نعم قالها آباؤنا وأجدادنا عندما كانوا يرحلون إلى العذاب في «دشة» الغوص بحثاً عن اللؤلؤ والرزق وسداد ديونهم للنوخذة «العود»، كانوا يعانون من عدم استجابة النوخذة لمطالبهم بأنه لم يسمع ما ينادون به ويلحون على تنفيذه، وإن أراد أن ينفذ مطلباً بمزاجه تظاهر بأنه سمع الكلام الذي يتحدث عنه الغاصة ومن يتبعهم على ظهر السفينة من «سيب وتباب وطباخ» وبقية فريق الغوص من رجال كانوا ينذرون أنفسهم ليكونوا في رحلة لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى من سيعود منها سالماً غانماً لعائلته.
«السالفة» التي نود الحديث عنها هي انتقال هذا «الصمخ» من نواخذة الغوص إلى «نواخذة» الوزارات، أعني الوزراء الذين يفترض أنهم يمتلكون أذناً أنظف من أي «تانكي» في بيت إسكان، لكنهم يتعمدون كنواخذة الغوص وضع القطن في الأذن متى ما شاؤوا وينزعونه عندما يتظاهرون باهتمامهم بالمتحدث وما يمليه عليهم من قرارات وأوامر، فقد زادت مشكلات التواصل ليس مع الوزراء لكنها تعدتهم بالعدوى لأعضاء المجالس البلدية وقبلها لبعض النواب والمسؤولين في وزارات وإدارات المملكة.
فوزراء وزارات الخدمية -والمفترض أنهم يمتلكون الحاسة السادسة والضمير الذي يكره النوم والكسل ويعمل كعقرب الساعة على مدار- اليوم صاروا «صمخان»، «لا وبعد» عيونهم قل فيها النظر، وحتى حديثهم مع الناس تغير ولسانهم ثقل، ما يعني أنهم من المفترض أن يكونوا خارج إطار الوزارة والاستعانة بآخرين من جيل الشباب والضمير الحي والذين لا يفكرون من جيوبهم بل من ضمائرهم وعقولهم.
فها قد عاد المطر ضيفاً ثقيلاً على فقراء الديرة، وكما كان يقول الصغار سابقاً عندما يبدأ المطر في التوافد عليهم «طق يامطر طق.. بيتنا يديد ومرزامنا حديد» لكنهم ينهونها بنشيدة أخرى «زيدهم زيدهم.. وارحم عبيدهم» وهنا مربط الفرس، كلما زاد المطر طلب الفقراء في الديرة الرحمة، فهم يعلمون «من ذيك الأيام» أن المطر سيكشف الكثير من العيوب في الديرة وسيشرد العوائل الفقيرة من «عرشانها» وسيهدم «برستي» ليحوله إلى بركة للسباحة، تغيرت «البرستية والعرشان» وتحوّلت إلى مبانٍ وربما فلل، لكن الحال كما هو في السابق، المياه عندما ينزل المطر تتجول بكل حرية في البيوت من غرفة إلى غرفة وكأنك «يا زيد ما غزيت».
الوزراء.. الذين طالبت الزميلة «أم بسام» سوسن الشاعر في أحد أعمدتها اليومية في «الوطن»، وتحدثت بأن الديرة ليست بحاجة إلى هذا الكم منهم وقالت إن الواحد يكلف البحرين سنوياً «مليون دينار» هذا بدون الحاشية والمرافقين و«الروحات والييات» ومع كل «هالكلفة» الكبيرة من ميزانية البلد «بلا فايدة ولا عايدة»، زيادة في المشكلات وتراكم لقضايا أهل الوطن و«طنش تعش» هو شعارهم المعمول به، أنا لا أتحدث عن الكل، ولكن الأغلبية هكذا، ولو دمجت الوزارات الخدمية وجيء لها بوزراء يمتلكون القلب والضمير ولا يفكرون في «ترس» جيوبهم فإن ميزانية البلد ستنتعش والشكاوى لا نقول إنها ستنتهي لكنها ستقل، ورئيس الوزراء كما أسلفنا سيرتاح باله بدلاً من أن يقوم بأدوارهم وهم نيام.
فلقد تكشف لنا من المطر بأن مشكلات وزارة البلديات «هي هي»، ووزارة الأشغال أيضاً ليست بأقل منها، واتضح أن وزارة التربية انضمت إلى تلكما الوزارتين في قضايا الطلبة الذين يعانون من عدم تصديق شهاداتهم منذ ثلاث سنوات وكلما يراجعون الوزارة يجدون خبيراً يلف ويدور عليهم وكأنهم أغبياء، ومن خصوصيات عمله «تطفيشهم» بعيداً عن مكاتب المسؤولين، وحتى العضو البلدي عرف اللعبة، ففي كل مرة تتصل فيه يقولك «والله آنه في الشارع وباعطيك تليفون السكرتيرة تخلص موضوعك» وبعد ذلك يعطيك رقماً ناقصاً، وعندما تعاود الاتصال فيه يعطيك «الأذن الصمخة»، منهم في الوسطى من يقال إنه نشيط في «الشردة» وقضاء وقته في الشارع، لا أدري هل يراقب حركة المرور أم أنه يشرف على مشروع إسكاني، لكنهم في الانتخابات -وهي على الأبواب سيغيرون من ثوبهم ويتحولون إلى «حملان» بعد أن كانوا «ذئاباً» ويعطونك الشمس في يد والقمر في اليد الأخرى.
كل ما نتمناه أن نتخلص من هذه العينة في مجتمعنا المليء بالطاقات الشابة التي يهمها مصلحة البلد وأهله ليحلوا بدلاً عن وزراء ومديرين ونيابيين لا يعرفون سوى اللف والدوران.. و«صمخ النواخذة».
الرشفة الأخيرة
«السياسة هي فن الخداع.. تجد لها ميداناً فسيحاً في العقول الضعيفة».
فولتير
{{ article.visit_count }}
«السالفة» التي نود الحديث عنها هي انتقال هذا «الصمخ» من نواخذة الغوص إلى «نواخذة» الوزارات، أعني الوزراء الذين يفترض أنهم يمتلكون أذناً أنظف من أي «تانكي» في بيت إسكان، لكنهم يتعمدون كنواخذة الغوص وضع القطن في الأذن متى ما شاؤوا وينزعونه عندما يتظاهرون باهتمامهم بالمتحدث وما يمليه عليهم من قرارات وأوامر، فقد زادت مشكلات التواصل ليس مع الوزراء لكنها تعدتهم بالعدوى لأعضاء المجالس البلدية وقبلها لبعض النواب والمسؤولين في وزارات وإدارات المملكة.
فوزراء وزارات الخدمية -والمفترض أنهم يمتلكون الحاسة السادسة والضمير الذي يكره النوم والكسل ويعمل كعقرب الساعة على مدار- اليوم صاروا «صمخان»، «لا وبعد» عيونهم قل فيها النظر، وحتى حديثهم مع الناس تغير ولسانهم ثقل، ما يعني أنهم من المفترض أن يكونوا خارج إطار الوزارة والاستعانة بآخرين من جيل الشباب والضمير الحي والذين لا يفكرون من جيوبهم بل من ضمائرهم وعقولهم.
فها قد عاد المطر ضيفاً ثقيلاً على فقراء الديرة، وكما كان يقول الصغار سابقاً عندما يبدأ المطر في التوافد عليهم «طق يامطر طق.. بيتنا يديد ومرزامنا حديد» لكنهم ينهونها بنشيدة أخرى «زيدهم زيدهم.. وارحم عبيدهم» وهنا مربط الفرس، كلما زاد المطر طلب الفقراء في الديرة الرحمة، فهم يعلمون «من ذيك الأيام» أن المطر سيكشف الكثير من العيوب في الديرة وسيشرد العوائل الفقيرة من «عرشانها» وسيهدم «برستي» ليحوله إلى بركة للسباحة، تغيرت «البرستية والعرشان» وتحوّلت إلى مبانٍ وربما فلل، لكن الحال كما هو في السابق، المياه عندما ينزل المطر تتجول بكل حرية في البيوت من غرفة إلى غرفة وكأنك «يا زيد ما غزيت».
الوزراء.. الذين طالبت الزميلة «أم بسام» سوسن الشاعر في أحد أعمدتها اليومية في «الوطن»، وتحدثت بأن الديرة ليست بحاجة إلى هذا الكم منهم وقالت إن الواحد يكلف البحرين سنوياً «مليون دينار» هذا بدون الحاشية والمرافقين و«الروحات والييات» ومع كل «هالكلفة» الكبيرة من ميزانية البلد «بلا فايدة ولا عايدة»، زيادة في المشكلات وتراكم لقضايا أهل الوطن و«طنش تعش» هو شعارهم المعمول به، أنا لا أتحدث عن الكل، ولكن الأغلبية هكذا، ولو دمجت الوزارات الخدمية وجيء لها بوزراء يمتلكون القلب والضمير ولا يفكرون في «ترس» جيوبهم فإن ميزانية البلد ستنتعش والشكاوى لا نقول إنها ستنتهي لكنها ستقل، ورئيس الوزراء كما أسلفنا سيرتاح باله بدلاً من أن يقوم بأدوارهم وهم نيام.
فلقد تكشف لنا من المطر بأن مشكلات وزارة البلديات «هي هي»، ووزارة الأشغال أيضاً ليست بأقل منها، واتضح أن وزارة التربية انضمت إلى تلكما الوزارتين في قضايا الطلبة الذين يعانون من عدم تصديق شهاداتهم منذ ثلاث سنوات وكلما يراجعون الوزارة يجدون خبيراً يلف ويدور عليهم وكأنهم أغبياء، ومن خصوصيات عمله «تطفيشهم» بعيداً عن مكاتب المسؤولين، وحتى العضو البلدي عرف اللعبة، ففي كل مرة تتصل فيه يقولك «والله آنه في الشارع وباعطيك تليفون السكرتيرة تخلص موضوعك» وبعد ذلك يعطيك رقماً ناقصاً، وعندما تعاود الاتصال فيه يعطيك «الأذن الصمخة»، منهم في الوسطى من يقال إنه نشيط في «الشردة» وقضاء وقته في الشارع، لا أدري هل يراقب حركة المرور أم أنه يشرف على مشروع إسكاني، لكنهم في الانتخابات -وهي على الأبواب سيغيرون من ثوبهم ويتحولون إلى «حملان» بعد أن كانوا «ذئاباً» ويعطونك الشمس في يد والقمر في اليد الأخرى.
كل ما نتمناه أن نتخلص من هذه العينة في مجتمعنا المليء بالطاقات الشابة التي يهمها مصلحة البلد وأهله ليحلوا بدلاً عن وزراء ومديرين ونيابيين لا يعرفون سوى اللف والدوران.. و«صمخ النواخذة».
الرشفة الأخيرة
«السياسة هي فن الخداع.. تجد لها ميداناً فسيحاً في العقول الضعيفة».
فولتير