بعيداً عن المماحكات الإعلامية، نسأل بجدية تامة كيف ممكن أن تساعدنا الحكومة البريطانية في حربنا ضد الإرهاب؟ الحكومة البريطانية حين أعلنت على لسان أكثر من مسؤول أنها ضد العنف وإلارهاب الذي تتعرض له البحرين فإنها تقر بأن ما تتعرض له البحرين يعد إرهاباً، لكن يحيرنا فعلاً كيف أن بيانات تروج لإعلانات «للجهــــاد الإسلامي» يصــدرها أشخــــاص يحملون الجنسية البريطانية أو يتمتعون بالحماية البريطانية دون أن تتخذ الحكومة البريطانية أية إجراءات قانونية ضد أصحابها رغم ما يترتب على تلك البيانات من أعمال إرهابية و يقع على إثرها ضحايا فكيف يستقيم الأمران و أي من الموقفين نعتمد؟
بالتأكيد تتابع السفارة ظاهرة «لبس الأكفـــان» المصاحبة للأعمال الإرهابيــــة المتكررة والتي نراها منذ ثلاث سنوات عند الشباب الشيعي الذي يقوم بالأعمــال الإرهابية، إذ إن صورها وأشرطتها تعرض على جميع وسائل التواصل الاجتماعي في الحال وقت وقوع الجريمة، حيث يقوم الشباب بتصوير تلك العمليات وتوثيقها، وآخرها كان شريط «نداء زينب ببلدة الدير» الذي هاجم فيه شباب يلبسون الأكفان دورية الشرطة يوم 8 مارس الحالي وبالإمكان العودة له على اليوتيوب.
الملفت للنظر أن هذه العملية الإرهابية جاءت بعد ثلاثة أيام من صدور بيان «للتيار الرسالي» وقياداته البريطانية والذي يهنئ فيه الشباب على مقتل ثلاثة من رجال الأمن البحرينيين ودعا البيان للجهاد ونصه:
{لكن الرسول والذين ءامنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون} (التوبة/88 ) .... (إن تيارنا الرسالي يشيد وبفخر عالٍ بكل عمليات المقاومة النوعية المتصاعدة في البحرين ويعتبرها ضرورة واقعية ومنطلقة من شرعية الدين الإسلامي الذي حث على جهاد الظالمين ورد عدوانهم، واعتبر الدفاع عن الأنفس والأعراض والممتلكات حق مشروع. بل أن مبدأ الثورة والجهاد ضد الطغاة قد شرعه الله العلي الكبير في العديد من آياته، وهو منهج الأنبياء والأولياء العظام عند اقتدارهم كما قام بذلك التكليف الإلهي وحث عليه النبي موسى عليه السلام بدخول فلسطين وتحريرها وتحقق ذلك على يد وصيه يوشع بن نون، وكما قام بذلك التكليف الجهادي النبيان داوود وسليمان عليهما السلام وقام به الولي الصالح ذو القرنين. وهو منهج ملاحم النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي والإمامين الحسن والحسين عليهم السلام وأبنائهم المجاهدين من بعدهم) وأضاف البيان (إن القوى الجهادية في البحرين (ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير وسرايا الأشتر والشعبية والمختار) لهي خير قوى مؤمنة نبعت لمواجهة واقع القهر والظلم والإرهاب الخليفي وهي تسترشد بنور الله العظيم ولها شرعية أمضاها ويسددها فقهاء عظام) .. وإن تيارنا الرسالي يشيد بالمواقف والفعاليات المشتركة للقوى الثورية الست (الائتلاف والعمل وحق ووفاء والأحرار وخلاص) ويعتبرها الخطوة الصحيحة للوصول إلى مجلس أعلى لقيادة الثورة في البحرين، ويدعو إلى تصعيد الثورة والمقاومة في كل المدن والأحياء) انتهى الاقتباس
لا يخفاكم أن هذه حرب دينية جهادية تدعو للاستشهاد و لبس الأكفان و تقودها شخصيات تعتبر قيادات للحركات الست معروفة للحكومة البريطانية فإن لم يكن بعضها حاملاً للجنسية البريطانية فإن بعضها الآخر طالب للجوء السياسي ويتمتع بالحماية، فما هي الإجراءات التي يجب أن تتعاون فيها البحرين مع بريطانيا كي تمنع فيها هذه الجرائم؟
إعلانات الجهاد دفعت العديد من الشباب الشيعي للقتال في سوريا ولا يخفى عليكم أن هناك عدداً من البحرينيين انضموا إلى حركة ما يسمى (بالنجباء) وقتل منهم 8 مع مجموعة سعودية وكويتية بدعوى الجهاد والحرب الدينية ولبس الأكفان أيضاً أعلن ذلك هاشم النجيب قائد لواء عمار بن ياسر الذي شيع جثامين القتلى في العراق في مايو 2013. كما أن لبس الأكفان كرمز للجهاد الإسلامي ليس حصراً على التيار الرسالي فحتى جمعية الوفاق التي تتمتع بعلاقة طيبة مع بريطانيا استخدمت هذه الرمزية في بعض دعواتها للتجمع كتلك الصورة التي نشرتها على موقعها الرسمي ودعت فيها لتلبية نداء الثورة يوم 13 فبراير العام العام الماضي وبها طفل ورجل يلبسان الكفن!
وعلاقة العديد من البريطانيين من أصول بحرينية بإيران الذين يحثون على العنف والإرهاب لم يكتشفها إعلامكم فجأة حين تحدث عن سعيد الشهابي على سبيل المثال فتلك معلومات معروفة وعلنية، والعديد العديد من الأمثلة التي توضح طبيعة الحراك المضاد للبحرين الذي ينطلق من الأراضي البريطانية.
ليست البحرين فقط من يتضرر اليوم من المجموعات الجهادية الشيعية بل دول الخليج كافة، نحن نواجه حرباً دينية جهادية بلا مواربة ودعاة هذه الحرب هم بريطانيون وإن كانوا ذوي أصول بحرينية فكيف تريدنا يا سعادة السفير أن نتعامل مع هذا الوضع بعيداً عن المماحكات الإعلامية؟ أليس من الأجدى أن تضع الحكومة البريطانية يدها في يد حكومة البحرين وحكومات المنطقة لمعالجة هذا الوضع بدلاً من إنكاره والاكتفاء ببينات الإدانة؟
لقد بذلتم جهداً مشكوراً في إقناع جمعية الوفاق بتهذيب خطابها و بالابتعاد – ولو شكلياً ومؤقتاً - عن الجماعات الراديكالية تمهيداً لجولات الحوار، ولكن بالمقابل فإن تلك الجماعات التي تطالبون الوفاق بالابتعاد عنها تتخذ من لندن قاعدة انطلاق لها، فما هي الرسالة التي ستصل لأطراف الحوار جراء هذه الازدواجية؟
شعب البحرين و ليس الصحافة هو من يطالب الحكومة البريطانية بتوضيح مواقفها ويمد يده للتعاون معها لحل هذه المعضلة المحيرة.