الأسبوع الماضي، توترت الساحات التي يلتقي فيها الشباب البحريني والكويتي، سواء في الفيسبوك أو التويتر أو حتى في المقاهي حيث يعاقرون الشيشة، ولعل بعض النقاشات تطورت إلى حد تبادل الاتهامات بينما استغل البعض ما حدث لتأجيج الوضع. أما السبب فكان عرض صورة لرئيس النظام العراقي السابق صدام حسين في مهرجان الجاليات الذي تقيمه جامعة البحرين سنوياً ويشارك فيه الطلبة من مختلف الجنسيات.
ليس عرض الصورة فقط هو ما تسبب في كل ذلك التوتر، لكن رد فعل الطلبة العراقيين -ومعهم ربما آخرون من غير العراقيين- فور عرضها، ما أعطى انطباعاً بأنهم يحتفظون تجاهه بعواطف جياشة، وأنهم بعثيون، وأن هذا يعني أن أهاليهم أيضا بعثيون، وتم تفسير الأمر على أن البحرين تؤوي البعثيين وأنها بهذا الحفل لم تراع مشاعر دولة الكويت الشقيقة التي تربطها بالبحرين علاقات قوية وتمد لها دائماً يد العون والمحبة.
إثر الضجة التي حاول البعض استغلالها لتوتير العلاقة بين الدولتين الشقيقتين؛ قالت إدارة جامعة البحرين إن ما عرض في مهرجان الجاليات نشاط طلابي بحت وليس صادراً عن إدارة الجامعة. وهذا أمر أكيد لأن إدارات الجامعات في كل بلاد العالم لا تتدخل في النشاط الطلابي، وبالتالي فإنه لا يعبر عنها ولا عن مواقفها أو مواقف الدولة لأنه في كل الأحوال مجرد نشاط داخلي والجامعة لا تستطيع أن تتحكم في عواطف الطلبة ولا أن تمنعهم من التعبير عن أفكارهم وقناعاتهم. أما الأمر الأكيد أيضاً، فهو أن تصفيق وتصفير الطلبة بعضهم أو معظمهم لحظة عرض صورة صدام حسين ضمن صور الرؤساء السابقين الذين حكموا العراق كان تلقائياً وقام به الطلبة الذين لا يزالون في طور التشكل، أي أن أغلبهم أو لربما جميعهم تتغير بعد حين مواقفهم مائة وثمانين درجة من البعث ومن صدام حسين الذي لم يعد حاكماً ولا حياً يرزق، بل لعل بينهم من يأسف لاحقاً على تمجيده لصدام حسين في ذلك الحفل.
التبرير الذي نشرته جامعة البحرين على حسابها على التويتر وملخصه «أن عرض صورة الرئيس العراقي السابق صدام حسين جاء ضمن سياق محدد واقتطاعه من سياقه أعطى معنى مغايراً لما جاء فيه» تبرير منطقي ومقنع، حيث الأمر يشبه اقتطاع لقطة لمصارعين متشابكين في لحظة معينة ونشرها لتبدو وكأنها لقطة جنسية!
الجامعة قالت أيضاً إن «طلبة الجالية العراقية استعرضوا تاريخ جميع الرؤساء العراقيين منذ الملكية حتى اليوم»، وأكدت أن «ظهور صورة الرئيس العراقي السابق جاء في سياق استعراض طلبة الجالية العراقية لتطورات التاريخ العراقي المعاصر».
ما بين البحرين والكويت أكبر من كل هذا، وما حدث لا يعدو ممارسة طلابية في حفل للجاليات هو جزء من نشاط طلابي لا يعبر عن الجامعة ولا يعبر عن البحرين، وما حدث بعد التصفيق والتصفير لشخصية صارت جزءاً من التاريخ تم تأويله وتضخيمه واستغلاله بطريقة بشعة، والهدف منها واضح وضوح الشمس. أما كثرة التغريدات من شباب البحرين والكويت فأمر متوقع، خصوصاً أن أكثرهم تنقصه الخبرة الحياتية التي تعينه على استيعاب فكرة أنه من غير الممكن أن يكون الناس جميعاً في مستوى واحد من القناعات والاعتقادات والعواطف وردود الفعل، وأنه كما أن من حق هذا رفض هذا القائد أو الفكر فإن من حق الآخر قبول هذه الشخصية أو الفكر.
البحرين قيادة وحكومة وشعباً تكن إلى دولة الكويت كل التقدير والمحبة، وما بين الدولتين من أواصر لا يمكن أن يجرحه سوء فهم، فالمسألة أصغر من صغيرة ولم ترق إلى حد المشكلة ولكننا في زمن صار البعض يستغل كل حدث للإساءة إلى البحرين وعلاقاتها مع شقيقاتها.