هذا الوصف أطلقه عبدالباري عطوان في مقاله الأخير الذي تحدث فيه عن الموقف العماني من الاتحاد الخليجي فيما وصفه بـ«الصاعقة»!
لسنا بصدد الحديث عن عطوان ومضامين مقالاته، فهو حر في آرائه، ولسنا أيضاً بصدد الحديث عن الموقف العماني، فسلطنة عمان تبقى جارة شقيقة وأهلها إخوة كرام نكن لهم الحب والاحترام.
إنما الحديث هنا عن هذا «الاتحاد الخليجي»، هذا التوصيف الذي منذ أعلن عنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكثير من الأطراف «تضع يدها على قلبها»، وكثير منهم وهناك جهات هنا في الداخل البحريني تحاول «مستميتة» أن «تقلل من شأن» المسألة، وتحاول أن «تلمز» و«تغمز» تارة، وتارة أخرى «تستهزئ»، بيد أن كل ردود الفعل هذه ليست مبنية على «استبعاد تحقيق الفكرة»، بل على العكس «خوف وقلق» من تطبيقها واقعاً، بالأخص لمن هواه يتجه شمالاً تجاه إيران.
وضعية بعض دول الخليج تختلف عن وضعية عمان على سبيل المثال، فالأخيرة علاقتها بإيران جيدة ولا توجد توترات، وإن كانت سابقاً بشأن الممرات البحرية فهم توصلوا إلى اتفاقات و«هدن» واضح نتاجها مؤخراً، ولا يمكن أن تلام عمان في سياساتها إن كانت تتخذها بناء على مصلحتها فهذا ديدن العالم كله، بيد أن العتب من الإخوان الخليجيين هو على عدم توحد جميع الأشقاء في شأن الفكرة.
عطوان يقول بأن مجلس التعاون «يحتضر»، وبغض النظر عن كونها جملة تعبر عن «أماني» كثيرين، يريدون لدول الخليج أن تتشرذم وتتفكك، إلا أن بناءه هذا التوصيف يأتي على معطيات تاريخية تدخل في سياقها كثير من الملفات التي كان من المفترض أن تتوحد منذ ثلاثة عقود على مختلف الأصعدة، دون أن يكون هناك انتظار لتهديدات إقليمية صريحة حتى يكون التوحد في أساسه عسكرياً وأمنياً.
كثيرون من «يحلمون» بأن تتقاتل حتـى دول الخليج فيما بينها، كثيرون يريدون أن يتفكك حتى مجلس التعاون لتسهـــل بالتالـــي عملية «ابتلاع الخليج» أمـــام إيران، هذه حقيقة وواقع لا يمكن نكرانه، إذ إن كان العكس فلماذا يتضايقون من فكرة «الاتحاد الخليجي»؟! لماذا الهجوم على السعودية يستمر إعلامياً وسياسياً باعتبارها صاحبة الفكرة؟!
المسألة أبعد وأخطر من تجمع دول تتشارك في قواسم عديدة، المسألة معنية بتقوية كيان خليجي لو كانت الجهود منصبة منذ عقود لتقويته بشكل فاعل لما وصلنا لمرحلة نرهن مصير المنطقة على «مغازلة» أمريكية إيرانية هنا، أو تقارب منفرد مع نظام الملالي من هناك.
رغم ذلك، ومع كل محاولات ضرب وحدة الخليج حتى على المستوى «المعنوي»، علينا أن ندرك اليوم كدول خليجية وشعوب مؤمنة بعروبتها وانتمائها للخليج «العربي» لا «الفارسي»، أن هذا الاتحاد هو ما يمكنه تغيير معادلة توزيع القوى، هو ما يمكنه درء كثير من الأخطار عن دول الخليج العربي، هو تكتل سيجعل من يخطط اليوم ويحلم بالتغلغل داخل المنطقة يعيد حساباته مرات ومرات.
نعرف تماماً أن هناك «شوائب» في بعض العلاقات، أن هناك حساسيات في بعض الملفات، وأن هناك رغبات لدى البعض في العزف المنفرد، لكن كل ذلك لا يمنع من تشكيل اتحاد قوي يتحالف أعضاؤه في أخطر وأهم الملفات والتي تعنى بأمن واستقرار دول الخليج العربي.
في بريطانيا والغرب ينظر لفكرة الاتحاد الخليجي على أنها خطوة جبارة إن حصلت فستجبر الغرب على تغيير تعاطيه مع دول الخليج وستفرض عليه أساليب تعامل جديدة باتجاه تعديل السياسات بما لا يغضب هذا الكيان الخليجي الواحد. والله مازالت ذكرى ما فعله المرحوم البطل الملك فيصل تقض منام كثير منهم، ويخشون أن يأتي يوم يتكرر فيه السيناريو.
إن كان الاتحاد الخليجي فكرة خيالية لن تتحقق، فلماذا تتعب الجوقة الإعلامية الصفوية نفسها في استهدافه بمقالات وتحليلات وتصريحات هدفها الرئيس التقليل منه واستصغار دوره؟!
خذوها قاعدة، أي صراخ يصدر من حناجر تدين بالولاء والطاعة لإيران، تمعنوا في مضمونه واقلبوه وطبقوا عكسه تماماً، فما يستهدفونه هو ما يخشونه.
نأمل أن يأتي يوم نرى فيه هذه الوحدة الخليجية بشكل أقوى، وحينما يعلن قيام الاتحاد سنرى من كان يستهدفه بأي صورة من الصور بالأخص ممن يحلم بيوم تحكم فيه إيران المنطقة، سنرى كيف يتحول من خطاب «السخرية» إلى خطاب «النواح والتوجس».
نعم، لربما مجلس التعاون الخليجي «يحتضر»، لكن احتضار ينتج عنه ولادة اتحاد خليجي يهدف لتثبيت دعائم أمن واستقرار الدول الخليجية ويحميها من أية استهدافات ناتجة عن صفقات التقارب «المشبوه» القائمة على المصالح ولا شيء آخر.
لسنا بصدد الحديث عن عطوان ومضامين مقالاته، فهو حر في آرائه، ولسنا أيضاً بصدد الحديث عن الموقف العماني، فسلطنة عمان تبقى جارة شقيقة وأهلها إخوة كرام نكن لهم الحب والاحترام.
إنما الحديث هنا عن هذا «الاتحاد الخليجي»، هذا التوصيف الذي منذ أعلن عنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكثير من الأطراف «تضع يدها على قلبها»، وكثير منهم وهناك جهات هنا في الداخل البحريني تحاول «مستميتة» أن «تقلل من شأن» المسألة، وتحاول أن «تلمز» و«تغمز» تارة، وتارة أخرى «تستهزئ»، بيد أن كل ردود الفعل هذه ليست مبنية على «استبعاد تحقيق الفكرة»، بل على العكس «خوف وقلق» من تطبيقها واقعاً، بالأخص لمن هواه يتجه شمالاً تجاه إيران.
وضعية بعض دول الخليج تختلف عن وضعية عمان على سبيل المثال، فالأخيرة علاقتها بإيران جيدة ولا توجد توترات، وإن كانت سابقاً بشأن الممرات البحرية فهم توصلوا إلى اتفاقات و«هدن» واضح نتاجها مؤخراً، ولا يمكن أن تلام عمان في سياساتها إن كانت تتخذها بناء على مصلحتها فهذا ديدن العالم كله، بيد أن العتب من الإخوان الخليجيين هو على عدم توحد جميع الأشقاء في شأن الفكرة.
عطوان يقول بأن مجلس التعاون «يحتضر»، وبغض النظر عن كونها جملة تعبر عن «أماني» كثيرين، يريدون لدول الخليج أن تتشرذم وتتفكك، إلا أن بناءه هذا التوصيف يأتي على معطيات تاريخية تدخل في سياقها كثير من الملفات التي كان من المفترض أن تتوحد منذ ثلاثة عقود على مختلف الأصعدة، دون أن يكون هناك انتظار لتهديدات إقليمية صريحة حتى يكون التوحد في أساسه عسكرياً وأمنياً.
كثيرون من «يحلمون» بأن تتقاتل حتـى دول الخليج فيما بينها، كثيرون يريدون أن يتفكك حتى مجلس التعاون لتسهـــل بالتالـــي عملية «ابتلاع الخليج» أمـــام إيران، هذه حقيقة وواقع لا يمكن نكرانه، إذ إن كان العكس فلماذا يتضايقون من فكرة «الاتحاد الخليجي»؟! لماذا الهجوم على السعودية يستمر إعلامياً وسياسياً باعتبارها صاحبة الفكرة؟!
المسألة أبعد وأخطر من تجمع دول تتشارك في قواسم عديدة، المسألة معنية بتقوية كيان خليجي لو كانت الجهود منصبة منذ عقود لتقويته بشكل فاعل لما وصلنا لمرحلة نرهن مصير المنطقة على «مغازلة» أمريكية إيرانية هنا، أو تقارب منفرد مع نظام الملالي من هناك.
رغم ذلك، ومع كل محاولات ضرب وحدة الخليج حتى على المستوى «المعنوي»، علينا أن ندرك اليوم كدول خليجية وشعوب مؤمنة بعروبتها وانتمائها للخليج «العربي» لا «الفارسي»، أن هذا الاتحاد هو ما يمكنه تغيير معادلة توزيع القوى، هو ما يمكنه درء كثير من الأخطار عن دول الخليج العربي، هو تكتل سيجعل من يخطط اليوم ويحلم بالتغلغل داخل المنطقة يعيد حساباته مرات ومرات.
نعرف تماماً أن هناك «شوائب» في بعض العلاقات، أن هناك حساسيات في بعض الملفات، وأن هناك رغبات لدى البعض في العزف المنفرد، لكن كل ذلك لا يمنع من تشكيل اتحاد قوي يتحالف أعضاؤه في أخطر وأهم الملفات والتي تعنى بأمن واستقرار دول الخليج العربي.
في بريطانيا والغرب ينظر لفكرة الاتحاد الخليجي على أنها خطوة جبارة إن حصلت فستجبر الغرب على تغيير تعاطيه مع دول الخليج وستفرض عليه أساليب تعامل جديدة باتجاه تعديل السياسات بما لا يغضب هذا الكيان الخليجي الواحد. والله مازالت ذكرى ما فعله المرحوم البطل الملك فيصل تقض منام كثير منهم، ويخشون أن يأتي يوم يتكرر فيه السيناريو.
إن كان الاتحاد الخليجي فكرة خيالية لن تتحقق، فلماذا تتعب الجوقة الإعلامية الصفوية نفسها في استهدافه بمقالات وتحليلات وتصريحات هدفها الرئيس التقليل منه واستصغار دوره؟!
خذوها قاعدة، أي صراخ يصدر من حناجر تدين بالولاء والطاعة لإيران، تمعنوا في مضمونه واقلبوه وطبقوا عكسه تماماً، فما يستهدفونه هو ما يخشونه.
نأمل أن يأتي يوم نرى فيه هذه الوحدة الخليجية بشكل أقوى، وحينما يعلن قيام الاتحاد سنرى من كان يستهدفه بأي صورة من الصور بالأخص ممن يحلم بيوم تحكم فيه إيران المنطقة، سنرى كيف يتحول من خطاب «السخرية» إلى خطاب «النواح والتوجس».
نعم، لربما مجلس التعاون الخليجي «يحتضر»، لكن احتضار ينتج عنه ولادة اتحاد خليجي يهدف لتثبيت دعائم أمن واستقرار الدول الخليجية ويحميها من أية استهدافات ناتجة عن صفقات التقارب «المشبوه» القائمة على المصالح ولا شيء آخر.