إذا كانت هيئة الكهرباء والماء تتخذ موقف الصمت من الصحافة، فإننا سنظل نكتب ونتساءل ونشك ونبحث عن الحقيقة في أروقتها، وبما أن صمتها عن كل استفهاماتنا المشروعة في السابق هو ديدنها، فإن البوح بالسؤال هو مسلكنا.
يعاني مئات من الموظفين في الهيئة من سوء وضعهم الوظيفي، ومن تفشى سلوكيات وثقافة الشللية والمحسوبية بين المسؤولين، خصوصاً في إدارة خدمات المشتركين، تلك الإدارة التي تتجاهل موظفيها بكل وضوحٍ وعنجهية وكأنهم لا يستحقون التقدير والاحترام.
حوافز معطَّلة منذ أكثر من ثلاثين عاماً في حق العشرات من الموظفين العاملين المخلصين في إدارة خدمات المشتركين في الهيئة، ولحد كتابة هذه الأسطر، لا يعلم هؤلاء ما هو جرمهم الذي اقترفوه حتى تُوقف الهيئة حوافزهم!
حين شعرت هيئة إدارة خدمات المشتركين بالضغط الكبير عليها من قبل الموظفين الذين يطالبونها بالحوافز كبقية هيئات ووزارات الدولة، ماذا فعلت؟ قامت بتشكيل لجنة غير قانونية على الإطلاق، لمتابعة من يستحق الحوافز ممن لا يستحقها، وحين تساءل أحد الموظفين المعتَّقين والمخلصين عن سبب عدم صرف حافز له كبقية «الأوادم» الأخرى، ردَّ عليه أحد أعضاء هذه اللجنة المشبوهة قائلاً: «إن الحوافز ليست صدقات نعطيها لكم».. يا سَلامْ..، أو ليس المسؤول المباشر هو المعني بإعطاء الحافز؟ أم أن قانون ديوان الخدمة المدنية تغير ونحن لا نعلم بهذا الأمر!!
أخبرني أحد موظفي الهيئة من الذين يستشعرون باستلاب حقوقهم من طرف هذه اللجنة، بأن اللجنة والهيئة تحتقرهم، ولهذا السبب قام بشراء خمس سنوات من الخدمة ليتقاعد تقاعداً مبكراً، على الرغم من الأضرار المادية الكبيرة التي ستصيبه جراء هذا التقاعد المبكر، بل أكد لي أنه لا يمانع من أن ينشر اسمه في الصحافة، وذلك لعظم الظلم الذي أحاط به من قبل إدارة خدمات المشتركين في هيئة الكهرباء والماء، قال ذلك، لأن ليس لديه ما يخسره أصلاً، وهل ربح هذا الموظف حتى يخسر؟
اليوم، وبعد تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الفاضح لكل أشكال الفساد في وزارات وهيئات الدولة، وبعد أن تم سرقة الملايين بطريقة مؤدبة ومؤسفة معاً، تبخل هيئة الكهرباء والماء منذ أن تأسست من إعطاء غالبية الموظفين كامل حقوقهم، بل كل ما قامت به هو أن طوَّرت أوضاع المدراء والمسؤولين فقط، بل واختلقت مناصب جديدة مثل «مستشار مدير إدارة خدمات المشتركين»، أما الموظفين فإلى جهنم.
نحن اليوم نتساءل عن دور وزير الدولة لشؤون الكهرباء والماء السيد عبدالحسين بن علي ميرزا عن هذا التلاعب بمصير ومستقبل موظفي الهيئة؟ وأين هو من كل هذا الفساد الإداري الحاصل من طرف المسؤولين الذين يرون بأن غالبية الموظفين في إدارة خدمات المشتركين لا يستحقون حافزاً يفيدهم عند التقاعد، ومن نتحدث عنهم اليوم، هم من هذه الفئة التي أعطت كل عمرها في سبيل تطوير الهيئة، لكن الهيئة كرمتهم بتغييب حقوقهم وجهودهم على مدى ثلاثة عقود أو أكثر!
زاد وقت الدوام في الهيئة، لكنه لم يدخل في جيب موظفي الهيئة فلساً واحداً، وإضافة لكل هذا الظلم، حُجبت عنهم الحوافز والترقيات والمكافآت، وأعطيت «لربعهم» فقط، وحين استشعروا هؤلاء غضب بعض الموظفين في إدارة خدمات المشتركين تحديداً، قاموا بتشكيل لجنة غير شرعية للتنصل من مسؤولياتهم تجاه موظفين خدموا البحرين لأكثر من أربعين عاماً، فقليل من الإنصاف يا هيئة الكهرباء والماء.
ربما تكون مشغولاً يا سعادة الوزير في هذه الأيام بمسألة شبكة الربط الكهربائي الخليجي، لكن هذا لا يعفيك مطلقاً من متابعة مصير من يعملون تحت إداراتك، وإعطائهم كافة حقوقهم الضائعة، فهل وصلت الرسالة؟