بغض النظر عن موضوع الاستجواب ومن هو الوزير المستجوب، لكننا أمام مبدأ معوج إن تمخض عنه عرف برلماني يبنى عليه ويكرس.
فإن تحولت الأسباب التي ستستند إليها لجنة النظر في «جدية» استجواب وزير المالية إلى أعراف برلمانية، فإنها ستشكل حائط صد كبيراً أمام أداة رقابية هامة كأداة الاستجواب، وستكون مذبحة للدستور.
فاللجنة تلمح إلى احتمال رفض طلب الاستجواب على أساس أن صحيفة مقدميه استندت فقط إلى ما جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية، وهذا غير كاف -من وجهة نظرها- فهل معنى هذا الكلام أن تقرير ديوان الرقابة المالية لا يرقى أن يكون دليلاً ومستنداً، ولا يمكن الاكتفاء والاعتداد به كمستند مهني رقابي على أداء الحكومة؟
ثم لمحت اللجنة إلى أن السبب الآخر الذي قد يدعوها إلى رفض طلب الاستجواب هو أن هناك أكثر من وزارة مخالفة في تقرير الديوان، فلماذا الاستجواب قدم لأحد الوزراء دون غيره؟ فهل معناه أن البرلمان إما أن يستجوب كل من عليه مخالفات في التقرير من الوزراء، وإلا فلا يحق لأحد أن يستجوب أحدهم أو بعضهم؟ (أعود للتأكيد أننا نتكلم عن أسس وأعراف برلمانية لا عن وزارة محددة).
إن ثبت أن اللجنة ستستند فعلاً على هذين السببين في رفضها لطلب الاستجواب فإن تحقيقاً برلمانياً داخلياً لابد أن يتم لتحديد مدى إلمام ومعرفة واطلاع وفهم السادة النواب بمبادئ وأعراف السلطة التشريعية ومبادئ الميثاق والدستور واللائحة الداخلية ومدى اطلاعهم على قانون ديوان الرقابة المالية من عدمه.
فالسادة يكرسون مبدأً خطيراً وهو عدم الاعتداد بتقرير ديوان الرقابة المالية كمستند ودليل، وهذه مسألة خطيرة تنسف المادة 116 من الدستور وتنسف قانوناً للديوان أقر على إثره، وننصح هنا بغلق الديوان بالشمع الأحمر وبلا تعب ومصاريف ليس لها داعٍ، تقارير دواوين الرقابة يا سادة يا كرام تقيل حكومات في دول أخرى، و أنت لا تريد أن تعتد بها كدليل لاستجواب الوزراء؟ ما هو الدليل الذي تبحث عنه إذاً؟
كما أن السبب الآخر يكرس عرفاً برلمانياً غريباً، وهو إما أن تكون الاستجوابات دفعة واحدة أو لا تكون، وإن بدأت بأحد الوزراء، فإن ذلك يعد كيداً بهذا الوزير!
إن ذلك الجهل بأسس ومبادئ الدستور واللائحة الداخلية يدعونا للمطالبة بسن قانون جديد يمنع ترشيح أي شخص منعاً باتاً إلا بعد اجتيازه امتحاناً نظرياً وعملياً في الدستور البحريني وفي اللائحة الداخلية لمجلس النواب، فهذا الجهل يهدر قيمة ما يملكون؟ فهناك من يقسم على الدستور ثم يحنث اليمين كما فعلت كتلة الوفاق، وهناك من يقسم على الدستور وهو لم يقرأه، وهناك من يعيث فيه فساداً دون علم! ( بلغ إلى مسامعنا أن أحد مقدمي طلب استجواب وزير المالية رفض أن يقوم أي من النواب الزملاء له أثناء المناقشة بالاعتراض على الاستجواب ويقول إن ذلك (عيب) رغم أن المادة 147 من اللائحة الداخلية تفيد في سطرها الأخير أن المتحدثين من الأعضاء المؤيدين و المعترضين على الاستجواب يتحدثون بالتناوب)، فمناقشة الاستجواب بين مؤيد ومعارض عرف برلماني، فإن كنت تجهل هذه المعلومة، اقرأ على الأقل، الأخ يعتقد أن المسألة فزعة!
نحن أمام جهل مدقع بمبادئ وأعراف دستورية وأمام أفراد رشحوا أنفسهم لخدمة الناس وأعلنوا أنهم مستعدون لحمل أمانة تئن من تحتها الجبال، ومع ذلك هم يجهلون ما بين أيديهم وما خلفهم وما هم مقدمون عليه.
الجهل بالأداة التي تملكها وبين يديك وأنت المخول باستخدامها يجعل وجودها من عدمه واحداً، إنكم تقطعون أواصر هذه الأداة حماية لهذا الوزير أو ذاك، إنكم على استعداد لذبح الدستور قرباناً للعلاقات الشخصية.
{{ article.visit_count }}
فإن تحولت الأسباب التي ستستند إليها لجنة النظر في «جدية» استجواب وزير المالية إلى أعراف برلمانية، فإنها ستشكل حائط صد كبيراً أمام أداة رقابية هامة كأداة الاستجواب، وستكون مذبحة للدستور.
فاللجنة تلمح إلى احتمال رفض طلب الاستجواب على أساس أن صحيفة مقدميه استندت فقط إلى ما جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية، وهذا غير كاف -من وجهة نظرها- فهل معنى هذا الكلام أن تقرير ديوان الرقابة المالية لا يرقى أن يكون دليلاً ومستنداً، ولا يمكن الاكتفاء والاعتداد به كمستند مهني رقابي على أداء الحكومة؟
ثم لمحت اللجنة إلى أن السبب الآخر الذي قد يدعوها إلى رفض طلب الاستجواب هو أن هناك أكثر من وزارة مخالفة في تقرير الديوان، فلماذا الاستجواب قدم لأحد الوزراء دون غيره؟ فهل معناه أن البرلمان إما أن يستجوب كل من عليه مخالفات في التقرير من الوزراء، وإلا فلا يحق لأحد أن يستجوب أحدهم أو بعضهم؟ (أعود للتأكيد أننا نتكلم عن أسس وأعراف برلمانية لا عن وزارة محددة).
إن ثبت أن اللجنة ستستند فعلاً على هذين السببين في رفضها لطلب الاستجواب فإن تحقيقاً برلمانياً داخلياً لابد أن يتم لتحديد مدى إلمام ومعرفة واطلاع وفهم السادة النواب بمبادئ وأعراف السلطة التشريعية ومبادئ الميثاق والدستور واللائحة الداخلية ومدى اطلاعهم على قانون ديوان الرقابة المالية من عدمه.
فالسادة يكرسون مبدأً خطيراً وهو عدم الاعتداد بتقرير ديوان الرقابة المالية كمستند ودليل، وهذه مسألة خطيرة تنسف المادة 116 من الدستور وتنسف قانوناً للديوان أقر على إثره، وننصح هنا بغلق الديوان بالشمع الأحمر وبلا تعب ومصاريف ليس لها داعٍ، تقارير دواوين الرقابة يا سادة يا كرام تقيل حكومات في دول أخرى، و أنت لا تريد أن تعتد بها كدليل لاستجواب الوزراء؟ ما هو الدليل الذي تبحث عنه إذاً؟
كما أن السبب الآخر يكرس عرفاً برلمانياً غريباً، وهو إما أن تكون الاستجوابات دفعة واحدة أو لا تكون، وإن بدأت بأحد الوزراء، فإن ذلك يعد كيداً بهذا الوزير!
إن ذلك الجهل بأسس ومبادئ الدستور واللائحة الداخلية يدعونا للمطالبة بسن قانون جديد يمنع ترشيح أي شخص منعاً باتاً إلا بعد اجتيازه امتحاناً نظرياً وعملياً في الدستور البحريني وفي اللائحة الداخلية لمجلس النواب، فهذا الجهل يهدر قيمة ما يملكون؟ فهناك من يقسم على الدستور ثم يحنث اليمين كما فعلت كتلة الوفاق، وهناك من يقسم على الدستور وهو لم يقرأه، وهناك من يعيث فيه فساداً دون علم! ( بلغ إلى مسامعنا أن أحد مقدمي طلب استجواب وزير المالية رفض أن يقوم أي من النواب الزملاء له أثناء المناقشة بالاعتراض على الاستجواب ويقول إن ذلك (عيب) رغم أن المادة 147 من اللائحة الداخلية تفيد في سطرها الأخير أن المتحدثين من الأعضاء المؤيدين و المعترضين على الاستجواب يتحدثون بالتناوب)، فمناقشة الاستجواب بين مؤيد ومعارض عرف برلماني، فإن كنت تجهل هذه المعلومة، اقرأ على الأقل، الأخ يعتقد أن المسألة فزعة!
نحن أمام جهل مدقع بمبادئ وأعراف دستورية وأمام أفراد رشحوا أنفسهم لخدمة الناس وأعلنوا أنهم مستعدون لحمل أمانة تئن من تحتها الجبال، ومع ذلك هم يجهلون ما بين أيديهم وما خلفهم وما هم مقدمون عليه.
الجهل بالأداة التي تملكها وبين يديك وأنت المخول باستخدامها يجعل وجودها من عدمه واحداً، إنكم تقطعون أواصر هذه الأداة حماية لهذا الوزير أو ذاك، إنكم على استعداد لذبح الدستور قرباناً للعلاقات الشخصية.