تم إعلان 16 نوفمبر من العام 1966؛ يوماً عالمياً للتسامح بدعوة وجهتها الجمعية العامة للأمم المتحدة للدول الأعضاء. باعتبار أن التسامح لا بد أن يكون شريعة الدول، ولكن ما يجهله الكثيرون أن التسامح ولد مع خلق البشرية. عندما أخرج الله تعالى سيدنا آدم وزوجته من الجنة عقاباً لهما لأنهما سمعا كلام الشيطان.. وبعد أن استدرك ابونا آدم فظاعة الذنب الذي اقترفه استغفر ربه وطلب منه السماح وهكذا تم وصار.
فالمسامحة صفة من صفات الله لم يخصها بذاته فقط وإنما وهبها لعباده أيضاً، فهذا يعني أن التسامح ليس وليد الساعة؛ بل هو من يوم خلق البشرية وقبلها. لذلك نجد الأديان السماوية جميعها تعتبر التسامح أحد دعائمها الأساسية.
ولكن كيف لنا أن نسامح أنفسنا ونحن واقفون مترقبون ساكتون عاجزون عن فعل أي مبادرة لوقف العواصف الدموية التي تهب كل يوم على بلادنا العربية؟
أيعقل أن تكون آذاننا صمت وتروضت على سماع هذا الكم الهائل من الموتى والمتشردين من ديارهم النازحين لمكان مجهول، وهم لا يعلمون إن كان مرحباً بهم في البلد المستضيف أو سيكونون الطرقات مفترشين؟ وعن لقمة العيش في حاويات القمامة باحثين؟ أيعقل أن تتحول المواضيع الإنشائية التي كنا نأخذها في المرحلة الابتدائية في وصف لحياة الإنسان الأولية في العصور الحجرية وذلك لتحسيسنا بقيمة الحياة العصرية والنعم الكبيرة المغدقين بها من هنا وهناك يتحول الموضوع الإنشائي بالصيغة الحقيقة لتكبير عقولنا الفتية في الصفوف الابتدائية وتقديرنا للنعم السخية المغدقين بها؛ في وصفٍ للحياة البدائية كيف كان الإنسان القديم يسكن الكهوف في اوقات البرد القوية ويشعل النار بضرب الخشب بالحجر ويعود ليخرج ويفترش عشب الأرض ويتلحف السماء في أجواء الشمس الندية ويأكل من حشائش الأرض أصبحنا نشاهده ونعيشه في الألفية الثالثة!
فأي تسامح ممكن أن نطالب به أو نقدمه؛ أن نقول لمن كتب على شعبه الذل والقهر والتشرد؛ معليش حقك علينا؛ أنت بالخطأ أخذت قرارا خاطئاً.
الشعب السوري ناشد ويناشد ومازال يناشد وينتظر نظرة شفقة من الناس الأجاويد في أن يتكرموا عليه بقليل من الأموال والملابس والبطانيات، فبهذه المساعدات المبدئية نكون بنظرنا قدمنا حلولاً ذهبية ذات قيمة نوعية، ولكن ما ينظرون إليه هو حياة خالية من أصوات المدافع الرعدية والرصاصات العشوائية؛ يتمنون أن يرجعوا إلى ديارهم إلى مساكنهم إلى كهوفهم بأمان. ألا يستحقون كغيرهم من الناس أن ينعموا بحياة خالية من الانتهاكات؟!