هي بالفعل كذلك، لذا أتمنى ألا أسمعها، حيث القول إن الحراك في البحرين حراك سلمي أمر بات مستفزاً لأنه وببساطة ما نراه ويراه العالم من ممارسات في الشارع يؤكد أن الحراك غير سلمي وأنه على العكس خيار العنف هو المعتمد لدى «وكلاء الثوار» في البحرين وأنه يتصاعد وتزداد نسبته.
اللافت هذه الأيام هو أن الفئة التي اعتبرت نفسها في ثورة تهتم بتسويق هذه البضاعة الكاسدة فتكرر القول إن «شعب البحرين أذهل العالم بثورته السلمية» و»أن العالم سيسجل ثورة البحرين بأحرف من نور» وغيرها من أقوال لا يمكن لعاقل في العالم أن يصدقها لأن الواقع ينقضها والممارسات غير السلمية والتي صار وقودها الأطفال الأبرياء تفضحها.
ترى كيف يكون الحراك سلمياً ولا يمر يوم إلا ونسمع فيه عن أعمال تخريب واختطاف شوارع وتعطيل حياة المواطنين والمقيمين وإرهابهم وتعريضهم لشتى أنواع المخاطر وصولاً إلى أخبار التفجيرات التي زادت في الفترة الأخيرة وتسببت في وقوع العديد من الضحايا والكثير من الجرحى والمرضى النفسيين؟
كيف يكون الحراك سلمياً والكثيرون صاروا يفضلون «معاقرة» التلفزيون بدل الخروج إلى شوارع يرون أنها لم تعد آمنة بسبب تلك الأفعال البعيدة عن السلمية والدين والأخلاق والتي يمكن أن يصابوا فيها بما يخشونه؟
كيف يكون الحراك سلمياً والتحريض على العنف لا يتوقف سواء عبر المنابر الدينية أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر الفضائيات السوسة بقيادة فضائية العالم الإيرانية التي لا أستبعد أنها تقوم بتوجيه «الثوار» من خلال برامجها بطريقة أو بأخرى وبلغة متفق عليها؟
كيف يكون الحراك سلمياً وفي كل يوم نرى الدم يسال من الأبرياء الذين لا دور لهم سوى تلقي الضربات الموجعة من قبل أناس «صنفوا» في غفلة من الزمن وتخيلوا أنهم قادرون على تسلم زمام الحكم في البلاد؟
رجاء لا تقل لي إن الحراك سلمي لأن هذا الكلام «ينرفزني» كثيراً كما «ينرفز» الكثيرين وكل محب لهذا الوطن وحريص على سلامته ومستقبله، فهذا الكلام يماثل البيانات التي يصدرونها ويقولون فيها إنهم ضد العنف وإنهم يدينون العمليات الإرهابية من أي جهة كانت.
المسألة ليست في القول والادعاء بأنهم ضد العنف وأن حراكهم سلمي، فمثل هذه الأمور مقياسها أرض الواقع وما يجري فيه من ممارسات يراها العالم بالعين المجردة، فلا يمكن لمن يرى العنف متجسداً في ممارساتهم أن يقول إن حراكهم سلمي، ولا يمكن لمن يرى ويسمع في كل يوم عن سقوط ضحايا وجرحى وعن فعاليات مخالفة للقانون تنتهي بالمواجهات مع رجال الأمن أن يقول إن الحراك سلمي، وأن هؤلاء ضد العنف وضد تطور الأمور وتعقدها وأنهم مع الحوار.
لا يمكن أن يكون الحراك سلمياً وهم يدفعون في كل مناسبة الشباب الذي يبدو أنه «لا يعرف السالفة» إلى أتون معركة غير متكافئة ويصورون لهم أن الوصول إلى حيث كان دوار مجلس التعاون الذي تمت إزالته هو بمثابة النصر المؤزر والفوز بالدنيا والآخرة.
من يقول إن الحراك في البحرين سلمي يغالط نفسه ويسوق بضاعة خاسرة، فكما أن العالم بمنظماته ومؤسساته يرى ما تفعله الحكومة وكيف تعالج المشكلة، كذلك فإنه يرى ما تقوم به هذه الفئة من ممارسات وتصنفه في خانة غير السلمية.
لا يمكن وصف العمل العنيف إلا بالقول إنه عمل عنيف، والأكيد أنه لا يمكن وصف العمل السلمي إلا بالقول إنه عمل سلمي، ولأن الممارسات التي يتم تنفيذها منذ ثلاث سنوات وازدادت وتيرتها مؤخراً تتسبب في الأذى وعنوانها التخريب والفوضى والإرهاب لذا فإنه لا يمكن إلا القول إنها غير سلمية، فعكس هذا «ينرفز» حتى من لا «يتنرفز»!