لم يبق شبر ولا متر في البحرين إلا قالت الوفاق هذا مسجدنا وضريحنا؛ وها هم اليوم يدعون بملكيتهم وأحقيتهم بما يسمى مسجد صعصعة بن صوحان، ليس لديهم عليه وصية ولا وثيقة من صعصعة ولا أخويه زيد وسيحان. ثم نسأل الأوقاف الجعفرية والوفاق؛ من أين جاء لكم هذا المسجد ومن هو إمامه إذا تدعون بأنه مسجد يتبع الأوقاف الجعفرية؟ ثم ما صلتكم وقرابتكم بصعصعة كي تتباكوا وتتنادوا وتدعوا بأن مقام صعصعة تعرض لتخريب؟ بل وتتهمون أهالي جو وعسكر، والذين نعتهم رئيس الأوقاف الجعفرية محسن العصفور بأنهم من التكفيريين والإرهابيين.
لا بد هنا أن تعرف الوفاق ومعها الأوقاف الجعفرية، التي نستغرب مشاركتها الانقلابيين في نعت شعب البحرين الأصيل بالتكفيريين والإرهابيين، ونقول لهم إن منطقة عسكر وجو هي مناطق خالصة للقبائل العربية، ومنها قبيلة البورميح والبوعينين، حيث لم يسكنها قبلهم أنس ولا جن، وهذه هي آثارهم وآثار أجداد أجدادهم، وليس لغيرهم أثر لا سور ولا دور كي يدعوا ملكيتهم لصعصعة، ولكن الاستعمار الصفوي الجديد يريد يطمس هوية الدولة، فلا تستغربوا أن تسمعوا غداً أن هناك مقاماً للوفاق في «أم الشير» في الحد، و«الساية» في البسيتين وعلى تلة الحنينية، وقد تكون هذه الادعاءات قريبة في ظل مشروع «المسجد الذكي» الذي كشف عنه رئيس الأوقاف الجعفرية، والذي ستبلغ مساحته في البداية سبعة أمتار قابلة للزيادة «لاحظوا قابلة للزيادة» مكون من طابقين، ويصنع في قوالب جاهزة ويشيد في يوم واحد، حيث سيساهم في تغطية الكثير من احتياجات المناطق الإسكانية الجديدة والأحياء التي تفتقد لمساجد.
كما ذكر أيضاً أن هذا المشروع لا يتعارض مع خطة بناء الجوامع والمساجد التي يشيدها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وأنه كذلك سيشمل حاجة المرافق الحيوية كالجامعات والمتنزهات والحدائق والأندية الرياضية والصناعية والمستشفيات وستكون تحت الأوقاف الجعفرية.
ونعود إلى صعصعة بن صوحان؛ ونذكر ما ذكره عنه التاريخ وموقفه مع عمر بن الخطاب حين قسم المال الذي بعث إليه أبو موسى وكان ألف ألف درهم، وفضلت منه فضلة فاختلفوا عليه حيث يضعها، فقام عمر خاطباً فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس قد بقيت لكم فضلة بعد حقوق الناس فما تقولون فيها؟ فقام صعصعة بن صوحان، وهو شاب، فقال: يا أمير المؤمنين إنما تشاور الناس فيما لم ينزل الله فيه قرآناً، أما ما أنزل الله به من القرآن ووضعه مواضعه فضعه في مواضعه التي وضع الله تعالى فيها، فقال عمر: صدقت أنت مني وأنا منك، فقسمه بين المسلمين.
هذه هي علاقة صعصعة بن صوحان بعمر بن الخطاب، وها هو قول آخر في صعصعة عن مجالد عن عامر قال: خطب صعصعة بن صوحان فذكر خلق آدم والأمم والجاهلية ومبعث النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال قبض النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف الله أبا بكر رضي الله عنه فأقام المصحف وقضى في الكلالة، ثم توفي أبو بكر رحم الله أبا بكر واستخلف عمر رضي الله عنه ففرض العطاء ودون الدواوين ومصر الأمصار، ثم قتل عمر، يرحم الله عمر، فاستخلف عثمان رضي الله عنه، كل ذلك يقطع الشك باليقين بأن صعصعة بن صوحان ليس لأحد أحقية عليه بمقامه ولا مسجده، وإن كان له مقام فهو يقع تحت عهدة الدولة.
اليوم بات على الدولة أن تصحح الأوضاع وتعود بالأمور إلى نصابها، فهذا التمادي من قبل الوفاق سيفتح المجال بأن تضم الأراضي والمناطق إلى الأوقاف الجعفرية، بعد أن ثبتت النوايا بأن هناك مشاريع ضخمة ستتبناها كي تصبح في المدى المنظور جميع مناطق البحرين ملكاً لها، وما مشروع المساجد الذكية إلا لتغطية كل شبر في البحرين لتصبح جميعها بالنسبة لهم كمقام صعصعة بن صوحان، وبمرور الأيام ستصبح هذه المساجد الذكية حق خالص وستكون إزالتها تحت طائلة التضييق الديني، وسيتهم بعدها أهل البحرين بأنهم تكفيريون وإرهابيون كما اتهم أهل جو وعسكر.
- للدولة..
نرجو أن تثبت تاريخ منطقتي جو وعسكر وباقي مناطق البحرين وإعادة المساجد والآثار التاريخية التي تم وضع اليد عليها من قبل الأوقاف الجعفرية مثل مقام صعصعة بن صوحان، ونعتقد أن الأوقاف الجعفرية تخطط للشيء نفسه لمسجد الخميس، وما إعلان رئيس الأوقاف الجعفرية عن اقتراحه بتطوير مسجد الخميس إلا خطوة البداية.
كما نرجو من الدولة ألا تسمح لمشروع المسجد الذكي، لأن هذا المشروع سيؤدي إلى صراع طائفي، حيث لن يسكت مواطن غيور على وطنه ودينه على هذا التغلغل الذي بات واضحاً بأنه يهدف إلى طمس هوية البحرين.