يفترض أن كثيراً من المسؤولين أصبح يلاحظ أن المواطن البحريني وصل لمرحلة بات فيها لا يتقبل أي شيء، لا يتفاعل مع أي فكرة أو طرح طالما هي لا تعني تحقيق فائدة «حقيقية» له، بات يستاء من أول كلمة تقال في جملة مغزاها بصريح العبارة إن «لا رقم» سيتحرك في وضع المواطن.
نعم المواطن صار رهينة «لعبة الأرقام»، ولا تلوموه أبداً، بل لوموا من أوصله لهذه الحالة، إذ الأرقام بالنسبة للناس باتت تشكل «الفيصل» في أي عملية، هي التي تحكم على المشاريع الموجهة للناس (يفترض موجهة لهم) بالفشل أو النجاح، هي التي باتت توجه ردة فعل الناس وتتحكم فيها.
المواطن عاش طوال عشرة أعوام وهو يراقب أرقاماً بالملايين تهدر أمامه وتوثق في ديوان الرقابة المالية، في مقابل أن لا إجراء يتخذ بحق من تسبب بهذا الهدر. عاش المواطن عشرة أعوام وهو ينتظر «رقماً مؤثراً» في راتبه، ينتظر «رقماً يشرف» في مجموع متوسط دخله، لكنه لم يجد إلا أرقاماً ضئيلة، أو أرقاماً بالسلب تؤخذ من مدخوله، ويضاف عليها اليوم أنه رأى رقماً خرافياً -بالنسبة للمواطن- مقداره عشرة مليارات دولار، لا يطال «جيب» المواطن ولا «راتبه» ولا «علاواته» ولا «بدلاته» صفراً على الشمال منها بذريعة أنها توجه لمشاريع هي نتاج تفكير المسؤولين لا نتاج الاستماع لهموم الناس وبناء الأولويات عليها.
هناك من لا يعجبه هذا الكلام، يقول بصيغة استعلائية بأن المواطن طماع وجاحد ويريد الفلوس ولا شيء آخر، يقول بأن المواطن يهمه جيبه ولا تهمه مصلحة البلد، وهنا تكمن الكارثة، وأعني إضافة لاتهام المواطن فإن المصيبة هي في «تعريف واضح» لما يعنونه بـ»مصلحة البلد».
حينما يقول قادة البلد بأن المواطن هو محور الاهتمام وأن العمليات يجب أن تتمحور عليه ويجب أن توجه لتخدمه وتحقق له الرفاه والعيش الكريم، فإن المصلحة العامة تعني مصلحة المواطن هذه، لكن المصيبة حينما يرى البعض بالأخص المسؤولين وكثير منهم يعمل في واد بمنأى عن حقيقة ما يريده الناس، وكثير منهم يده في الماء بخلاف المواطن الذي يده في النار، المصيبة حينما يرى هؤلاء بأن المصلحة العامة تعني إقامة مشاريع بل واستحداث مشاريع بناء على أفكار وتفتقات ذهنية هي بالنسبة للمواطن ليست أولوية بل عبئاً على الميزانية التي هي العدو اللدود للناس اليوم.
هنا من حق المواطن أن ينظر لـ«الأرقام»، من حقه أن يسأل عن نصيبه منها، ولا يعاب عليه إن توجس خيفة من أي أفكار جديدة أو توجهات جديدة تتحدث عن تغيير في استراتيجيات أو أساليب بعضها «مبهـــم» وبعضهـــــا لا يستوعبـــــه المواطن نظراً لتعقيداته لكنه يخلص بخلاصة واحدة تتمثل بأن هذه الأمور كلها ستأتي على حسابه.
لكن كيف سيسأل المواطن عن الأرقام؟! سؤال إجابته تقود لكارثة أخرى، حيث إن صوت الناس يجب أن يكون عبر نوابه الذين انتخبهم، والذين لا نجمعهم على مقياس واحد هنا، فهناك من تكلم حتى بح صوته، وهناك من هو نائم في العسل ولن يستيقظ إلا مع موسم الانتخابات القادمة، وبعضهم لن يستيقظ أبداً إن كان ممن أكملوا دورتين انتخابيتين ما يعني راتباً تقاعدياً بنسبة 80%.
ما نعانيه هو تضخم الشعارات، هو تزايد الوعود، مع «العشم» الدائم للناس بأن القادم سيكون أفضل، بأن الوضع المعيشي سيتحسن، بأن مستوى الأجور سيزيد، لكنها وللأسف تظل شعارات، إذ بمقارنتها على أرض الواقع يتضح بأن لتحقيقها نحتاج أصلاً لإيمان بها، وعمل صادق مخلص لتكون واقعاً يحس به الناس.
إلى أن يتحقق للمواطن شيء يسير من طموحاته ومطالبه المعيشية، فإن من حق الناس، بل من واجبها أن تسأل عن كل فلس يتجه في مكان خاطئ، من حقها أن تحاسب من يستهتر، ومن حقها أن تصرخ مطالبة بوقف «تجاهل» من يفترض بأن يكون «المحور الأول» لكل العمليات و«أساس» حراك الدولة.
أموال الدولة، تعني أموال الشعب، تعني خدمات أفضل واقع أحسن، ومستقبل يدعو للتفاؤل، فهل هذا ما نعيشه اليوم؟!
حتى نحل أي مشكلة، يجب أولاً امتلاك الشجاعة للاعتراف بوجودها وتحديد أسبابها، وأن توجد النية الصادقة لحلها.
ربنا يصلح حال البلاد والعباد.
نعم المواطن صار رهينة «لعبة الأرقام»، ولا تلوموه أبداً، بل لوموا من أوصله لهذه الحالة، إذ الأرقام بالنسبة للناس باتت تشكل «الفيصل» في أي عملية، هي التي تحكم على المشاريع الموجهة للناس (يفترض موجهة لهم) بالفشل أو النجاح، هي التي باتت توجه ردة فعل الناس وتتحكم فيها.
المواطن عاش طوال عشرة أعوام وهو يراقب أرقاماً بالملايين تهدر أمامه وتوثق في ديوان الرقابة المالية، في مقابل أن لا إجراء يتخذ بحق من تسبب بهذا الهدر. عاش المواطن عشرة أعوام وهو ينتظر «رقماً مؤثراً» في راتبه، ينتظر «رقماً يشرف» في مجموع متوسط دخله، لكنه لم يجد إلا أرقاماً ضئيلة، أو أرقاماً بالسلب تؤخذ من مدخوله، ويضاف عليها اليوم أنه رأى رقماً خرافياً -بالنسبة للمواطن- مقداره عشرة مليارات دولار، لا يطال «جيب» المواطن ولا «راتبه» ولا «علاواته» ولا «بدلاته» صفراً على الشمال منها بذريعة أنها توجه لمشاريع هي نتاج تفكير المسؤولين لا نتاج الاستماع لهموم الناس وبناء الأولويات عليها.
هناك من لا يعجبه هذا الكلام، يقول بصيغة استعلائية بأن المواطن طماع وجاحد ويريد الفلوس ولا شيء آخر، يقول بأن المواطن يهمه جيبه ولا تهمه مصلحة البلد، وهنا تكمن الكارثة، وأعني إضافة لاتهام المواطن فإن المصيبة هي في «تعريف واضح» لما يعنونه بـ»مصلحة البلد».
حينما يقول قادة البلد بأن المواطن هو محور الاهتمام وأن العمليات يجب أن تتمحور عليه ويجب أن توجه لتخدمه وتحقق له الرفاه والعيش الكريم، فإن المصلحة العامة تعني مصلحة المواطن هذه، لكن المصيبة حينما يرى البعض بالأخص المسؤولين وكثير منهم يعمل في واد بمنأى عن حقيقة ما يريده الناس، وكثير منهم يده في الماء بخلاف المواطن الذي يده في النار، المصيبة حينما يرى هؤلاء بأن المصلحة العامة تعني إقامة مشاريع بل واستحداث مشاريع بناء على أفكار وتفتقات ذهنية هي بالنسبة للمواطن ليست أولوية بل عبئاً على الميزانية التي هي العدو اللدود للناس اليوم.
هنا من حق المواطن أن ينظر لـ«الأرقام»، من حقه أن يسأل عن نصيبه منها، ولا يعاب عليه إن توجس خيفة من أي أفكار جديدة أو توجهات جديدة تتحدث عن تغيير في استراتيجيات أو أساليب بعضها «مبهـــم» وبعضهـــــا لا يستوعبـــــه المواطن نظراً لتعقيداته لكنه يخلص بخلاصة واحدة تتمثل بأن هذه الأمور كلها ستأتي على حسابه.
لكن كيف سيسأل المواطن عن الأرقام؟! سؤال إجابته تقود لكارثة أخرى، حيث إن صوت الناس يجب أن يكون عبر نوابه الذين انتخبهم، والذين لا نجمعهم على مقياس واحد هنا، فهناك من تكلم حتى بح صوته، وهناك من هو نائم في العسل ولن يستيقظ إلا مع موسم الانتخابات القادمة، وبعضهم لن يستيقظ أبداً إن كان ممن أكملوا دورتين انتخابيتين ما يعني راتباً تقاعدياً بنسبة 80%.
ما نعانيه هو تضخم الشعارات، هو تزايد الوعود، مع «العشم» الدائم للناس بأن القادم سيكون أفضل، بأن الوضع المعيشي سيتحسن، بأن مستوى الأجور سيزيد، لكنها وللأسف تظل شعارات، إذ بمقارنتها على أرض الواقع يتضح بأن لتحقيقها نحتاج أصلاً لإيمان بها، وعمل صادق مخلص لتكون واقعاً يحس به الناس.
إلى أن يتحقق للمواطن شيء يسير من طموحاته ومطالبه المعيشية، فإن من حق الناس، بل من واجبها أن تسأل عن كل فلس يتجه في مكان خاطئ، من حقها أن تحاسب من يستهتر، ومن حقها أن تصرخ مطالبة بوقف «تجاهل» من يفترض بأن يكون «المحور الأول» لكل العمليات و«أساس» حراك الدولة.
أموال الدولة، تعني أموال الشعب، تعني خدمات أفضل واقع أحسن، ومستقبل يدعو للتفاؤل، فهل هذا ما نعيشه اليوم؟!
حتى نحل أي مشكلة، يجب أولاً امتلاك الشجاعة للاعتراف بوجودها وتحديد أسبابها، وأن توجد النية الصادقة لحلها.
ربنا يصلح حال البلاد والعباد.