أتابع بين الحين والحين الفضائيـــات ذات الطابع الديني، فهي تنقسم إلى قسمين؛ مسيحية هاجسها التبشير تبث بعدد من اللغات منها العربية، وإسلامية هاجسها التناحر مع بعضها وتقديم الدليل على أنها هي الفرقة الناجية. الشيعية منها «في رأس» السنية والسنية «في رأس» الشيعية، وكلها يتحمس للروايات المعتمدة لديه والتي تقلل من شأن الآخر.. وتكفره!
هذه الفضائيات لا تختلف عن تلك التي اتخذ المسؤولون عن الإعلام في البلاد العربية والإسلامية ذات مرة قراراً بمنعها وطردها من أقمار البث الصناعية بسبب برامجها المتخصصة في السحر والشعوذة والضحك على ذقون البسطاء وابتزازهم باسم الدين. الفارق بين هذه الفضائيات وتلك هي أن المسؤولين عن الإعلام العرب والمسلمين أجمعوا على خطورة هذه واختلفوا على خطورة تلك، ولعلهم من الأساس منحازون لهذه أو تلك منها.
قرار وقف فضائيات السحر والشعوذة كان مهماً وصحيحاً وعبر عن حرص المسؤولين عن الإعلام في البلاد العربية والإسلامية على الدين والناس والمجتمع، وإجماعهم كان مطلوباً وقرارهم كان صائباً. مثل هذا القرار مطلوب ومهم أيضاً فيما يخص الفضائيات «الدينية» التي تكفر الآخر طالما أنه ليس متوافقاً معها بدرجة تصل إلى مائة في المائة.
المسؤولون عن الإعلام مسؤولون عما تبثه تلك الفضائيات التي لا ترى في الصورة إلا نفسها وتعتقد أن الآخر كله لا قيمة له وأنه خارج عن الملة. واجبهم إيجاد صيغة تحمي الدين والناس والمجتمع من هذا الذي تبثه هذه الفضائيات، إما بالتضييق عليها عبر سن التشريعات والقوانين أو بمنعها من البث وطردها من الأقمار الصناعية. لكن السكوت عنها يعني مشاركتها في الخطأ والتجاوز الذي نتيجته الطبيعية زيادة الفرقة وتوسيع الشرخ بين المسلمين في زمن يتطلب منهم أن يكونوا على قلب رجل واحد.
في هذه الفضائية تسمع من يسب الإمام علي بن أبي طالب بطريقة لا تليق، وفي تلك الفضائية تسمع من يسب الراشدين أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب ويتطاول على عائشة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام. هذه الفضائية تكفر الشيعة وتلك تكفر السنة. هذه تقول لك إن عدم انحيازك لها والقول بقولها يعني أنك ضمنت تذكرة لدخول النار، وتلك تقول لك إن انحيازك لها والقول بقولها يعني أنك اشتريت تذكرة لدخول الجنة. هذه تأخذك إلى اليمين وتلك إلى الشمال، فلا تعرف أين تتوفر الحقيقة.
ما لا ينتبه إليه هؤلاء وأولئك هو أننا في زمن تختلف ظروفه كثيراً عن أزمان مضت، وأن الأفضل من استدعاء ماض تحكمه الروايات المرسلة التحريض على التعامل مع المستقبل والدعوة إلى الدخول في منافسة مع الآخر الحضاري الذي يخشى الدين الإسلامي لأنه يعرف أنه دين أساسه العلم والفكر والإبداع.
أبناء اليوم لا يهمهم ماذا قال علي عن عمر وعائشة، ولا ما قاله عمر عن أبي بكر وعثمان، رضوان الله تعالى عليهم جميعاً، وعلى افتراض أنه حصلت بينهم أمور فهل من المنطق أن نصير جزءًا منها بعد كل هذه السنين؟
يخبرني أحدهم أنه قرأ في كتاب لعراقي تحدث في بعض صفحاته عن مشاجرة حادة حدثت في مقهى بإحدى الولايات الأمريكية بين عراقيين، وأنه بعد انتهائها تقدم إليه أحد العاملين في المقهى يسأله عن سببها فأخبره بأنهم مختلفون في علي وعمر، فقال العامل الأمريكي ببراءة إن عليهم أن ينظروا في البرنامج الانتخابي لكل منهما ويفاضلوا بينهما!
عندما علم العامل بأن سبب المشاجرة مسألة تعود إلى ألف وأربعمائة سنة دخل في نوبة ضحك هستيرية سقط بسببها ما كان يحمل من كؤوس و«استكانات» على الأرض!
هذه الفضائيات لا تختلف عن تلك التي اتخذ المسؤولون عن الإعلام في البلاد العربية والإسلامية ذات مرة قراراً بمنعها وطردها من أقمار البث الصناعية بسبب برامجها المتخصصة في السحر والشعوذة والضحك على ذقون البسطاء وابتزازهم باسم الدين. الفارق بين هذه الفضائيات وتلك هي أن المسؤولين عن الإعلام العرب والمسلمين أجمعوا على خطورة هذه واختلفوا على خطورة تلك، ولعلهم من الأساس منحازون لهذه أو تلك منها.
قرار وقف فضائيات السحر والشعوذة كان مهماً وصحيحاً وعبر عن حرص المسؤولين عن الإعلام في البلاد العربية والإسلامية على الدين والناس والمجتمع، وإجماعهم كان مطلوباً وقرارهم كان صائباً. مثل هذا القرار مطلوب ومهم أيضاً فيما يخص الفضائيات «الدينية» التي تكفر الآخر طالما أنه ليس متوافقاً معها بدرجة تصل إلى مائة في المائة.
المسؤولون عن الإعلام مسؤولون عما تبثه تلك الفضائيات التي لا ترى في الصورة إلا نفسها وتعتقد أن الآخر كله لا قيمة له وأنه خارج عن الملة. واجبهم إيجاد صيغة تحمي الدين والناس والمجتمع من هذا الذي تبثه هذه الفضائيات، إما بالتضييق عليها عبر سن التشريعات والقوانين أو بمنعها من البث وطردها من الأقمار الصناعية. لكن السكوت عنها يعني مشاركتها في الخطأ والتجاوز الذي نتيجته الطبيعية زيادة الفرقة وتوسيع الشرخ بين المسلمين في زمن يتطلب منهم أن يكونوا على قلب رجل واحد.
في هذه الفضائية تسمع من يسب الإمام علي بن أبي طالب بطريقة لا تليق، وفي تلك الفضائية تسمع من يسب الراشدين أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب ويتطاول على عائشة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام. هذه الفضائية تكفر الشيعة وتلك تكفر السنة. هذه تقول لك إن عدم انحيازك لها والقول بقولها يعني أنك ضمنت تذكرة لدخول النار، وتلك تقول لك إن انحيازك لها والقول بقولها يعني أنك اشتريت تذكرة لدخول الجنة. هذه تأخذك إلى اليمين وتلك إلى الشمال، فلا تعرف أين تتوفر الحقيقة.
ما لا ينتبه إليه هؤلاء وأولئك هو أننا في زمن تختلف ظروفه كثيراً عن أزمان مضت، وأن الأفضل من استدعاء ماض تحكمه الروايات المرسلة التحريض على التعامل مع المستقبل والدعوة إلى الدخول في منافسة مع الآخر الحضاري الذي يخشى الدين الإسلامي لأنه يعرف أنه دين أساسه العلم والفكر والإبداع.
أبناء اليوم لا يهمهم ماذا قال علي عن عمر وعائشة، ولا ما قاله عمر عن أبي بكر وعثمان، رضوان الله تعالى عليهم جميعاً، وعلى افتراض أنه حصلت بينهم أمور فهل من المنطق أن نصير جزءًا منها بعد كل هذه السنين؟
يخبرني أحدهم أنه قرأ في كتاب لعراقي تحدث في بعض صفحاته عن مشاجرة حادة حدثت في مقهى بإحدى الولايات الأمريكية بين عراقيين، وأنه بعد انتهائها تقدم إليه أحد العاملين في المقهى يسأله عن سببها فأخبره بأنهم مختلفون في علي وعمر، فقال العامل الأمريكي ببراءة إن عليهم أن ينظروا في البرنامج الانتخابي لكل منهما ويفاضلوا بينهما!
عندما علم العامل بأن سبب المشاجرة مسألة تعود إلى ألف وأربعمائة سنة دخل في نوبة ضحك هستيرية سقط بسببها ما كان يحمل من كؤوس و«استكانات» على الأرض!