متابعة لموضوع أمس.. ديوان الرقابة المالية والإدارية يقوم بنوعين من الرقابة، الأولى هي رقابة الأداء وهي التي يقوم بها الديوان بنفسه وتتناول مشروعاً، أو قضية أو موضوعاً معيناً ويقوم الديوان بمراقبة أداء الجهة المعنية في تنفيذ هذا المشروع، ثم الرقابة النظامية وهي الرقابة الدائمة أو المستمرة والتي عادة ما تقوم بها شركة تدقيق حسابات خارجية يتلقى الديوان تقريرها عبر الجهة التي تم التدقيق عليها ومن ثم يتابع الديوان ما جاء في ذلك التقرير حتى تنجز توصياته.
وبما أن وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني حازت على نصيب الأسد من المخالفات المالية والإدارية وشبهات الفساد التي عرضها تقرير الرقابة المالية العاشر (الأخير) فإنه من حقها علينا أن نميزها عن غيرها من الجهات الحكومية بذكر بعض الأمثلة من هذه التجاوزات وطبيعة تعامل ديوان الرقابة معها.
في إطار رقابة الأداء قام الديوان بالرقابة على أداء تنفيذ مشروع البيوت الآيلة للسقوط للمرة الأولى في العام 2008 ثم عاد مرة أخرى في عام 2010 ووجد أن الوزارة قد أوكلت الإشراف على المشروع إلى رئيس قسم الميزانية، علماً أن هذه الوزارة ليست لديها ميزانية بالمتعارف عليه وأنها تسير أمورها المالية بقرارات وزارية.
وبالتدقيق في أداء المشروع وجد الديوان أن رئيسة الميزانية المشرفة على المشروع تتقاضى بدل عمل إضافي، أو بالأحرى تصرف لنفسها بدل عمل إضافي، وأنها استلمت أموالاً من ذلك عن فترة كانت فيها بإجازة سنوية، وأموالاً أخرى تقاضتها عن بدل عمل إضافي أثناء الإجازة الأسبوعية، وأن مجموع ما تقاضته كبدل عمل إضافي بلغ 3600 دينار صرفت من ميزانية المشروع.
الديوان ضبط المخالفة وطلب في تقريره من الوزير تشكيل لجنة تحقيق مع الموظفة المذكورة، وإلزامها بإعادة المبلغ الذي صرفته، لكن الوزارة لم تجرِ التحقيق وواصلت في صرف بدل العمل الإضافي وغطت على ذلك بأن عينتها بعقد عمل جزئي لمدة سنة براتب إضافي قدره 400 دينار شهرياً.
ومع أن الديوان قد أدرك التحايل الذي قامت به الوزارة كما أدرك تحديه له بعدم تشكيل لجنة تحقيق مع الموظفة فإنه لم يتابع الموضوع ولم يذكر شيئاً عن هذه المخالفة في تقريره عام 2012، في نهاية 2013 قامت الوزارة بتشكيل لجنة تقصي حقائق (وهو مسمى غير موجود في قانون الديوان) وأصدرت اللجنة المذكورة قرارها بتبرئة رئيس الميزانية المشرفة على مشروع البيوت الآيلة للسقوط من التهم الموجهة إليها، ورد الديوان برفض قرار اللجنة، لكنه لم يتخذ قراراً ضد الوزارة وصمت عن مخالفة الفساد هذه ولم يتابعها.