أسهل الطرق لتحقق المنظمات والمجموعات الإرهابية أهدافها هي التستر بستار الدين، هذه الطريقة تعتمد بالأساس على خداع الآخر الذي يكون غالباً من البسطاء ممن عينه على الآخرة ويرجو مغفرة رب العباد ويتمنى الجنة، والنتيجة هي تمكنها وتحولها إلى مصدر خطير يؤثر على الأمن والاستقرار، فهذه المنظمات والمجموعات الإرهابية ترمي إلى زرع الفوضى والتفرقة وإحداث الفتنة التي من دونها لا تستطيع أن تحقق أهدافها، ووسيلتها إلى كل هذا البسطاء الذين تتخذهم مطية فيحاربون لها من باب الدفاع عن الدين والانتصار للحق والخير، من دون أن يعلموا أنهم إنما ينهزمون ويهزمون أوطانهم ويهزمون الدين ويتسببون في الإساءة إلى كل القيم والمبادئ والأخلاق.
وإلا كيف يمكن لمن يرجو رحمة الله ويريد أن يظفر بالجنة أن يقدم على فعل القتل الذي يفصل الدين الإسلامي مصير المتورط فيه ويبين أنه النار؟ وكيف يقدم على ممارسة التخريب ونشر الفوضى في وقت ينهى الدين عن هذه الممارسات التي تتناقض مع القيم والمبادئ؟ وكيف يقبل على الإساءة إلى وطنه وأهله؟
هو استغلال سيئ لعقول البسطاء الذين تنشغل عيونهم بالغاية، فلا يرون محط أرجلهم ولا يدركون ما يفعل بهم وما يفعلون. هذا ما يحدث بالضبط وهو يشبه حال التيه في الصحراء، حيث يسير المرء على غير هدى. أما النتيجة فهي تمكن أولئك من الإمساك بكل ما يعينهم على تحقيق أهدافهم ومراميهم.
ما يقوم به هؤلاء وأولئك؛ الغادرون والمغدورون، هو الإرهاب الذي يعلي من شأن ومكانة هؤلاء ويرمي بأولئك الذين هم أدواته ووقوده في التهلكة، ويتسبب في الخراب.
أما مواجهة الإرهاب والتصدي له فلا يكون إلا بالتكاتف وبذل الجهد الجماعي واتخاذ موقف موحد ومشترك، لأن خطر الإرهاب يحدق بالجميع. وأول أدوات المواجهة هو السعي لبيان الموقف الذي صار فيه أولئك المغلوبون على أمرهم من الذين صاروا أدوات في يد الإرهابيين، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، ولا يعرفون ما يراد بهم، حيث توعية هؤلاء هو نصف طريق الانتصار على الإرهاب وإفشال خطط مريدي السوء، وهذا دور ومسؤولية الأسرة والمدرسة والمسجد ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام، وكل من يمكنه أن يسهم في وضع حد لانفلات العقول ومنعها من الضياع.
كلمات بسيطة يودعونها في آذان محدودي المعرفة والإدراك تضمن لهم الحصول على الأدوات التي بها يحققون أهدافهم المتمثلة في نشر الفوضى والخراب.
هنا مثال طازج؛ في الفترة الأخيرة لوحظ رفع المتظاهرين في القرى والداخلين في مواجهات مع رجال الأمن لرايات مكتوب عليها «يا حسين» و«يا قائم آل محمد» و«يا عباس» بدلاً عن أعلام البحرين، بينما قام المكلفون بالتغريد بنشر صور لهذه الرايات المرفوعة مصحوبة بجمل تحريضية شاحنة مثل «راية الحسين انطلاقة الثورة المتشرعة من أبناء علي» و«راية الحسين وعي ينمي في روح الثائر الحقيقية ليعرف أين يسير أين المصير» و«حين يعتمد الثوار راية الحسين رمزاً لحراكهم فإن كل المصاعب تذلل أمام أقدامهم» و«راية الحسين نصر حتمي للمبادئ» و«راية الحسين هي الفاصل بين الحق والباطل»، وغير هذه من عبارات من شأنها أن تشحن العامة من الناس وتدفعهم إلى التضحية بأنفسهم معتقدين أنهم إنما بفعلهم هذا المتمثل في تفجير أسطوانات الغاز وإحراق السيارات واختطاف الشوارع يحاربون مع الإمام الحسين، خصوصاً وأنهم يرفعون رايته.
هؤلاء الصغار لا يعرفون ما يحيكه كبارهم ولا يدركون أنهم مجرد أدوات يتم استخدامها وترمى عند انتهاء دورها، والواضح أنهم لم ينتبهوا إلى أنهم برفعهم هذه الرايات يؤكدون حقيقة طالما نفاها أسيادهم!