هنا ما ورد في تغريدة توسطت مجموعة تغريدات لشخص يبدو أنه قريب من الشاب الذي توفي محترقاً في قرية العكر الأسبوع الماضي، ويبدو أنه على معرفة بجانب من حياته وتحركاته، حيث جاء في التغريدة أن موت الشاب «لم يكن موتاً عابراً أو كان عن انفجار قنبلة كان يصنعها. نعم هو يصنع قنابل، ولكن في تلك الليلة لم يكن يريد أن يصنع»!
فكيف إذاً لم تكن الوفاة نتيجة انفجار قنبلة طالما أنه يصنع قنابل؟ وكيف للآخرين أن يعرفوا أنه في تلك الليلة لم يكن يريد أن يصنع قنبلة؟ من جزم بالمعلومة الأولى لا يمكنه أن يجزم بالمعلومة الثانية، إلا إن كان قد قضى الليل معه في نفس المكان.. ولم ينم.
في التغريدات الأخرى التي تم نشرها تباعاً قال المغرد إن الشاب «كان جالساً مع أصدقائه وبعدما أحس بالتعب ذهب ليستريح في ذلك البيت، وبعد وقت قصير من ذهابه أحس الجيران بتلك النار».
هذه التغريدة وأختها تكفيان لتغليب صحة الرواية الرسمية التي ذكرت أنه توفي نتيجة انفجار قنبلة، وحسب تغريدات أخرى كان الشاب «قائداً ميدانياً» لآخرين قاموا باختطاف شوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات بعد بلوغهم خبر وفاته تحية له و.. انتقاماً.
مؤلم أن يفقد شاب في مقتبل العمر حياته بهذه الطريقة البشعة، ولكن مؤلم أيضاً أن يتورط هذا الشاب في صناعة القنابل التي يمكن أن تقتل أبرياء وتشيع الفوضى ويتهم فيها آخرون ربما لا علاقة لهم بما يجري.
مجموعة التغريدات هذه تؤكد أن الشاب كان «قائداً ميدانياً»؛ أي أنه يقود مجموعة أو مجموعات في مواجهات مع رجال الأمن تتعطل بسببها الحياة وتسود الفوضى، وقد ينتج عنها وفاة أو إصابة أبرياء، كما تؤكد أنه كان يصنع القنابل التي يمكن أن تنال من الأبرياء وتزيد من تعقيد المشكلة.
نعم؛ لن يعود الشاب إلى الحياة وسيظل ذووه يتألمون لما حدث له ولن يهنؤوا في حياتهم، ولكن هذا وهذا ينبغي أن يكون سبباً يدفع الجمعيات السياسية والجهات التي تتبعها إلى التفكير في وضع نقطة في نهاية السطر كي لا يزيد رقم الضحايا الذين لا يكونون في كل الأحوال من أبناء «القادة» أو أقربائهم أو ربما حتى من أقرباء أقربائهم.
لا بد من وضع حد لهذا الاستهتار بأرواح الشباب الذين يتم رميهم في أتون معركة غير متكافئة ومن دون أن يعلموا غالباً لمصلحة من يفعلون ذلك ولماذا. لا بد من لحظة مراجعة عنوانها أن أرواح أبناء الفقراء ليست لعبة، وأن كل هذا الذي يفعلونه لن يوصل إلى شيء لأن الطرف الآخر -الدولة- لن يقف مكتوف اليدين ساكناً، ذلك أن من حقه أيضاً أن يدافع عن نفسه ويحمي مكتسباته ومستقبله.
ما يحدث اليوم من مآس تتحمل مسؤوليته الجمعيات السياسية (الوفاق ومن صار في جيبها) التي من الواضح أنها لا تحب أن تقول لما يسمى ائتلاف فبراير «أف» ولا تنهره، بل على العكس تسايره وتشد من أزره (ولو من تحت لتحت).
الذين فتحوا هذه الكوة عليهم أن يغلقوها وإلا لحق بمن وقع فيها من الشباب الذين هم عدة الوطن ومستقبله كثيرون تحت شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع. ما يقوم به أولئك القابعون في الظل يدخل في باب الجريمة وإن تم تقديمه بعناوين ثورية، فعندما لا يكون الطرفان متكافئين فإن ما يفعله الطرف الضعيف يدخل في باب الانتحار.
ليس مهماً عدم تصديق الرواية الرسمية، المهم هو وضع حد لاستهتار ذلك البعض بأرواح الشباب.