ليس عصياً على الفهم إدراك ما يقوم به رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لتجاوز الأزمة الدموية الحالية، والتي نتجت لغياب الرشد عن خط سير القرارات التي اتخذها منذ دخل المنطقة الخضراء في بغداد، وآخرها إعادة تسويق نفسه بالعنف كمرشح لولاية ثالثة.
ولأنه يواجه حالياً أزمة جارفة يصعب الوقوف أمامها، فقد اتبع المالكي أسلوباً قديماً في إدارة الأزمات يتلخص في القفز على الحصان الذي يقود الأزمة والسير به لمسافة قصيرة ثم تبديل مسار الأزمة لمسارات أخرى. ولعل أكثر المسارات شيوعاً في العلاقات الدولية أسلوب تصدير الأزمة إلى خارج. واستراتيجية تغيير مسار الأزمات العراقية الداخلية للخارج قديم قدم عبدالكريم قاسم 1961 ثم صدام 1990، ففي هذا السياق اتهم المالكي حين زار محافظة الأنبار مؤخراً دولاً عربية بالتدخل في شؤون بلاده بمخطط كبير.
وعندما يحيط الضباب بما يجري نحاول بتروٍّ قراءة الظروف التي ولد فيها تصدير المالكي لأزمته للخارج. فقد تعثرت صفقة الأسلحة الأمريكية لبغداد والتي تشمل طائرات الأباتشي وطائرات إف F-16، كما كان من بينها طائرات استطلاع ودبابات وصواريخ، والتي أشرنا إلى خطورة استمرار واشنطن في تنفيذها في مقال بعنوان «هل يعطي شوارسكوف الهيلكوبتر للمالكي مرة ثانية!» في 5 فبراير 2014.
وذكرنا أن ما يجري ليس تسليحاً للجيش العراقي بل هو تسليح لميليشيات تتبع المالكي. وستقتل أهل الأنبار بالهيلكوبتر كما قتل صدام من قام بالثورة الشعبانية 1991. ويقوم المالكي حالياً بتصدير أزمة حكمه بافتعال أزمات مع الخارج، في وقت أظهرت فيه وثيقة سرية بثتها وكالة «رويترز» للأنباء تفاصيل صفقة وقعها المالكي مع مؤسسة الصناعات الحربية الإيرانية ومؤسسة الصناعات الإلكترونية الحربية الإيرانية لشراء أسلحة متعددة وذخائر بلغت قيمتها نحو 150 مليون دولار أمريكي، وتنوعت بين أسلحة خفيفة وثقيلة وصواريخ ومنصات إطلاق وذخائر لأسلحة خفيفة وثقيلة ودبابات ومدفعية وأجهزة مختلفة للحماية وتنفيذ العمليات الخاصة.
وفي الوقت نفسه أشارت تقارير إلى صفقة سلاح روسية تاريخية ستحدث انقلاباً استراتيجياً في الشرق الأوسط بلغت قيمتها 4.3 مليار وشملت 30 مروحية هجومية و42 من أنظمة الصواريخ بانستير-اس 1 أرض/جو، وطائرات ميغ-29 وآليات ثقيلة.
تروعنا مما سبق حقيقتان؛ الأولى أن الأزمة التي يحاول المالكي تصديرها أصبحت مسلحة بترسانة إيرانية وروسية، إضافة إلى أسلحة 50 دولة تعرض في بغداد ابتداء من الأول من مارس 2014 الطائرات والدروع والصواريخ وأجهزة الاتصالات؛ فلم يعد المالكي والحالة هكذا يخوض معركته الكلامية كما اعتدنا عليها منذ ثمانية أعوام بالهجوم على السعودية ودول الخليج العربي بين فينة وأخرى، متهماً الخليجيين بتصدير الإرهاب للعراق. والحقيقة الثانية هي أن من لا يفهم التزام المالكي المقدس تجاه إيران لا يفهم المالكي وقراراته، فقد رفع سقف اتهاماته لجواره العربي لأمر يخص طهران.
بحثاً عن خاتمة؛ نقع في دائرة الحيرة حين ندرك أن عملية نقل الأسلحة من إيران للعراق تعتبر خرقاً مباشراً لالتزام إيران بقرار مجلس الأمن المرقم 1747. وانتهاكاً للحظر المفروض على مبيعات الأسلحة الإيرانية، فلماذا تخاطر إيران إن لم يكن هناك ما هو أثمن من ملف جنيف النووي! ولماذا يخاطر المالكي بفقدان علاقته بواشنطن بسبب تأخر تسلمه للسلاح في حين كان بإمكانه التروّي حتى زوال اعتراضات الكونغرس. هل ما يجري تمهيد لقرار تأجيل الانتخابات المقررة في أبريل رغم نفي المالكي لذلك؟ أم أن الأمر لأسباب أخرى غير مرصودة الآن تتعدى الانتخابات وتتعدى ثورة الأنبار، بل تلغي العراق كمرتكز للتحولات العربية الكبرى وتحوله للقيام بدور «حزب الله» بمقاييس دولة؟
{{ article.visit_count }}
ولأنه يواجه حالياً أزمة جارفة يصعب الوقوف أمامها، فقد اتبع المالكي أسلوباً قديماً في إدارة الأزمات يتلخص في القفز على الحصان الذي يقود الأزمة والسير به لمسافة قصيرة ثم تبديل مسار الأزمة لمسارات أخرى. ولعل أكثر المسارات شيوعاً في العلاقات الدولية أسلوب تصدير الأزمة إلى خارج. واستراتيجية تغيير مسار الأزمات العراقية الداخلية للخارج قديم قدم عبدالكريم قاسم 1961 ثم صدام 1990، ففي هذا السياق اتهم المالكي حين زار محافظة الأنبار مؤخراً دولاً عربية بالتدخل في شؤون بلاده بمخطط كبير.
وعندما يحيط الضباب بما يجري نحاول بتروٍّ قراءة الظروف التي ولد فيها تصدير المالكي لأزمته للخارج. فقد تعثرت صفقة الأسلحة الأمريكية لبغداد والتي تشمل طائرات الأباتشي وطائرات إف F-16، كما كان من بينها طائرات استطلاع ودبابات وصواريخ، والتي أشرنا إلى خطورة استمرار واشنطن في تنفيذها في مقال بعنوان «هل يعطي شوارسكوف الهيلكوبتر للمالكي مرة ثانية!» في 5 فبراير 2014.
وذكرنا أن ما يجري ليس تسليحاً للجيش العراقي بل هو تسليح لميليشيات تتبع المالكي. وستقتل أهل الأنبار بالهيلكوبتر كما قتل صدام من قام بالثورة الشعبانية 1991. ويقوم المالكي حالياً بتصدير أزمة حكمه بافتعال أزمات مع الخارج، في وقت أظهرت فيه وثيقة سرية بثتها وكالة «رويترز» للأنباء تفاصيل صفقة وقعها المالكي مع مؤسسة الصناعات الحربية الإيرانية ومؤسسة الصناعات الإلكترونية الحربية الإيرانية لشراء أسلحة متعددة وذخائر بلغت قيمتها نحو 150 مليون دولار أمريكي، وتنوعت بين أسلحة خفيفة وثقيلة وصواريخ ومنصات إطلاق وذخائر لأسلحة خفيفة وثقيلة ودبابات ومدفعية وأجهزة مختلفة للحماية وتنفيذ العمليات الخاصة.
وفي الوقت نفسه أشارت تقارير إلى صفقة سلاح روسية تاريخية ستحدث انقلاباً استراتيجياً في الشرق الأوسط بلغت قيمتها 4.3 مليار وشملت 30 مروحية هجومية و42 من أنظمة الصواريخ بانستير-اس 1 أرض/جو، وطائرات ميغ-29 وآليات ثقيلة.
تروعنا مما سبق حقيقتان؛ الأولى أن الأزمة التي يحاول المالكي تصديرها أصبحت مسلحة بترسانة إيرانية وروسية، إضافة إلى أسلحة 50 دولة تعرض في بغداد ابتداء من الأول من مارس 2014 الطائرات والدروع والصواريخ وأجهزة الاتصالات؛ فلم يعد المالكي والحالة هكذا يخوض معركته الكلامية كما اعتدنا عليها منذ ثمانية أعوام بالهجوم على السعودية ودول الخليج العربي بين فينة وأخرى، متهماً الخليجيين بتصدير الإرهاب للعراق. والحقيقة الثانية هي أن من لا يفهم التزام المالكي المقدس تجاه إيران لا يفهم المالكي وقراراته، فقد رفع سقف اتهاماته لجواره العربي لأمر يخص طهران.
بحثاً عن خاتمة؛ نقع في دائرة الحيرة حين ندرك أن عملية نقل الأسلحة من إيران للعراق تعتبر خرقاً مباشراً لالتزام إيران بقرار مجلس الأمن المرقم 1747. وانتهاكاً للحظر المفروض على مبيعات الأسلحة الإيرانية، فلماذا تخاطر إيران إن لم يكن هناك ما هو أثمن من ملف جنيف النووي! ولماذا يخاطر المالكي بفقدان علاقته بواشنطن بسبب تأخر تسلمه للسلاح في حين كان بإمكانه التروّي حتى زوال اعتراضات الكونغرس. هل ما يجري تمهيد لقرار تأجيل الانتخابات المقررة في أبريل رغم نفي المالكي لذلك؟ أم أن الأمر لأسباب أخرى غير مرصودة الآن تتعدى الانتخابات وتتعدى ثورة الأنبار، بل تلغي العراق كمرتكز للتحولات العربية الكبرى وتحوله للقيام بدور «حزب الله» بمقاييس دولة؟