ندخل خلال أيام قليلة شهر أبريل من العام 2014، وهو شهر عادي في أي عام، ولكنه غير عادي كل أربع سنوات لأنه العام الذي يشهد الانتخابات التشريعية. هذا العام تحديداً تختلف فيه فترة الترقب والانتظار للانتخابات تماماً، وهي فترة غير طبيعية مقارنة بثلاث فترات شهدتها البلاد منذ العام 2002.
ما يجعل هذه الفترة مختلفة أنه تفصلنا فترة شهور قليلة عن الانتخابات، وإلى الآن مازال الحراك السياسي المتعلق بالانتخابات ضعيفاً للغاية، فلا يوجد من يتحدث عن الانتخابات من الجمعيات السياسية المعنية بشكل مباشر بهذه الاستحقاقات، وكذلك النواب الحاليين من الواضح أن الانتخابات المقبلة ليست في دائرة اهتماماتهم حتى الآن مع اقتراب دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي الثالث من نهايته أواخر مايو المقبل. أما بالنسبة للناخبين وهم المواطنون الذين انشغلوا كثيراً بالشأن السياسي خلال السنوات الثلاث الماضية، فإن قضية الانتخابات ليست أيضاً في دائرة اهتمامهم.
كل هذا في وقت يفصلنا فيه عن الانتخابات عدة شهور قليلة، الجميع في حالة صمت مطبق غريب ومريب!
هل مثل هذا الصمت طبيعي؟ وهل يعكس حالة طبيعية من الحراك السياسي الدائر في المجتمع؟
لا أعتقد أنه يعكس حالة طبيعية من الحراك السياسي الذي اعتدنا عليه، فالصمت السياسي يعد مؤشراً على مؤشرات الترقب والعزوف الانتخابي. الترقب يتعلق بأي خطوات أو مبادرات مقبلة في النظام السياسي لمعالجة التحديات الراهنة، وهو ترقب يتعلق بطبيعة مواقف كافة القوى السياسية من الاستحقاق الانتخابي. أما بالنسبة للعزوف الانتخابي، فإن تزايد الصمت هو مؤشر على أن الانتخابات قد لا تكون ساخنة بمفهوم المنافسة السياسية، بالإضافة إلى أنها مؤشر أولي على إمكانية متوقعة بارتفاع نسب عزوف المواطنين عن المشاركة في العملية السياسية.
هذا العزوف لا يعد مقاطعة سياسية، بل هو شكل من أشكال عدم الاكتراث السياسي الذي قد يسيطر على سلوك الناخب نتيجة ظروف إحباط واستياء يمر فيها. بالإضافة إلى ذلك فإن هناك بعداً آخر هام للغاية، وهو زيادة اتجاهات التطرف السياسي التي سيطرت على اتجاهات الرأي العام البحريني على مدى ثلاث سنوات، فصار الفرد منشغلاً بالتعبير عن آرائه المتطرفة، وأحياناً ممارسة سلوك سياسي متطرف أكثر من اهتمامه بدعم العملية السياسية أو دعم الإصلاحات الحالية. وبالتالي ليس مهماً لديه الانشغال باستحقاق انتخابي أو حتى متابعة قضية استجواب أحد الوزراء، أو دعم إصدار تشريع هام معين.
الصمت السياسي ظاهرة مهمة وخطرة على الدولة، والنظام السياسي في البحرين، وتستحق البحث عن آليات تحفيز فعالة تدعم المشاركة السياسية الحقيقية بعيداً عن المزايدات والمبالغات.