ما أن نقوم بزيارة إلى دولة خليجية شقيقة، إلا تطفح علينا تلك الأسئلة المزعجة، وتلك المقارنات التي تجعل المواطن يشعر بشيء من الحسرة، خاصة وأنه منذ الصغر ونحن نسمع كلمة نحن أول...، ونحن أول....!
بدعوة كريمة من مركز الدراسات والبحوث بدولة الإمارات الشقيقة، كنت مع مجموعة من الزملاء والزميلات المخضرمين نحضر ندوة تتعلق بالإعلام الخليجي، وللأمانة، فقد أعجبتني وأبهرتني ما وصلت إليه إمارة أبوظبي من تقدم وتطور يجعلك تقول (ربي يحفظ هذا البلد وأهله وأبناء زايد الكرام، وربي يمتعهم بالنعمة والخير والأمان).
تداهمنا تلك الأسئلة التي لا يمكن لأي مواطن يحب بلده إلا ويطرحها، لماذا تخلفنا عن غيرنا؟
ما إن تهبط بمطارات دول خليجية، إلا وتقول (إلى متى حال مطارنا إللي يفشل هكذا)؟
هذا واقع، لا ينبغي تجاهله، نتحدث بحرقة لأننا نريد أن يكون واجهة البلد الأولى- والذي يترك الانطباع الأول لدى الزائر- متطوراً بكل ما تحمله كلمة تطور، من حيث المبنى، ومن حيث الخدمات، والعنصر البشري، وسعة استقبال الطائرات.
كنت أتحدث إلى مسؤول في وزارة المواصلات، فأخبرني بأمر يتعلق بجسور المطار (الخرطوم الممدود إلى باب الطائرة) فقال لدينا مجموعة جسور تم شراؤها من جنوب أفريقيا في سنة 1984 في عهد الشيراوي، وأن أغلبها آيل للسقوط، وأن جسراً واحداً (على ما أتذكر من كلامه) هو الوحيد الجسر الجيد، حتى إن إحدى شركات الطيران الكبيرة تشترط الحصول على هذا الجسر لأن تهبط بمطار البحرين، وإلا فإنها لن تهبط.
لم أكن أنوي الحديث عن المطار ولا عن فارق التنمية والإنجاز والتطور بشكل رئيس، ولكن الحرقة التي تصيب أي مواطن حين يرى الفارق الكبير بين مطارنا وبقية المطارات في المنطقة تجعلنا نكتب، عل ما نطرحه يحرك مشاريع تطوير المطار والتي أنفقت على دراساتها الملايين، وحتى اليوم لم نرَ ما يبشر بالخير.
أعود إلى موضوع مركز الدراسات والبحوث بدولة الإمارات العربية الشقيقة، فقد أغرقنا الإخوة هناك بكرم الضيافة، ولم يتركوا شيئاً للصدفة، وهذا عهدنا بالأشقاء بدولة الإمارات العزيزة وعهدنا بحكام الإمارات الكرام الذين يكنون لمملكة البحرين الحب الكبير.
جمعتنا جلسة عشاء مع رئيس مركز الدراسات الدكتور جمال السويدي، فقد كان هذا الرجل في قمة التواضع والطيبة، وكان يحرص على حضور الفعاليات بشكل مكثف رغم التزاماته.
خلال العشاء تحدث الدكتور جمال السويدي إلى الزملاء عن لقاءاته بقادة البحرين، وكيف كان سعيداً للغاية بتلك اللقاءات، وتحدث عن لقائه بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد حفظه الله، وقال الدكتور جمال إن سمو ولي العهد على اطلاع واسع بتفاصيل دقيقة، ويسأل عن أمور تفصيلية تنم عن ثقافة هذا الرجل العالية، كما قال الدكتور إن سمو ولي العهد على قدر كبير من التواضع.
لمسنا خلال الزيارة لمركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية مدى حب أهلنا بالإمارات الشقيقة للبحرين وأهلها، وكما كان يقال لنا في أكثر من مناسبة أن الإمكانات المتوفرة تحت تصرف البحرين.
خلال حديثي إلى أحد الإخوة الكرام المسؤولين بالمركز قال لي: إن سمو الشيخ عبد الله بن زايد كان ذات مرة يشرف على إحدى اللجان التنسيقية للتعاون بين الإمارات والبحرين، يقول الأخ: إن الشيخ عبد الله بن زايد قال للمسؤولين كلاماً محدداً: (أي شيء يحتاج إليه أهل البحرين أتموه مباشرة ولا ترجعوا إلينا).
هذا جزء بسيط جداً مما يظهر الحب الكبير بين القيادتين الكريمتين، وبين الشعبين الكريمين، وهذا أيضاً ليس بغريب على أبناء زايد، بدءاً من سمو الرئيس الشيخ خليفة بن زايد، وسمو الشيخ محمد بن زايد حفظهما الله، إلى المواطن البسيط.
من بعد كل ذلك لا تسألوننا لماذا نحب الإمارات، فموقفهم معنا خلال الأزمة هو موقف رجال، ولا يمكن لنا إلا أن نبادلهم الحب بالحب، والموقف بالموقف، هذا أقل شيء يمكن عمله تجاه أهلنا بالإمارات العزيزة.