مع انطلاقة مجلس التعاون الخليجي في العام 1981م، تزايدت طموحات المواطنين الخليجيين بتأسيس كيان خليجي يحمل صيغاً اتحادية تحقق الكثير من الإنجازات السياسية والأمنية والتنموية التي تجعل من منطقة الخليج العربي الغنية بالنفط منطقة قوة وتأثير وردع، لكن الطموحات كانت أقرب إلى الرومانسية منها إلى الواقعية إذا قورنت بإنجازات المجلس المتواضعة في هذا الصدد.
في البيان الختامي للقمة الأخيرة كانت البنود المتعلقة بتفعيل مجالات التنسيق والاتحاد لا تتجاوز الدعوة إلى تفعيل القوانين الخاصة بهذا الشأن ومتابعة سبب البطء في تفعيل بعضها. ولم يحمل البيان أية قرارات جديدة لمجالات تنسيق جديدة، ولم يعلن في القمة عن أي مشروع تنسيقي جديد بين دول الخليج. وكان الحاضر الأكبر في البيان الختامي موقف دول الخليج من القضايا الخارجية مثل القضية السورية والملف النووي الإيراني والوضع في مصر.
وكانت سلطنة عمان قد أعلنت في خطوة استباقية رفضها الانضمام إلى أي صيغة اتحادية بين دول المجلس وأنها سنتسحب من المجلس حال مناقشة الموضوع، لكن الموقف العماني لم يكن الموقف الأول الذي يضع العصا في عجلة الاتحاد، فقد عرقل البدء في عملية إصدار العملة الخليجية الموحدة الخلاف الذي دب بين بعض الدول الخليجية حول استضافة مقر البنك المركزي أو الجهة المالية التي ستكون مسؤولة عن الموضوع.
وفي اجتماع قمة خليجية سابقة (قريبة) أعلن أحد وزراء الخارجية الخليجيين أن الوقت لايزال باكراً لمناقشة موضوع الاتحاد؛ أي أنه بعد مضي أكثر من ثلاثين عاماً لاتزال فكرة الاتحاد فكرة غير مطروحة في القمم الخليجية.
إن حال القمم الخليجية أصبح يذكرنا بحال القمم العربية، وصار حال الاثنين يؤرقنا بنهاية قمم مجلس التعاون العربي الذي كان يضم العراق ومصر والأردن واليمن ثم انفرط عقده وانتهى. بعض التحليلات السياسية تشير إلى أن ارتكاز تأسيس مجلس التعاون على ردة فعل دول الخليج العربي تجاه الثورة الإيرانية ونشوب الحرب العراقية الإيرانية أكثر من ارتكازه على المقومات الخليجية المشتركة هو الذي جعل دور المجلس وتأثيره قائماً على ردة الفعل تجاه القضايا المختلفة أكثر من قيامه على المبادرة والاستراتيجيات. وربما يسند هذا الرأي ما لجأت إليه دول الخليج حين اضطرب الوطن العربي بالفوضى التي دبت فيه أثناء عواصف ما سمي بالربيع العربي، حيث دعا المجلس كلاً من الأردن والمغرب للانضمام إليه دون سابق تخطيط أو تفسير. الوقت مازال باكراً فعلاً لمناقشة موضوع الاتحاد الخليجي بل إنه ربما يكون قد تراجع عن الأولويات، فسياسات بعض دول الخليج أخذت تبتعد عن التنسيق في السنوات الأخيرة، فقطر لها مواقفها المستقلة تجاه القضايا العربية والخليجية ولها أجنداتها الخاصة أيضاً، وسلطنة عمان عاكفة على التنمية الذاتية وتنتهج دبلوماسية خارجية محايدة في معظم القضايا الخليجية الحساسة مثل الموقف من إيران، والبحرين والسعودية أكثر انشغالاً بالتأثيرات السياسية الخارجية على أوضاعهما الداخلية، وكل ذلك مؤشرات على أن الرؤى الفردية لدول الخليج هي في مقدمة برنامج عمل كل دولة، وأن الرؤية المشتركة قد تكون غائبة وليست في حسابات دول الخليج الاستراتيجية.
والمواطن الخليجي المؤمن بأن الاتحاد الخليجي بأي صيغة كانت هو أمل المنطقة في الخروج من الكثير من أزماتها وفي تخطي التهديدات المختلفة، بدأ ينظر إلى القمم الخليجية باعتبارها مناسبات احتفالية لا تقدم له جديداً في واقع حياته، فهل تبادر دول الخليج في رسم خارطة اتحاد أو تنسيق اقتصادي وسياسي واستراتيجي يحميها من مفاجآت المستقبل، أم تنتظر زلزالا آخر يضرب بأمن الخليج العربي مثل حرب حقيقية مع إيران أو موجة اضطرابات سياسية أخرى في الوطن العربي كي تعيد فتح ملف الاتحاد من جديد؟!
{{ article.visit_count }}
في البيان الختامي للقمة الأخيرة كانت البنود المتعلقة بتفعيل مجالات التنسيق والاتحاد لا تتجاوز الدعوة إلى تفعيل القوانين الخاصة بهذا الشأن ومتابعة سبب البطء في تفعيل بعضها. ولم يحمل البيان أية قرارات جديدة لمجالات تنسيق جديدة، ولم يعلن في القمة عن أي مشروع تنسيقي جديد بين دول الخليج. وكان الحاضر الأكبر في البيان الختامي موقف دول الخليج من القضايا الخارجية مثل القضية السورية والملف النووي الإيراني والوضع في مصر.
وكانت سلطنة عمان قد أعلنت في خطوة استباقية رفضها الانضمام إلى أي صيغة اتحادية بين دول المجلس وأنها سنتسحب من المجلس حال مناقشة الموضوع، لكن الموقف العماني لم يكن الموقف الأول الذي يضع العصا في عجلة الاتحاد، فقد عرقل البدء في عملية إصدار العملة الخليجية الموحدة الخلاف الذي دب بين بعض الدول الخليجية حول استضافة مقر البنك المركزي أو الجهة المالية التي ستكون مسؤولة عن الموضوع.
وفي اجتماع قمة خليجية سابقة (قريبة) أعلن أحد وزراء الخارجية الخليجيين أن الوقت لايزال باكراً لمناقشة موضوع الاتحاد؛ أي أنه بعد مضي أكثر من ثلاثين عاماً لاتزال فكرة الاتحاد فكرة غير مطروحة في القمم الخليجية.
إن حال القمم الخليجية أصبح يذكرنا بحال القمم العربية، وصار حال الاثنين يؤرقنا بنهاية قمم مجلس التعاون العربي الذي كان يضم العراق ومصر والأردن واليمن ثم انفرط عقده وانتهى. بعض التحليلات السياسية تشير إلى أن ارتكاز تأسيس مجلس التعاون على ردة فعل دول الخليج العربي تجاه الثورة الإيرانية ونشوب الحرب العراقية الإيرانية أكثر من ارتكازه على المقومات الخليجية المشتركة هو الذي جعل دور المجلس وتأثيره قائماً على ردة الفعل تجاه القضايا المختلفة أكثر من قيامه على المبادرة والاستراتيجيات. وربما يسند هذا الرأي ما لجأت إليه دول الخليج حين اضطرب الوطن العربي بالفوضى التي دبت فيه أثناء عواصف ما سمي بالربيع العربي، حيث دعا المجلس كلاً من الأردن والمغرب للانضمام إليه دون سابق تخطيط أو تفسير. الوقت مازال باكراً فعلاً لمناقشة موضوع الاتحاد الخليجي بل إنه ربما يكون قد تراجع عن الأولويات، فسياسات بعض دول الخليج أخذت تبتعد عن التنسيق في السنوات الأخيرة، فقطر لها مواقفها المستقلة تجاه القضايا العربية والخليجية ولها أجنداتها الخاصة أيضاً، وسلطنة عمان عاكفة على التنمية الذاتية وتنتهج دبلوماسية خارجية محايدة في معظم القضايا الخليجية الحساسة مثل الموقف من إيران، والبحرين والسعودية أكثر انشغالاً بالتأثيرات السياسية الخارجية على أوضاعهما الداخلية، وكل ذلك مؤشرات على أن الرؤى الفردية لدول الخليج هي في مقدمة برنامج عمل كل دولة، وأن الرؤية المشتركة قد تكون غائبة وليست في حسابات دول الخليج الاستراتيجية.
والمواطن الخليجي المؤمن بأن الاتحاد الخليجي بأي صيغة كانت هو أمل المنطقة في الخروج من الكثير من أزماتها وفي تخطي التهديدات المختلفة، بدأ ينظر إلى القمم الخليجية باعتبارها مناسبات احتفالية لا تقدم له جديداً في واقع حياته، فهل تبادر دول الخليج في رسم خارطة اتحاد أو تنسيق اقتصادي وسياسي واستراتيجي يحميها من مفاجآت المستقبل، أم تنتظر زلزالا آخر يضرب بأمن الخليج العربي مثل حرب حقيقية مع إيران أو موجة اضطرابات سياسية أخرى في الوطن العربي كي تعيد فتح ملف الاتحاد من جديد؟!