ليس من المنكر والعيب أن تراجع الدولة سياستها في أي شأن من شؤونها الداخلية، وما منع إصدار رخص سياقة الأجانب إلا واحد من هذه الشؤون، حيث بات من الضروري أن تقوم الدولة بتنظيم إصدار رخص السياقة للأجنبي وخاصة العمالة الذين قد دخلوا البلاد بتأشيرة عمل معينة، لا تتطلب مهامها السياقة.
إن ازدحام الشوارع بمركبات النقل المختلفة، قد بات ملحوظاً وإن أكثرها من السواق الأجانب، حيث إن نسبة الأجانب قد تفوق نسبة المواطنين يتزامن معها ارتفاع نسبة المركبات، خاصة بعد أن أصبحت السياقة بالنسبة لكثير من العمالة الأجنبية كمصدر رزق، وإن كان عمله بائع برادة أو غاسل أوانٍ، بل حتى إن المؤذنين في المساجد أصبح منهم من يقوم بتوصيل التلاميذ للمدارس، أي أنه ضرر إضافي على الدولة والمواطن حين تشكل هذه العمالة منافسة غير شريفة مع المواطن الذي لا تحميه قوانين المرور من هذه المنافسة التي باتت ملحوظة في شوارع البحرين، وهو مظهر غير حضاري البتة وليس مثله في أي دولة خليجية أو أجنبية غير البحرين.
إن تنظيم إصدار رخص السياقة بات ضرورة ملحة لتحقيق أهداف رؤية البحرين الاقتصادية 2030، وذلك حين تتم عملية تنظيم سيارات الأجرة وتطوير شبكة النقل العام، وذلك أسوة بالدولة الخليجية، ومثال على ذلك دولة الإمارات، حين تكون هذه الشبكات مشجعة حتى للمواطن العادي، والأمر لا يقتصر على ضرر فوضى إصدار رخص السياقة على ازدحام الشوارع، بل حتى على البيئة حين تشكل عوادم السيارات، وخاصة القديمة منها، ضرراً بيئياً فادحاً في تلوث الهواء، إذا ما تم الأخذ في الاعتبار مساحة البحرين وعدد السيارات والطاقة الاستيعابية للشوارع.
إن تنظيم إصدار رخص السياقة سيخفف من شدة الاختناق المروري في الأحياء السكنية حيث عدد سيارات الأجانب التي يفوق عددها عند البعض أكثر من اثنتين، وإن هناك من الجوانب السلبية التي ستمثل مشكلة للدولة لن تقدر على وضع الحلول لها، حين تترك هذه المسألة بدون ضوابط ولا تنظيم من قبل إدارة المرور.
وتنظيم عملية إصدار رخص السياقة هو شأن داخلي للدولة وليس له علاقة بانتهاك حقوق إنسان أو عنصرية، حين تكون لهذه العملية أضرار بالغة يدفع ثمنها المواطن، الذي له حق بمطالبة الدولة بحماية مصدر رزقه، وبتوفير شوارع آمنة تتحمل ضغط حركة المرور وتؤمن انسيابيتها، وتوفير مواقف لسياراته سواء في منطقة سكنه أو في المرافق العامة، كما لهذا المواطن الحق أن يعيش في مناطق خالية من التلوث.
نعم للأجانب حقوق كما تنص عليه عقود عملهم وما تتطلبه وظائفهم، وإن لكل وظيفة تقييماً خاصاً وحقوقاً مرتبطة بها، وهنا يجب التمييز بين العمال غير المهرة وبين الأجانب الذي قدموا للبحرين للعمل في وظائف تخصصية، وإن هذا الموظف لديه زوجة وأبناء مقيمون معه، وقد يكون هذا الموظف عاش في البحرين لسنوات طويلة، مما يلزم الدولة التعامل معه كأجنبي له حقوق على الدولة بأن تسهل له أمور حياته، ومنها منح زوجته وأبنائه رخص سياقة.
إن عملية الحد من الحوادث والتخفيف من الازدحامات المرورية والمحافظة على البيئة وحماية المواطن من المنافسة غير الشريفة من العامل الأجنبي، وتطوير شبكة المواصلات العامة، كلها عوامل إيجابية ستساهم في تحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030، لأنه لا يمكن أن تحقق هذه الرؤية دون مراجعة الأنظمة والقوانين في كل المؤسسات الحكومية التي لها علاقة مباشرة في توفير البنية المناسبة التي ستجعل من البحرين دولة سياحية يتوفر فيها كل العوامل المشجعة لجذب السائح الخليجي وكذلك الأجنبي، ودولة جاذبة للاستثمار حين تكون فيها وسائل المواصلات المريحة متوفرة مع انسياب حركة المرور، إذ إنه لا يمكن تشجيع المستثمرين في مجال سيارات الأجرة في ظل وجود عمالة سائبة تقوم بعشر مهن في وقت واحد.