أمس الأول استوقفت رجل أمن في شارع بلندن، وطلبت منه بكل احترام -وأنا أنظر لسلاحه المعلق بحزامه- أن يجيبني على سؤال مفاده؛ ماذا لو خلال مسيرة مرخصة أن قام البعض بانتهاج العنف واستهدفوا رجال الأمن في بريطانيا بأسياخ أو قنابل مولوتوف بهدف إصابتهم أو قتلهم؟!أجابني على الفور بقوله: «ذي دونت دير»، أي لا يجرؤون؛ فرجال الأمن في بريطانيا مخولون حتى باستخدام الطلق الناري في حالة الدفاع عن النفس أو بغرض التصدي لأي عمل إرهابي أو لضبط انفلات أي تجمع ومسيرة، وإن كانت مرخصة.أكتب ذلك في الوقت الذي أدانت فيه بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية قتل رجل أمن بحريني انضم لقافلة شهداء الواجب، في حين برزت جمعية التحريض وحماية الإرهاب الوفاقية واذيالها ببيان لم تدن فيه هذه الجريمة بل واصلت هجومها على رجال الأمن الذين باتوا اليوم هم الضحية المباشرة لتراخي تطبيق القانون. الوفاق لن تدين لأنها أصلاً تهلل وتفرح لما يحصل، فهو يخدمها وهي صانعة له من خلال ما تمارسه من تحريض وتأجيج ضد النظام وضد قوات الأمن الذين تصفهم بالمرتزقة. والحق يقال بأن من ينتظر إدانة من الوفاق لنتيجة هي صانعة مسبباتها كمن يحلم بإدخال الجمل في سم الخياط، هذه الجمعية ومن يتبعها لا يتعامل معها إلا بالقانون ولا شيء آخر، لا تستحق أصلاً أن يجلس معها أو تمنح فرصاً في حوار وخلافه، فالإرهابي وداعم الإرهاب لا يتعامل معه إلا بالقانون، ووالله لو تفعل الوفاق ما تفعله من مناهضة للنظام وحماية الإرهاب وممارسيه، لو تفعله في إيران التي يحن لها هواها لكانت عاقبتها وخيمة، لا محاكمات ولا وزن لحقوق إنسان وغيرها، وهم يدركون ذلك تماماً.إن كانت الدولة تبحث عمن يطبل لها ويطرز ما تفعله فلن تجد إلا من يمارس النفاق والتملق، وهؤلاء هم دمار المجتمع، فالحاصل اليوم تلام فيه الدولة أولاً وأخيراً، هي من منحت الإرهابي فسحة ليتنفس، وهي من منحت المحرض مجالاً ليظن في نفسه أنه طرف مساوم ومفاوض مع النظام الشرعي، هي الملامة لأن من يدفع الثمن رجال أمن مهمتهم حفظ أمن البلد، هي الملامة لأن من يشرب المر هم المخلصون الذين وقفوا مع الدولة في أحلك الأوقات ليدافعوا عنها ويثبتوا أركانها في وقت كادت فيه أن تختطف، واليوم المخلصون يرون التردد في إحقاق الحق واضحاً ويرون تطبيق القانون خجولاً.ذكرى الميثاق كدر صفوها استشهاد شهيد الواجب، واستياء الشارع كان واضحاً ولا يمكن تجميل ذلك لا بإعلام أغانٍ وطنية أو تقارير ذات صيغ مثالية، هناك غضب واستياء ويزيده أن يرى التعامل ورد الفعل وكأن شيئاً لم يحصل.من حرض ودعا للفوضى يجب أن يطبق عليه القانون، يكفي تردداً وتهاوناً، هل تريد الدولة أن ينفلت زمام الأمر منها ويبدأ الناس بالتصدي بأيديهم لمن يتعمد استهداف أمنهم ومعيشتهم؟! بالله عليكم نفرح بماذا هنا؟! أنفرح بإجراءات رخوة؟! أم دولة تتخلى عن هيبتها؟! أم نفرح لإصابة ومقتل من هم في وجه المدفع يضحون بأنفسهم لحماية المجتمع والناس؟! حتى انتخابات غرفة التجارة طالها نقد الناس وبصورة لاذعة، البلد في واد وطبقات «الإليت» في واد آخر، هل سجلوا موقفاً صريحاً وواضحاً مما يحدث؟! هل استشهاد رجل الأمن مثل لهم شيئاً وحدثاً جللاً؟! التحية لتلك المرأة التي انتشر الفيديو الذي تتكلم فيه، قالت كلاماً يعجز عنه الرجال، هذه صرخة المواطنين الحقيقية التي لا يوصلها كثير من المسؤولين لقادة البلد. أتريدون معرفة رأي الناس فيما يحصل؟! أتريدون معرفة مدى رضاهم عن إجراءات الدولة؟! سهل جداً معرفة ذلك والقنوات متاحة، والعملية تبدأ بسد الآذان لما يقوله بعض المسؤولين -الذين بسببهم ضاعت الدولة- من كلام مضلل هدفه فقط بيان الولاء المطلق المستند على الجملة الشهيرة «كل شيء بخير طال عمرك»!أبداً ليست الأمور بخير، ومن يقول خلاف ذلك يخادع نفسه ويكذب بحق الناس.نعم مرت ذكرى الميثاق دون تكرار انقلاب الدوار وهذا متوقع، لكنها مرت بألم في جهة وفوضى عارمة مخطط لها في جهات عدة، بينما في جهات أخرى يخيل لك أنك في بلد آخر يعيش حالة مهرجانات واحتفالات. مجلس الوزراء ألزم نفسه بالأمس أمام المخلصين من أبناء الوطن بتطبيق القانون ورفض العفو عن الإرهابيين وتقديم ممارسي الإجرام للعدالة. ونقول هنا بأن هذا «التزام» يدعمه حق المواطن على الدولة وسنكون بانتظار الفعل المطبق للقول، إذ يكفي تساهلاً وتكفي فوضى.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90