هل أصبح الحكم الخليفي عادات وتقاليد استبدادية بالية وأفكاراً متحجرة؛ كما يدعي أمين عام الوفاق في أحد تصريحاته وتسريحاته، والتي قال فيها بتاريخ 22 يناير 2014 «علينا بالاستفادة بالتجارب الإنسانية المتعددة في الرقي بوطننا وعدم التحجج بالعادات والتقاليد الاستبدادية البالية والتخلي عن أفكارنا المتحجرة. وماذا يقصد الآخر المدعو رضي الموسوي الذي صرح عن نتائج لقائه بالحكومات الغربية والمنظمات الأجنبية والتي أعقبت جلوسهم مع الحكم، حيث قال «إن المعارضة وجدت كل التعاطف والتأييد للخطوات التي تقوم بها من أجل تغيير وجه البلاد»، أليس هذا دليل النوايا الخبيثة المبيتة للدولة؟ ألا يدل هذا على إصرارهم تغيير الحكم في الدولة الذي لن يقف عند حد الحكومة.
نعم؛ لا زالوا مصرين على تغيير وجه البلاد، ولا زالوا يرددون هذه العبارة في كل خطبة وأمسية وندوة وفي كل حادثة، وكما هدد سابقاً أمين عام الوفاق بتغيير وجه ومستقبل البحرين حين قام رجال الأمن بتعقب بعض الإرهابيين والدخول إلى بيت عيسى قاسم فقال: «لقد مس نظام العراق المرجع الصدر الأول فغير ذلك وجه ومستقبل العراق، والمساس بآية الله عيسى قاسم سيغير وجه ومستقبل البحرين، وأن بعض الأمور هي أكبر من الخطوط وأكبر من الحديث عن الخطوط الحمراء المعتادة، وبعض الأمور بطبيعتها تفرض تغييرات جذرية وكبرى لا يمكن التحكم فيها والتعدي على سماحته هو من هذه الأمور»، أي أن تغيير وجه البحرين حكاماً وحكومة وشعباً، هي نظرية الولي الفقية التي تم تنفيذها في العراق، وهي تنفذ الآن في البحرين على خطوات، وذلك هم يحتاجون إلى المجتمع الغربي الذي ساعد المعارضة العراقية الموالية لإيران أن تقوم بالدور نفسه في البحرين، ولذلك كانت هرولتهم إلى الحكومات الغربية بعد خروجهم من مجلس الحكم هي ضرورة تقتضيها مؤامرة تغيير وجه البحرين، وما قول الأمين العام للوفاق عن الشرعية الخليفية بعد جلوسهم مع الحكم بأنها عادات وتقاليد استبدادية بالية، ألا دليل بأن نفوسهم بما هو أبعد من الحكومة، فتغيير وجه البحرين ومستقبلها يعني تغيير حكم الدولة، وأن ما من دولة تغيرت فيها حكومتها، ألا وتغير حاكمها، وها هو نفسه علي سلمان يضرب المثل بالعراق وكيف تغير وجه العراق ومستقبله، مجرد المساس بالصدر الأول، أي أن الولي الفقيه هو الحاكم، وذلك حين يسيطر أتباعه على الحكومة.
إذاً هم اليوم يسلبون حق الشعب ويخطفون إرادته، وذلك حين يجبرونه على القبول بهم، شعب البحرين الذي أعلن طاعته لولي الأمر، ولا زال يعلنها طاعته لحاكمه وحكومته، والتي ينظر علي سلمان بأن هذه الطاعة من الأفكار المتحجرة، بينما يرى أن مرجعه هو أكبر من الخطوط الحمراء، وأن المساس به أو مجرد الإشارة إليه سيغير وجه البحرين ومستقبلها، فكيف يتساوى من ولى أمره الدولة الخليفية ومن ولى أمره مرجعه الديني، وها هم يسمون الشعب البحريني الذي يدين بالطاعة لولي أمره «الموالاة»، وهو دليل يقطع الشك باليقين بأنهم ليسوا موالين البتة للحكم الخليفي، وأن هذه المعارضة ليست معارضة وطنية، فالمعارضة الوطنية هي تلك التي تطالب بإصلاحات تحت ظل الدولة نفسها، ولا تطالب بإسقاط النظام ولا تهدد بتغيير وجه ومستقبل البحرين. إذاً إنها ليست تجارب إنسانية متعددة، بل هي التجربة التي أوصلت الولي الفقيه إلى سدة الحكم في العراق وإيران، وهم يسعون الآن إلى تسريع خطوات تنفيذها، وذلك بعد أن استنزفوا مقدرات الدولة وقضوا على مقوماتها وهو الأمن والاقتصاد، إذاً مؤامرة تغيير الدولة نسجت خيوطها منذ عقود، ولكن لم تتوفر لدى المخططون الذين استطاعوا منهم في السنوات الأخيرة التقرب إلى الدولة، ونفذوا من مراكزهم مخططاتهم التي كانت ركائزها التغلغل في مفاصل مؤسساتها وشركاتها الوطنية بدعوى البطالة، وإصلاح سوق العمل، ففرضت الضرائب حتى هرب المستثمرون، واستغلال موارد الدولة وتسخيرها لخدمة أغراضهم، ومنها التعليم، ودعم مؤسساتهم من خلال برامج الدولة، وكانت جميع هذه المخططات تدار بحنكة وتغطية أساسها من الدولة النوايا الصادقة ومن جانبهم النوايا الخبيثة.
ولكم أن تعرفوا اليوم لماذا يحاربون الإعلاميين ويطالبون بكتم أصوات الشرفاء، وذلك عندما يقفون لهم كالعظم في البلعوم، فيفشلون مخططاتهم ويفضحون ادعاتهم، فتفشل مخططاتهم التي يريدون منها تغيير وجه البحرين ومستقبلها، وذلك عندما يرى أمين عام الوفاق أن الشرعية الخليفية هي مجرد عادات وتقاليد استبدادية بالية، وأن شعب البحرين الذي يرفض المساس بالحاكم وحكومته هم أصحاب أفكار متحجرة.
بات على الدولة اليوم أن تنظر لأسباب استمرار الإرهاب وتجفف منابعه، كما تفعل باقي الدولة في محاربة الإرهاب على أراضيها، كما عليها أن تراجع تجاربها في إصلاح سوق العمل كي تعود البحرين رائدة الاقتصاد الأولى في الخليج، كما على الدولة أن تستقوي بالله ثم بشعبها الوفي الذي لديه الاستعداد للتضحية في سبيل بلاده، وأن المجتمع الغربي لن يستطيع أن يقتحم البحرين ما دام فيها شعب سيقف في وجهه كما وقف الشعب السوري في وجه تتار العصر؛ النظام السوري والإيراني والعراقي وحزب الله، الشعب السوري الذي لم ينتظر مساعدة غربية ولا تحالفات دولية، ولذلك استطاع أن يحبط خيوط المؤامرة الكبرى على ديار الإسلام، وكذلك شعب البحرين المؤيد للشرعية الخليفية قادر أيضاً بل أكثر، وليعلم من يسمي الحكم الخليفي مجرد عادات وتقاليد واستبداد بالي، أن هذا الحكم وحكومته لن يتبدل بإذن الله، وشعب البحرين يعشقون العادات والتقاليد ولا يمكن أن يتخلوا عنها، فقد عشقوا آل خليفة حكاماً وحكومة، ولن تستطيع التجارب الإنسانية المتعددة التي يضرب علي سلمان بها المثل أن تحرك شعرة من الحكم الخليفي الذي يرى فيه شعب البحرين حاضرة ومستقبله.