يقول الشيخ محمد النابلسي نقلاً عن أحد كتاب السيرة الغربيين في حديث عن إنسانية النبي صلى الله عليه وسلم: «كان محمد عابداً وقائداً، شيد أمة من الفتات المتناثر، وكان رجل حرب يضع الخطط ويقود الجيوش، وكان أباً عطوفاً، وزوجاً تحققت فيه المودة والرحمة والسكن، وكان صديقاً حميماً، وقريباً كريماً، وجاراً تشغله هموم جيرانه، وحاكماً تملأ نفسه مشاعر محكوميه، يمنحهم من مودته وعطفه ما يجعلهم يفتدونه بأنفسهم، ومع هذا كله فهو قائم على أعظم دعوة شهدتها الأرض، الدعوة التي حققت للإنسان وجوده الكامل، وتغلغلت في كيانه كله، ورأى الناس الرسول الكريم تتمثل فيه هذه الصفات الكريمة فصدقوا تلك المبادئ التي جاء بها كلها، ورأوها متمثلة فيه، ولم يقرؤوها في كتاب جامد، بل رأوها في بشر متحرك فتحركت لها نفوسهم، وهفت لها مشاعرهم، وحاولوا أن يقتبسوا قبسات من الرسول الكريم كل بقدر ما يطيق، فكان أكبر قدوة للبشرية في تاريخها الطويل، وكان هادياً ومربياً بسلوكه الشخصي قبل أن يكون بالكلم الطيب الذي ينطق به».
عندما نتحدث عن «الإنسانية» ذلك المفهوم الجميل الذي يركز على قيمة الإنسان وكيانه وطبيعته وتعامله بكفاءة حياتية مع الآخرين، فإنما نتحدث عن «كيان» له أحاسيس ومشاعر يقدر من حوله، ويعمر الحياة والكون بأجمل معاني العطاء، فيساهم في نشر الخير وكسب القلوب، وإعمار «الذات البشرية» أولًا ثم إعمار الكون بشتى محاسن الأقوال والأفعال، فتنقاد له كل زهور الكون طواعية، لنوره الساطع وتدفق أنهاره التي تعطي مشاهد الكون إطلالات جميلة على أجمل وأنبل مشاهد الخير. إنها «الإنسانية» التي تحول أحزان الحياة وضيق النفوس إلى بسمات مشرقة تدغدغ المشاعر وتغير طبائع النفوس. إنسانية تهتم بعلاقات الأفراد وتوثيق التواصل وتضميد الجراح والارتقاء بالقيم..
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في «إنسانيته» التي فاقت الحدود جمعتها الآية الكريمة: «وإنك لعلى خلق عظيم»، فلقد استطاع صلى الله عليه وسلم أن يفرض «إنسانيته» على «الإنسانية» جمعاء، ويفرض «شخصيته الراقية» التي استطاع بها أن ينشر دعوة الخير في كافة أنحاء المعمورة، صفات رائعة جمعها الشيخ النابلسي من خلال الفقرة التالية أنقلها كاملة لما فيها من خير وفائدة وشمولية تذكر نفوسنا متى ما «جمدت» في المسير، وغاصت في متاهات الحياة.
يقول الشيخ النابلسي: «يقول كتاب السيرة من المسلمين يصفون شخصية النبي التعاملية أي يصفون جانباً من شخصيته: لقد كان صلى الله عليه وسلم جم التواضع، وافر الأدب، يبدأ الناس بالسلام، ينصرف بكله إلى محدثه صغيراً كان أو كبيراً، يكون آخر من يسحب يده إذا صافح، وإذا تصدق وضع الصدقة بيده في يد المسكين، و إذا جلس، جلس حيث ينتهي به المجلس، لم ير ماداً رجليه قط، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته أو حاجة صاحب أو جار، وكان يذهب إلى السوق ويحمل بضاعته ويقول: أنا أولى بحملها، وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، وكان يرفو ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره ويكنس داره، وكان في مهنة أهله، وكان يأكل مع الخادم، ويقضي حاجة الضعيف والبائس، يمشي هوناً خافض الطرف متواصل الأحزان، دائم الفكر، لا ينطق من غير حاجة، طويل السكوت، إذا تكلم تكلم بجوامع الكلم، وكان دمثاً ليس بالجاحد، ولا المهين، يعظم النعم وإن دقت، ولا يذم منها شيئاً، ولا يذم مذاقاً ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض بصره، وكان يؤلف ولا يفرق، يقرب ولا ينفر، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، يحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، ولا يقصر عن حق ولا يجاوزه، ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو ما يسره من القول، كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب، ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يخيب فيه مؤمله، كان لا يذم أحداً ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما يرجى ثوابه، يضحك مما يضحك منه أصحابه، ويتعجب مما يتعجبون، ويصبر على الغريب وعلى جفوته في مسألته ومنطقه، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه».
كم نحن في مسيس الحاجة بأن نرتفع عن كل ما يعكر صفو العلاقات التواصلية، وعن كل قبيح في القول وفي الفعل، وعن كل التوافه التي لا تزيد من حسابنا الأخروي شيئاً، سوى الخسران والندامة، نحتاج «الإنسانية» لأنها تكسر «جمود النفوس وتعاليها»، لنلبس ثوب الإنسانية الآن قبل الغد.
عندما نتحدث عن «الإنسانية» ذلك المفهوم الجميل الذي يركز على قيمة الإنسان وكيانه وطبيعته وتعامله بكفاءة حياتية مع الآخرين، فإنما نتحدث عن «كيان» له أحاسيس ومشاعر يقدر من حوله، ويعمر الحياة والكون بأجمل معاني العطاء، فيساهم في نشر الخير وكسب القلوب، وإعمار «الذات البشرية» أولًا ثم إعمار الكون بشتى محاسن الأقوال والأفعال، فتنقاد له كل زهور الكون طواعية، لنوره الساطع وتدفق أنهاره التي تعطي مشاهد الكون إطلالات جميلة على أجمل وأنبل مشاهد الخير. إنها «الإنسانية» التي تحول أحزان الحياة وضيق النفوس إلى بسمات مشرقة تدغدغ المشاعر وتغير طبائع النفوس. إنسانية تهتم بعلاقات الأفراد وتوثيق التواصل وتضميد الجراح والارتقاء بالقيم..
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في «إنسانيته» التي فاقت الحدود جمعتها الآية الكريمة: «وإنك لعلى خلق عظيم»، فلقد استطاع صلى الله عليه وسلم أن يفرض «إنسانيته» على «الإنسانية» جمعاء، ويفرض «شخصيته الراقية» التي استطاع بها أن ينشر دعوة الخير في كافة أنحاء المعمورة، صفات رائعة جمعها الشيخ النابلسي من خلال الفقرة التالية أنقلها كاملة لما فيها من خير وفائدة وشمولية تذكر نفوسنا متى ما «جمدت» في المسير، وغاصت في متاهات الحياة.
يقول الشيخ النابلسي: «يقول كتاب السيرة من المسلمين يصفون شخصية النبي التعاملية أي يصفون جانباً من شخصيته: لقد كان صلى الله عليه وسلم جم التواضع، وافر الأدب، يبدأ الناس بالسلام، ينصرف بكله إلى محدثه صغيراً كان أو كبيراً، يكون آخر من يسحب يده إذا صافح، وإذا تصدق وضع الصدقة بيده في يد المسكين، و إذا جلس، جلس حيث ينتهي به المجلس، لم ير ماداً رجليه قط، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته أو حاجة صاحب أو جار، وكان يذهب إلى السوق ويحمل بضاعته ويقول: أنا أولى بحملها، وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين، ويقبل عذر المعتذر، وكان يرفو ثوبه، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ويعقل بعيره ويكنس داره، وكان في مهنة أهله، وكان يأكل مع الخادم، ويقضي حاجة الضعيف والبائس، يمشي هوناً خافض الطرف متواصل الأحزان، دائم الفكر، لا ينطق من غير حاجة، طويل السكوت، إذا تكلم تكلم بجوامع الكلم، وكان دمثاً ليس بالجاحد، ولا المهين، يعظم النعم وإن دقت، ولا يذم منها شيئاً، ولا يذم مذاقاً ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض بصره، وكان يؤلف ولا يفرق، يقرب ولا ينفر، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، يحسن الحسن ويصوبه، ويقبح القبيح ويوهنه، ولا يقصر عن حق ولا يجاوزه، ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو ما يسره من القول، كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب، ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يخيب فيه مؤمله، كان لا يذم أحداً ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما يرجى ثوابه، يضحك مما يضحك منه أصحابه، ويتعجب مما يتعجبون، ويصبر على الغريب وعلى جفوته في مسألته ومنطقه، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه».
كم نحن في مسيس الحاجة بأن نرتفع عن كل ما يعكر صفو العلاقات التواصلية، وعن كل قبيح في القول وفي الفعل، وعن كل التوافه التي لا تزيد من حسابنا الأخروي شيئاً، سوى الخسران والندامة، نحتاج «الإنسانية» لأنها تكسر «جمود النفوس وتعاليها»، لنلبس ثوب الإنسانية الآن قبل الغد.