استكمالاً لموضوع أمس... فإننا نخرج بنتيجة اقتصادية مفادها إلغاء الدعم بكافة صوره ومجالاته مهم ومطلوب، فهو سيوفر على الدولة حوالي مليار و200 مليون دينار سنوياً، لكن عدم شفافية الحكومة ممثلة في وزارة المالية، وعدم الاقتناع من قبل رجال المال والاقتصاد بأن الميزانية العامة للدولة شفافة وشاملة لكافة الإيرادات النفطية وغير النفطية، وعدم ثقة هؤلاء في أن المصروفات العامة، والمتكررة منها بالتحديد شاملة بالفعل لمصروفات الوزارات والمؤسسات والهيئات وغيرها من الدوائر الحكومية.
كل هذه، وما سيأتي لاحقاً، مضافاً إليه إصرار الحكومة على عدم فصل حسابات شركة بابكو عن حسابات وزارة المالية وهو ما يعني أن بابكو تتلقى مبلغاً مقطوعاً من وزارة المالية كل سنة كمصروفات، وأنها أي بابكو هي التي تدفع مبلغ دعم النفط والغاز من ميزانيتها أو مخصصها والذي يصل إلى أكثر من 960 مليون دينار، وهو ما يشكك أخيراً في المبلغ الإجمالي للدعم الذي يدفع لجميع المواد والسلع والطاقة.
وعلى سبيل المثال، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن صندوق النقد الدولي الذي تزور بعثته هذه الأيام البحرين قد طالب ومازال يطالب بإلغاء الدعم، باعتباره إجراءً مهماً لتخفيض المصروفات العامة، وفي بلد مازال يعتمد بشكل شبه كلي على مصدر وحيد للدخل هو محدود وغير مستقر ولا مضمون مستقبله، وأعني به النفط، كما إن الصندوق يطالب ضمن حزمة مطالباته لتحقيق الإصلاح الاقتصادي في البحرين، بتقليص أو على الأقل تجميد التوظيف في القطاع العام، والتوقف عن استحداث وظائف جديدة مكلفة، وعن زيادة الأجور والرواتب في هذا القطاع، وكلها مطالب تهدف إلى تقليص المصروفات وبالتالي سد العجز في الميزانية العامة والعمل على تخفيض الدين العام الذي وصل الآن إلى حوالي 40% من الناتج الإجمالي المحلي، ويعتقد بعض المحللين القريبين من صندوق النقد الدولي أنه تطور أو سيتطور إلى ما هو أكثر خطورة من ذلك بكثير.
مطالب صندوق النقد هذه، هي نفسها مطالب كل المحللين الاقتصاديين البحرينيين الذي دأبوا على تقديمها وتكرارها منذ سنوات دون أن يستمع لهم أحد، بل إن ما يحدث جواباً على هذه المطالب هو إما استخدام أسلوب النعامة التي تدفن رأسها في الرمال وتترك الأمور تتفاقم أكثر وأكثر، كما نرى من أجوبة وزير المالية على أسئلة النواب بخصوص المصروفات وعجز الميزانية والدين العام، أو أنها -أي الحكومة- تستمر في طريقها غير عائبة بشيء.
هذا السير يتمثل في زيادة المصروفات العامة بدلاً من تخفيضها وذلك من خلال وصول عدد وزارات الدولة إلى 28 وزارة في بلد صغير كالبحرين، وهي بالمناسبة نفس عدد وزارات مصر قبل أن يتم تقليصها بالدمج في حكومة محلب مؤخراً، إضافة بالطبع إلى أن هؤلاء الوزراء مع غيرهم من المستشارين الذين هم برتبة وزير يصل مجموعهم إلى حوالي 70 ليس هناك قانون موافق عليه ومعروف من قبل السلطة التشريعية يحدد رواتبهم ومخصصاتهم وتقاعدهم، إضافة إلى مصروفات مكاتبهم الموجودة في بنايات فخمة وموظفيهم وغيرها من المصروفات المعروفة، والتي يفترض في مجلس النواب قبل صندوق النقد الدولي أن يطالب بتقليصها، وجعل البحرين تقلص عدد وزاراتها بإلغاء البعض الذي لا يساوي أكثر من دائرة في وزارة، ودمج النوع الآخر بحيث يكلف الوزير بأكثر من وزارة كما هو الحال في الكويت.
وهذا الأمر ينطبق على السلطة التشريعية التي تضم 80 عضواً إضافة إلى موظفي المجلسين ومصروفات الاجتماعات والسفر وأخيراً الطامة الكبرى هي التقاعد، كما ينطبق على المجالس البلدية (40 عضواً) الذين لا قيمة ولا لزوم لهم في ظل وجود وزارة شؤون البلديات التي تحولت من وزارة تنسيق بين هذه المجالس المكلفة بالعمل وإقامة المشروعات في بلدياتها، إلى وزارة مهيمنة على العمل البلدي، سالبة لصلاحيات المجالس، مهمشة لها، معطلة لعملها، وما شكاوى المجالس البلدية المتكررة من وزارة البلديات من هذا الوضع المقلوب إلا أكبر دليل على عدم لزومية وجود هذه المجالس.
كما ينطبق موضوع إعادة الهيكلة وتقليص الموظفين وتقليل مصروفاتهم وتقييم جدوى كلفتهم وعملهم ودخلهم، ينطبق هذا، على مجالس أخرى معروفة لا ضرورة لذكرها، بعضها يعتمد بصورة كبيرة على موظفين أجانب يتقاضون رواتب خيالية ومصروفات أخرى مقابل إنتاج ضئيل واستثمارات أكثر ضآلة، ومصروفات علاقات عامة دولية كبيرة لا أحد يسأل كم وأين تصرف وما هي مردوداتها؟
وبعبارة أخرى إذا كانت هذه مصروفات الدولة، وهي مصروفات مترهلة، فكيف تتم المطالبة فقط بإلغاء الدعم، ولا تتم المطالبة من قبل مجلس النواب وغيرهم بإعادة النظر في كل هذه المصروفات وجعل البحرين «تمد قدميها على مستوى طول لحافها» كما يقول المثل؟
إن إلغاء الدعم يجب أن يقابله ويرافقه تخفيض شامل في المصروفات العامة كما أشرنا إليها، فالدولة بحاجة إلى تصحيح وضعها المالي، وإلى إصلاح اقتصادي شامل، والتوقف عن ترداد إسطوانة كل شيء على ما يرام، واقتصادنا متين ويضرب به المثل في العالم، فدولة استثماراتها 114 مليون دولار في عام 2013 كما يقول وزير المواصلات، القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، أي (43 مليون دينار) هي أقل من أرباح بنك البحرين الوطني في نفس العام والبالغة 50 مليون دينار!
كما إن إلغاء الدعم وإعادة النظر في أجور ورواتب كبار الموظفين كما أسلفنا، يجب أن يقابله وضع حد أدنى لأجور الموظفين والعمال وحد أعلى لأجور كبار الموظفين، فمن شأن هذا الإجراء أن يمكن الموظفين الصغار والمتوسطين على تحمل زيادة كلفة المعيشة وزيادة الأسعار، ويضع حداً لغلو كبار الموظفين في تبديد المال العام.
كل هذه، وما سيأتي لاحقاً، مضافاً إليه إصرار الحكومة على عدم فصل حسابات شركة بابكو عن حسابات وزارة المالية وهو ما يعني أن بابكو تتلقى مبلغاً مقطوعاً من وزارة المالية كل سنة كمصروفات، وأنها أي بابكو هي التي تدفع مبلغ دعم النفط والغاز من ميزانيتها أو مخصصها والذي يصل إلى أكثر من 960 مليون دينار، وهو ما يشكك أخيراً في المبلغ الإجمالي للدعم الذي يدفع لجميع المواد والسلع والطاقة.
وعلى سبيل المثال، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن صندوق النقد الدولي الذي تزور بعثته هذه الأيام البحرين قد طالب ومازال يطالب بإلغاء الدعم، باعتباره إجراءً مهماً لتخفيض المصروفات العامة، وفي بلد مازال يعتمد بشكل شبه كلي على مصدر وحيد للدخل هو محدود وغير مستقر ولا مضمون مستقبله، وأعني به النفط، كما إن الصندوق يطالب ضمن حزمة مطالباته لتحقيق الإصلاح الاقتصادي في البحرين، بتقليص أو على الأقل تجميد التوظيف في القطاع العام، والتوقف عن استحداث وظائف جديدة مكلفة، وعن زيادة الأجور والرواتب في هذا القطاع، وكلها مطالب تهدف إلى تقليص المصروفات وبالتالي سد العجز في الميزانية العامة والعمل على تخفيض الدين العام الذي وصل الآن إلى حوالي 40% من الناتج الإجمالي المحلي، ويعتقد بعض المحللين القريبين من صندوق النقد الدولي أنه تطور أو سيتطور إلى ما هو أكثر خطورة من ذلك بكثير.
مطالب صندوق النقد هذه، هي نفسها مطالب كل المحللين الاقتصاديين البحرينيين الذي دأبوا على تقديمها وتكرارها منذ سنوات دون أن يستمع لهم أحد، بل إن ما يحدث جواباً على هذه المطالب هو إما استخدام أسلوب النعامة التي تدفن رأسها في الرمال وتترك الأمور تتفاقم أكثر وأكثر، كما نرى من أجوبة وزير المالية على أسئلة النواب بخصوص المصروفات وعجز الميزانية والدين العام، أو أنها -أي الحكومة- تستمر في طريقها غير عائبة بشيء.
هذا السير يتمثل في زيادة المصروفات العامة بدلاً من تخفيضها وذلك من خلال وصول عدد وزارات الدولة إلى 28 وزارة في بلد صغير كالبحرين، وهي بالمناسبة نفس عدد وزارات مصر قبل أن يتم تقليصها بالدمج في حكومة محلب مؤخراً، إضافة بالطبع إلى أن هؤلاء الوزراء مع غيرهم من المستشارين الذين هم برتبة وزير يصل مجموعهم إلى حوالي 70 ليس هناك قانون موافق عليه ومعروف من قبل السلطة التشريعية يحدد رواتبهم ومخصصاتهم وتقاعدهم، إضافة إلى مصروفات مكاتبهم الموجودة في بنايات فخمة وموظفيهم وغيرها من المصروفات المعروفة، والتي يفترض في مجلس النواب قبل صندوق النقد الدولي أن يطالب بتقليصها، وجعل البحرين تقلص عدد وزاراتها بإلغاء البعض الذي لا يساوي أكثر من دائرة في وزارة، ودمج النوع الآخر بحيث يكلف الوزير بأكثر من وزارة كما هو الحال في الكويت.
وهذا الأمر ينطبق على السلطة التشريعية التي تضم 80 عضواً إضافة إلى موظفي المجلسين ومصروفات الاجتماعات والسفر وأخيراً الطامة الكبرى هي التقاعد، كما ينطبق على المجالس البلدية (40 عضواً) الذين لا قيمة ولا لزوم لهم في ظل وجود وزارة شؤون البلديات التي تحولت من وزارة تنسيق بين هذه المجالس المكلفة بالعمل وإقامة المشروعات في بلدياتها، إلى وزارة مهيمنة على العمل البلدي، سالبة لصلاحيات المجالس، مهمشة لها، معطلة لعملها، وما شكاوى المجالس البلدية المتكررة من وزارة البلديات من هذا الوضع المقلوب إلا أكبر دليل على عدم لزومية وجود هذه المجالس.
كما ينطبق موضوع إعادة الهيكلة وتقليص الموظفين وتقليل مصروفاتهم وتقييم جدوى كلفتهم وعملهم ودخلهم، ينطبق هذا، على مجالس أخرى معروفة لا ضرورة لذكرها، بعضها يعتمد بصورة كبيرة على موظفين أجانب يتقاضون رواتب خيالية ومصروفات أخرى مقابل إنتاج ضئيل واستثمارات أكثر ضآلة، ومصروفات علاقات عامة دولية كبيرة لا أحد يسأل كم وأين تصرف وما هي مردوداتها؟
وبعبارة أخرى إذا كانت هذه مصروفات الدولة، وهي مصروفات مترهلة، فكيف تتم المطالبة فقط بإلغاء الدعم، ولا تتم المطالبة من قبل مجلس النواب وغيرهم بإعادة النظر في كل هذه المصروفات وجعل البحرين «تمد قدميها على مستوى طول لحافها» كما يقول المثل؟
إن إلغاء الدعم يجب أن يقابله ويرافقه تخفيض شامل في المصروفات العامة كما أشرنا إليها، فالدولة بحاجة إلى تصحيح وضعها المالي، وإلى إصلاح اقتصادي شامل، والتوقف عن ترداد إسطوانة كل شيء على ما يرام، واقتصادنا متين ويضرب به المثل في العالم، فدولة استثماراتها 114 مليون دولار في عام 2013 كما يقول وزير المواصلات، القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، أي (43 مليون دينار) هي أقل من أرباح بنك البحرين الوطني في نفس العام والبالغة 50 مليون دينار!
كما إن إلغاء الدعم وإعادة النظر في أجور ورواتب كبار الموظفين كما أسلفنا، يجب أن يقابله وضع حد أدنى لأجور الموظفين والعمال وحد أعلى لأجور كبار الموظفين، فمن شأن هذا الإجراء أن يمكن الموظفين الصغار والمتوسطين على تحمل زيادة كلفة المعيشة وزيادة الأسعار، ويضع حداً لغلو كبار الموظفين في تبديد المال العام.