بعد مضي خمسين عاماً في ظل الطغيان والاستبداد وطمس كل معالم الحرية ومصادرتها، وتغييب كل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية انطلقت الثورة السورية من واقع مادي وسياسي وثقافي معقد، خاصة بعد ظهور الربيع العربي، وكان متوقعاً لسوريا أن تكون أولى الدول الثائرة، فإذا كانت الثورة التونسية ثورة كرامة، والثورة المصرية ثورة اقتصادية، والثورة الليبية ثورة سياسية، فإن الثورة السورية جاءت نتيجة كل تلك المشاكل مجتمعة.
منذ البداية خرج الشباب السوري مطالباً بالحرية وإسقاط النظام الاستبدادي، وكان عنوان الثورة «سوريا تريد الحرية» وخارج كل المؤطرات القومية والدينية والمذهبية صرخ السوريون تحت عنوان «واحد واحد الشعب السوري واحد».
قابل النظام الشباب بالقمع والاعتقال، وكان ينظر إلى الشباب الثائر على أنهم «دون كيشوت» الحالم الذي يحارب طواحين الهواء ناسياً أن الحالمين هم من يغيرون الواقع.
لم يستطع النظام إعادة الشباب إلى بيوتهم بالقوة، وكلما زاد إفراطاً في القتل والاعتقال ازداد الشعب إصراراً على المضي في طريق الحرية.
انطلق قطار الثورة، ولم يعد لدى النظام حل إلا بإخراجه عن مساره، فحاول تكريس الطائفية باستحضاره ميليشيات حزب الله والحرس الإيراني وأبو الفضل العباس، وارتكب المجازر تلو المجازر ليكون هناك رد فعل عارم.
حاول النظام أن يقسّم الشارع السوري وعمل جاهداً على تلوين الثورة بلون غير لونها إلى جانب عسكرة مسارها، وخطط ليجبر الشباب على حمل السلاح ووضع لهم البنادق في الجوامع دون أن ينجح بذلك أيضاً، فأفرط أكثر وأكثر في القتل والتعذيب وسياسة الأرض المحروقة.
وبالعودة إلى الوراء نرى أن إفراط النظام في قتله وتدميره وهمجيته هو من ولّد رد الفعل لحمل السلاح لتتعسكر الثورة بعد ستة أشهر من النضال السلمي للشعب المطالب بحريته.
بعد عسكرة الثورة وإنتاج النظام لداعش وغيرها من التنظيمات الراديكالية بقي النظام مستمراً في القتل بحجة محاربة «الإرهاب» تحت سمع وبصر العالم وارتكب أفظع المجازر ولم يترك سلاحاً إلا واستخدمه، كما هجّر النظام السوريين ودمر بيوتهم وأماكن رزقهم، وعمل جاهداً منذ اليوم الأول من عمر الثورة على كسب الوقت وإطالة الأزمة حتى يمّل الناس ويتعب الثوار.
شهداء ومعتقلون يموتون جوعاً بعد ممارسة النظام سياسة التجويع كل يوم وكل ساعة وكل لحظة في مناطق متفرقة.
نظام همجي لم ولن يفهم ولا يريد أن يفهم، يكرر أهازيج المقاومة وانتصاراته الكاذبة، ويكرر خطابه في محاربة «الإرهاب»، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً أيضاً أمام استمرار الحراك المدني والمظاهرات وأزيز رصاص الثوار الذي لطالما أرق نوم الأسد وقضّ مضجعه في ثلاث سنوات.
حاولنا تحقيق حلم اللاجئين والمهجرين بالعودة إلى أرض الوطن في مؤتمر «جنيف 2». وشاركت المعارضة في محاولة لإنهاء القتل والعنف، وعملت على إنجاح الحل السياسي نحو هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، إلا أن النظام أفشل «جنيف 2» بتمسكه بخطابه الممل المكرر، ولم يقدّم أي استحقاق أو التزام واستمر في اللغة الوحيدة التي يجيدها.. لغة القتل، بل بعد السلاح الكيماوي ابتدع البراميل المتفجرة بكل أحجامها لإرهاب السوريين بكل الطرق التي يجيدها.
ولأن السوريين كلهم كرامة وعنفوان، نعتمد على الشعب السوري العظيم الذي قرر تفعيل ودعم الحراك المدني واستمراره، وندعم كل خياراته في مختلف الحلول، ولن تظل الثورة تعاني بين رحى تجاذبات إقليمية ووسط مصالح دولية..
الثورة مستمرة والشعب السوري بعد أن قدم كل تلك التضحيات، وبعد ما بذله من دماء وما سطره من ملاحم بطولية لأعظم ثورة في التاريخ علّم العالم معنى التضحية في سبيل الحرية، وهو لن يتراجع عن أحلامه بالحرية والكرامة إلى أن يحقق النصر، وسيظل شعار «واحد واحد الشعب السوري واحد» الذي رفع في أول يوم من الثورة هو العنوان حتى النصر.
عن الشرق الأوسط
{{ article.visit_count }}
منذ البداية خرج الشباب السوري مطالباً بالحرية وإسقاط النظام الاستبدادي، وكان عنوان الثورة «سوريا تريد الحرية» وخارج كل المؤطرات القومية والدينية والمذهبية صرخ السوريون تحت عنوان «واحد واحد الشعب السوري واحد».
قابل النظام الشباب بالقمع والاعتقال، وكان ينظر إلى الشباب الثائر على أنهم «دون كيشوت» الحالم الذي يحارب طواحين الهواء ناسياً أن الحالمين هم من يغيرون الواقع.
لم يستطع النظام إعادة الشباب إلى بيوتهم بالقوة، وكلما زاد إفراطاً في القتل والاعتقال ازداد الشعب إصراراً على المضي في طريق الحرية.
انطلق قطار الثورة، ولم يعد لدى النظام حل إلا بإخراجه عن مساره، فحاول تكريس الطائفية باستحضاره ميليشيات حزب الله والحرس الإيراني وأبو الفضل العباس، وارتكب المجازر تلو المجازر ليكون هناك رد فعل عارم.
حاول النظام أن يقسّم الشارع السوري وعمل جاهداً على تلوين الثورة بلون غير لونها إلى جانب عسكرة مسارها، وخطط ليجبر الشباب على حمل السلاح ووضع لهم البنادق في الجوامع دون أن ينجح بذلك أيضاً، فأفرط أكثر وأكثر في القتل والتعذيب وسياسة الأرض المحروقة.
وبالعودة إلى الوراء نرى أن إفراط النظام في قتله وتدميره وهمجيته هو من ولّد رد الفعل لحمل السلاح لتتعسكر الثورة بعد ستة أشهر من النضال السلمي للشعب المطالب بحريته.
بعد عسكرة الثورة وإنتاج النظام لداعش وغيرها من التنظيمات الراديكالية بقي النظام مستمراً في القتل بحجة محاربة «الإرهاب» تحت سمع وبصر العالم وارتكب أفظع المجازر ولم يترك سلاحاً إلا واستخدمه، كما هجّر النظام السوريين ودمر بيوتهم وأماكن رزقهم، وعمل جاهداً منذ اليوم الأول من عمر الثورة على كسب الوقت وإطالة الأزمة حتى يمّل الناس ويتعب الثوار.
شهداء ومعتقلون يموتون جوعاً بعد ممارسة النظام سياسة التجويع كل يوم وكل ساعة وكل لحظة في مناطق متفرقة.
نظام همجي لم ولن يفهم ولا يريد أن يفهم، يكرر أهازيج المقاومة وانتصاراته الكاذبة، ويكرر خطابه في محاربة «الإرهاب»، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً أيضاً أمام استمرار الحراك المدني والمظاهرات وأزيز رصاص الثوار الذي لطالما أرق نوم الأسد وقضّ مضجعه في ثلاث سنوات.
حاولنا تحقيق حلم اللاجئين والمهجرين بالعودة إلى أرض الوطن في مؤتمر «جنيف 2». وشاركت المعارضة في محاولة لإنهاء القتل والعنف، وعملت على إنجاح الحل السياسي نحو هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، إلا أن النظام أفشل «جنيف 2» بتمسكه بخطابه الممل المكرر، ولم يقدّم أي استحقاق أو التزام واستمر في اللغة الوحيدة التي يجيدها.. لغة القتل، بل بعد السلاح الكيماوي ابتدع البراميل المتفجرة بكل أحجامها لإرهاب السوريين بكل الطرق التي يجيدها.
ولأن السوريين كلهم كرامة وعنفوان، نعتمد على الشعب السوري العظيم الذي قرر تفعيل ودعم الحراك المدني واستمراره، وندعم كل خياراته في مختلف الحلول، ولن تظل الثورة تعاني بين رحى تجاذبات إقليمية ووسط مصالح دولية..
الثورة مستمرة والشعب السوري بعد أن قدم كل تلك التضحيات، وبعد ما بذله من دماء وما سطره من ملاحم بطولية لأعظم ثورة في التاريخ علّم العالم معنى التضحية في سبيل الحرية، وهو لن يتراجع عن أحلامه بالحرية والكرامة إلى أن يحقق النصر، وسيظل شعار «واحد واحد الشعب السوري واحد» الذي رفع في أول يوم من الثورة هو العنوان حتى النصر.
عن الشرق الأوسط