو قضية يتم ربطه بالاضطهاد الطائفي، وذلك كي توفر الوفاق الأدلة التي تحتاجها أمريكا لاجتياح البحرين كما اجتاحت العراق. نقول إذا كان رحيل وكيل السيستاني هو اضطهاد طائفي؛ فكيف نبرر وصول أشخاص من أصول إيرانية حصلوا على الجنسية إلى البرلمان ومنحتهم الدولة جوازات خاصة، كما وهبتهم الأراضي والمساكن.
هؤلاء يملكون ما لا يملكه المواطن الأصيل الذي لم يعرف أجداده وأجداد أجداده غير البحرين، هؤلاء الذين ماتوا وقلبهم معلق بتراب البحرين، هؤلاء الذين ماتوا صامتين دون أن يحركوا شفة وأن يقولوا كلمة في حق حكامهم، ماتوا وأورثوا أبناءهم المحبة والولاء والإخلاص للبحرين.. في الوقت الذي يورث الآخرون لأبنائهم الحقد والكراهية ويسقونهم من المهد عقيدة الثأر والانتقام، وها هي مسيراتهم تشهد كيف يحمل الطفل على أكتافهم ويردد ما يردد آباؤهم وأمهاتهم من عبارات الكراهية ضد النظام وضد شعب البحرين الأصيل، ثم تأتي الوفاق بعد ذلك وتدعي أن ترحيل وكيل السيستاني، وهو من أصل إيراني، اضطهاد طائفي.. نعم رحل؛ ولكن إلى أين؟ رحل إلى حزب الله ذلك حاله كحال من سبقوه.
نقول للدولة أن شعب البحرين يوافق على كل قراراتها التي تشعره بالفخر، وبأنه يعيش تحت ظل دولة ذات سيادة لا تخضع لهرج ولا تخاف المرج، دولة تواجه المجتمع الدولي الذي تخاذل في إدانة النظام السوري الذي لم يتوقف عن ذبح شعبه منذ 3 سنوات، لا يرحلهم عن طريق المطار، بل رحلة أبدية من الحياة وليتهم يرحلون بجثثهم، بل يرحلون بأنصاف جماجم وأشلاء متناثرة، هذا المجتمع الدولي الذي سلطت منظماته على البحرين، ليس دفاعاً عن الشيعة، لأنهم يعرفون أن شيعة إيران يتمنون اليوم الذي يعيشون فيه كما يعيش شيعة البحرين، ويمكنكم سؤال «الكراشية» ولماذا تركوا إيران وجاؤوا إلى البحرين، هؤلاء الذين يملكون شركات استيراد وتصدير ومصانع وبيوتاً في الدرة وفللاً وقصوراً وبنايات ومزارع. وهذا الأمر تدركه أمريكا وإيران والوفاق عز الإدراك، ولكن القضية أن المجتمع الدولي يسعى للإطاحة بالبحرين وتسليمها لوكلاء السيستاني.
خلاصة القول إنه ليس هناك نسبة مقارنة بين رحيل شخص واحد يشكل خطراً على الأمن القومي وبين ترحيل الملايين في أمريكا ليس بتهمة جرائم خطيرة أو أنهم يشكلون خطراً على أمنها القومي، بل فقط ارتكبوا مخالفة سير، لأن من يشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي لا ترحله أمريكا حياً بل ترحله من الحياة حتى لو مجرد اشتباه فيه.