مرة أخرى تعلن وزارة التنمية الاجتماعية تأخير الانتهاء من بناء مشروع مجمع خدمات الإعاقة عامين آخرين، وهذه هي المرة الرابعة التي يتم الإعلان عن تأخير موعد انتهاء هذا المشروع.
فمن المعروف أن الوزارة أعلنت بدء العمل في إقامة المشروع في عام 2007 ولمدة 3 سنوات على أن ينتهي البناء في عام 2009، وبعد ذلك تم تأجيل الموعد الى عام 2010، ثم تم تأجيله عامين الى 2012، وفي ذلك العام مدد عام آخر الى عام 2013، وفي أبريل من العام الماضي ذكر أن 23 شركة بحرينية وكويتية قدمت عطاءاتها في المناقصة الخاصة ببناء هذا المجمع الشامل.
وبذلك تمضي 7 سنوات من عمر هذا المشروع الحيوي والذي يتطلع له المعاقون من ذوي الاحتياجات الخاصة لتلبية كافة احتياجاتهم ومتطلباتهم العلاجية والتأهيلية في مكان واحد، تضيع سبع سنوات في تأجيلات متواصلة دون أن تلتزم الوزارة المعنية بمبدأ الشفافية أولاً، وبمسؤوليتها تجاه هذه الفئة من المواطنين، والتي تلزمها كجهة حكومية رسمية بتدبير الإمكانيات وإزالة العراقيل التي تمنع إنجاز المشروع في وقته.
ذلك أن طرح مناقصة المشروع في العام الحالي 2014 يكتنفه الغموض، فهل يعني أن الشركات التي قدمت عطاءاتها ستبني المشروع من جديد وأنه منذ أن تم وضع حجر الأساس في عام 2007 توقف البناء قبل أن يبدأ، أم أن هذه الشركات ستقوم باستكمال البناء، وفي كل الأحوال فإن إنجاز البناء في المجمع سيتحاج إلى 3 سنوات أخرى، أي إلى عام 2018، وبعده يبدأ التجهيز والتشغيل حتى 2020، أي 12 عاماً تأخير.
وبالعودة إلى عام 2007 وتحت عنوان (مجمع الإعاقة الشامل) نقرأ في التقرير السنوي لوزارة التنمية الاجتماعية عن ذلك العام الخبر المفرح التالي:
«وضع حجر الأساس لمجمع الإعاقة الشامل بمنطقة عالي في المحافظة الوسطى، والذي يشتمل على 12 قسماً وبتكلفة إجمالية تقدر بـ 5 ملايين و 400 ألف دينار.
وقالت الدكتورة فاطمة البلوشي وزيرة التنمية الاجتماعية في كلمتها بهذه المناسبة: إن فكرة إنشاء هذا المجمع حظيت بدعم أساسي ومنذ البداية من قبل حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى الذي أمر بتخصيص أرض لإقامة المجمع عليها بمساحة 3 هكتارات، وتبرع جلالته بمبلغ مليون دينار لتمويل إنشاء مركزين من مراكز المجمع هما مركز التشخيص والتقييم والقياس ومركز العلاج الطبيعي.
ونوهت بهذه المبادرة الملكية، وذكرت أن هذا المشروع قد لاقــى التفاعــل الإيجابــي من قبل القطاع الخاص، والعائلات التجارية العريقة، حيث تفضل الوجيه مبارك جاسم كانو بتمويل مركز متعددي الإعاقة الذهنية والسمعية، وتبرع الوجيه خالد محمد كانو بتمويل مركز التوحد، والمؤسسة الوطنية لخدمات المعاقين بتمويل مركز مصادر التعليم والتدريب، وحديثاً أثلج صدورنا بيت التمويل الخليجي الذي أعلن استعداده لتمويل مراكز المجمع الأخرى والمتبقية، ليكتمل بذلك تمويل إنشاء هذا المجمع الشامل.
كلمة وزيرة التنمية الاجتماعية هذه أعلنت بوضوح أن مشروع مجمع الإعاقة الشامل قد اكتمل تمويل بنائه، وأن وضع حجر الأساس مع توفر التمويل اللازم يعني أن البناء قد بوشر في ذلك الوقت أي في عام 2007، فما الذي حدث بعد ذلك اليوم، وهل بدأ البناء بالفعل أم أن أموراً طرأت تتعلق بالتكلفة أو التمويل عطلت أو أجلت العمل، ولماذا لاذت وزارة التنمية بالصمت طوال هذه السنوات، ولم تعلن العقبات التي اعترضت طريق المشروع والحلول المطلوبة لتخطيها.
السؤال الآخر الذي نطرحه على وزارة التنمية الاجتماعية هو أنها أعلنت في ذلك الوقت (2007) أن التكلفة الإجمالية للبناء هي 5.4 مليون دينار تشمل عشرة مراكز بالإضافة إلى المبنى الإداري للمجمع، ثم وضعت تكلفة تقديرية لكل واحد من المراكز العشرة بجمعها تصبح التكلفة المقدرة لبناء المراكز العشرة 3 ملايين
و676 ألف دينار، أي أن هناك مبلغاً فائضاً للمبنى الإداري يصل إلى مليون و 742 ألف دينار، واليوم وبعد سلسلة التأجيلات الإجمالية لتنفيذ المشروع تخرج علينا الوزارة بقولها إن التكلفة الإجمالية قد ارتفعت من 5 ملايين و400 ألف دينار إلى 6 ملايين و700 ألف دينار، أي بزيادة مليون و300 ألف دينار.
أموال وأرقام ونقص في التكلفة، ثم فائض، ثم نقص، وتأجيل وغموض يشمل المشروع وتمويله، هذه هي صورة وزارة التنمية الاجتماعية القابعة ببرجها العاجي في المرفأ المالي وكأنها وزارة رجال أعمال وليست وزارة مسنين ومعاقين ومعوزين.
وزارة التنمية الاجتماعية ليس بغريب عليها هذا التعامل مع مجمع المعاقين، فقد سبق لها أن تعاملت بالمثل مع تأجير مركز المنظمات الأهلية، ومع مبنى المركز العلمي الذي أدى شراؤه بذلك الثمن الباهظ إلى طلب مجلس النواب استجواب الوزيرة قبل أن ينقذها الإسلام السياسي في المجلس بمنع ذلك الاستجواب وإنقاذها من شبهة فساد واضحة.