النائب قبل دخوله مجلس النواب، وهو في مرحلة مخاض الانتخابات، ترجه التجربة وتعصره لدرجة أنه يضع الشمس بيمين الناخب والقمر بشماله، ويصور لناخبيه بأنه هو الفارس المنتظر، الذي بدخوله المجلس سوف يحل كل الأزمات التي يعاني منها الشعب، وأنه ابن البحرين وابن الفريج الذي يعلم معانة الناس، ويفهم أين تكمن احتياجاتهم، وبيده الحل لكل مشكلة.
وما إن يضع قدمه في أول يوم له بمجلس النواب، لا تلمح غير غبار سيارته وهو يتمخطر بها بين الفرجان «يا أرض انهدي ما عليكي أدي»، وبعدها «الكل عارف»، تضيع الوعود، ويصعب الوصول إلى النائب، ويتغير كلامه، ويستصغر المشاكل، وآخر المطاف يصرح بأن ما بيده شيء، وأنه حاول وبادر لكن... ولكن، وتكثر الأعذار. ويقلب حينها الناخب كفيه، ويستسلم للواقع المر الذي أحاط نفسه به عندما اختار «فلان» ليمثله في مجلس النواب.
بصراحة، نأسف بأن وصل مجلس النواب إلى هاوية الاستهتار لهذا المجلس الموقر من قبل بعض النواب، ونأسف أيضاً بأن يكون بعض من أعضاء المجلس غير أكفاء لهذا المنصب الجليل والتكليف الكبير. نأسف بأن تتحول الجلسات إلى أشبه بمدرسة المشاغبين، نائب يحرق علم داخل المجلس وجرس الإنذار يدق لتنفض الجلسة، ونائب يجلس في منصة غير مخصصة له ويستهتر بمنصة الرئيس، وفلان يسب النائب، والآخر يرد عليه بنفس الأسلوب، ونحن الشعب، عالقون بين أمرين، نضحك عليهم أحياناً ونتألم إلى ما وصل مجلسنا الموقر إليه من اللامبالاة، ونأسف أيضاً على المال العام الذي يهدر أمام أعيننا من غير أن نصل إلى نتائج وحلول ترضي وتسعد المواطن الذي انخدع بخزعبلات بعض النواب.
هي دعوة صادقة من القلب إلى الشعب البحريني الوفي، دعوة لأصحاب الرأي وأصحاب الفكر لمن يمتلك القوة بأن يدافع عن المواطن، لكل من يراقب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، لا تتركوا مجلس النواب لكل من «هب ودب»، لا تسمحوا لمن لا يستحق بأن يتربع في المجلس وأن يمتلكها للحظة، فأنتم أولى بأن تكونوا صوت الشعب، وأن تخدموا أهل البحرين بالحق، لا تتقاعسوا عن واجبكم نحو وطنكم ولا تخذلوا الشارع البحريني بأن تسمحوا لثلة لا تدرك قيمة وهيبة مجلس النواب بأن تمثلنا وتمثلكم في البرلمان.
يتردد عند بعض الناس بأنهم لن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات القادمة، وهذه ردة فعل عكسية وسلبية، لما آلت له الأمور والتجاوزات والاستهتار بحق الشعب في مجلس النواب، وهذا الشيء نأسف له جداً بأن نترك المجلس النيابي لمن هو ليس أهلاً بهذا الشرف والتكليف العظيم.
إذا كنا اليوم ننتقد المجلس الحالي، دعونا نختار بصدق لمن هو أنسب لهذا التمثيل البرلماني، والأنسب ليس لصلة القرابة وليس من أجل طائفة أو مذهب، هذا المجلس يستحقه الكفء فقط من أبناء البحرين الأصيل. فإذا كانت معايرينا للنائب بأن يكون مسؤولاً عن قراراته لصالح الوطن والمواطن، فقراراتنا نحن كناخبين أيضاً مسؤولة عن اختيارنا للنائب المناسب. لنتصارع من أجل النائب المناسب الكفء وليتصارع نائب المستقبل على مكانه في مجلس النواب. ولتكن الانتخابات النيابية القادمة شرسة من أجل البقاء للأصلح، فلا خير لأمة تترك شؤونها يتولاها الحفاة.