«أنا أعشق البحرين»، نطقها بلغة إنجليزية ذات لكنة إيطالية وبشغف صادق لم يفاجئني.
هكذا ابتدأ حديثه معي «سنيور فابيو»، في لقاءٍ جمعني معه وبمعيتنا صديقي الذي شرفني بالتعرف على «فابيو»، صديقاي يعملان في نفس موقع العمل. فصديقي القديم يعمل كموظف إداري بإحدى شركات الطيران في البحرين، بينما صديقي الجديد «فابيو» يعمل قائد طائرات تجارية. وفابيو مواطن أربعيني إيطالي مقيم في البحرين منذ أكثر من ثلاث سنوات، هو وزوجته والتي تقاعدت عن العمل في إيطاليا، وتفرغت الآن بحسب وصف فابيو لمنصب «الرئيس التنفيذي» لهذه الأسرة الإيطالية.
عودة إلى «أنا أعشق البحرين»، الجملة التي بدأ بها حديثاً دار حول أعوام وجوده الثلاثة في البحرين، حيث استكمل: «أقولها ليس من باب المجاملة كونك بحرينياً، فبلدكم الطيب هذا سحرني منذ أن حطت قدماي فيه وهو شعور روحاني لا أستطيع تفسيره بمنطق العقول، وما أستطيع تفسيره بعدها هو الطيبة الأصيلة لشعب البحرين التي وجدتها من خلال تعايشي معهم سواء في عملي أو في حياتي اليومية»، مضيفاً: «مدى الأمن والأمان الذي يتمتع به بلدكم، والذي لا أبالغ إن قلت بأنه يفوق ذلك الموجود في وطني إيطاليا بل ومعظم دول أوروبا، وأنا من جاب العالم عبر وظيفته!»، «لم يكن يقصد هنا فابيو نقل أية صورة خاطئة عن مستوى الأمن والأمان في وطنه الحائز على لقب أفضل بلد سياحي في العالم لعام 2013، بحسب استبيان مجلة السياحة المرموقة كوندي ناست، وهو قبلاً من حدثني عن جمال وطنه وافتخاره بانتمائه له، إنما كما يقول مثلنا الدارج «كل ديرة فيها مقبرة»!».
واستمر فابيو في تشنيف أسماعي قائلاً، علاوة على البعد الاجتماعي المتمثل في قلة أعداد أفراد الجالية الإيطالية في البحرين، فلقد تلقيت عدة عروض للعمل لدى شركات طيران ضخمة في العديد من الدول تفوق أضعافاً مضاعفة ما أتقاضاه هنا في البحرين، ولكنني رفضتها جميعاً لحبي الشديد وزوجتي البقاء والعمل هنا في البحرين.
انتهى حديث فابيو، وأخذت حينها نفساً عميقاً مبالغاً فيه لا لشيء إنما أردت هواء وطني أن يغمرني بقوة في تلك اللحظة، ونظرت إلى فابيو وصرخت بداخلي، «ليت قومي يعلمون»!
آه لو تعلم يا صديقي فابيو بأن هناك من «مواطني» البحرين من تفنن وبخبث الشياطين في السنوات الماضية ولايـــــــزال في كيفية تشـــويه صـــــــورة البحرين في الخارج، والأخبث مـــــن ذلك أنهم هم أنفسهم من كانوا يشكلون مسرح الجريمة عبر عملياتهم الإرهابية التي طالت أرواح العباد ومقدرات البلاد ومن ثم يسارعون بالاتصال بالخارج متباكين عند جهات إعلامية وحقوقية لا تقل خبثاً عنهم للدفاع عن «مظلوميتهم»! والمفارقة المخزية أن هذه الفئة الضالة المضللة تدعي بعدها اتباعها للقائل رضي الله عنه وعليه السلام، «نعمتان مفقودتان، الصحة والأمان»! ولو علمت يا سيدي الإمام عن أمر هؤلاء الأزلام لزدت ثالثة، «وحب الأوطان»!
شهادتك يا صديقي فابيو يشهد على صدقها التقرير الصادر مؤخراً في شهر يناير 2014، عبر الموقع الإلكتروني www.numbeo.com، وهو أكبر وأوثق موقع إلكتروني في العالم متخصص في إجراء الاستبيانات والإحصائيات حول أوضاع العيش في بلدان العالم.
هذا الموقع من أهم سياساته عدم اعتماده على أية بيانات وإحصاءات صادرة عن أية جهة حكومية في دولة ما، بل عبر مصادره الخاصة والموثوقة، وهي ما أعطت الموقع حيادية ومصداقية، جعلته من أكبر وسائل الإعلام الدولية فعلى سبيل المثال قنوات فضائية مرموقة مثل البي بي سي، وفوكس نيوز وغيرها، والصحف والمجلات الدولية الأشهر كمثل؛ صحيفة النيويورك تايمز، ومجلة التايم، ومجلة فوربس، والايكونوميست...وغيرها الكثير، من أن تقوم بالاعتماد غالباً على الاستبيانات والإحصائيات الصادرة عبر هذا الموقع المرموق.
عودة إلى تقرير الموقع الصادر في يناير 2014، حول معدلات الأمن والأمان في دول العالم، حيث جاء في إحصائية حول البحرين وبالتحديد في جزئية «مؤشر الأمان»، بأن البحرين تعد من أكثر دول العالم أماناً «تخطت في الترتيب جميع الدول العربية بما فيها الخليجية، وأمريكا ومعظم دول أوروبا وأغلب دول العالم»، وقد جاء في أحد تفاصيل مؤشر الأمن والأمان، بأن البحرين تعد نسبة الأمان فيها نهاراً 100%، وتقريباً 90% ليلاً.