كما إن مصانع النسيج التقليدية والتراثية في قرية بني جمرة أخذ عددها يتقلص مع الأيام من حوالي 50 مصنعاً قبل سنوات إلى مصنع واحد في الوقت الحاضر، فإن صناعة الفخار في قرية عالي تسير على نفس طريق التقلص والاندثار، لنصحو يوماً ولا نرى أحداً يصنع الفخار في عالي الأشهر على مر التاريخ ولا في قرية أخرى....
احتضار مصانع الفخار في عالي يعود بالدرجة الأولى إلى عدم توفر الطين المادة الأساسية في هذه الصناعة، وعجز أصحاب المصانع أو بالأحرى منعهم من الحصول على الطين من الموقع الحالي الذي يتوفر فيه في منطقة الحنينية.
لسنوات طويلة سابقة كان أصحاب المصانع هذه يأخذون الطين من منطقة الروضة، وعندما صدرت الأوامر الرسمية لهم بعدم أخذ الطين من تلك المنطقة انتقلوا إلى منطقة الحنينية، والتي تحتوي هي الأخرى على أجود أنواع الطين المناسب تماماً لصناعة الفخار، لكن المنع تكرر هذه المرة وحجته التي اعتمدت عليها بلدية المنطقة أن الحفريات التي يقوم بها أصحاب مصانع الفخار تؤدي إلى الإضرار بالبيئة هناك، وأن الحفاظ على البيئة بمنع الحفر في أرض الحنينية أهم من انتعاش صناعة الفخار والإبقاء عليها كصناعة مرتبطة بالثقافة والتراث والسياحة، والمحافظة على الصناعات التقليدية في المملكة.
فصناعة الفخار البحرينية ضاربة في جذور التاريخ حيث دلت كل التنقيبات الأثرية أنها موجودة في العصر الدلموني وكل العصور التاريخية التي مرت بالبحرين لآلاف السنين قبل الميلاد، وليس أدل على ذلك من وجود أواني الفخار في كل المقابر المكتشفة ومنها مدافن عالي التي تقع بالقرب منها مصانع الفخار الحالية وكأنها امتداد لتاريخ هذه الصناعة.
وزارة الثقافة أبدت استعدادها قبل بضع سنوات بالاهتمام بهذه الصناعة وذلك بإقامة ما سمي وقتها بقرية الفخار تقام في المنطقة التي بها المصانع، توفر المكان ومقومات الصناعة للعاملين فيها، وتشكل مزاراً للسياح ومحبي المقتنيات الفخارية، لكن الوزارة سرعان ما نسيت هذا المشروع ونسيت إنقاذ الصناعة التي تحتضر بالتدخل وتمكين أصحابها من الحصول على الطين