«معلومات عن وساطة كويتية - عمانية بالخلافات الخليجية، وحرص على عدم تسريبها للإعلام. مصادر المعلومات تذكر أن 80% تم حله.. لكن الباقي أعقد. تفاءلوا». هذا ما كتبه كاتب سياسي كويتي قبل نحو أسبوع في صفحته على التويتر، وهذا ما يعتقده الكثيرون ويأمله الجميع، وإن ظلت المعلومات شحيحة، وهو أمر مطلوب، ففي مثل هذه الأحوال ينبغي أن تتم الطبخة في الخفاء ويتم التأكد من أنها نضجت تماماً قبل الإعلان عنها، ذلك أن موضوعاً حساساً كهذا لو تسربت تفاصيله إلى العامة لقبر في حينه بسبب تعدد الآراء والأفكار وتعدد الزوايا التي يتم النظر منها إليه، ولهذا دعا وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة الجمهور فور بروز المشكلة إلى تركها للمعنيين ليحلوها فيما بينهم، فهناك تفاصيل لا يعلم بها الجمهور.
في السياق نفسه نشرت الصحف أخيراً تصريحاً للنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح أكد من خلاله حصول انفراج وشيك في العلاقات الخليجية - الخليجية، في إشارة إلى الوساطة بين السعودية والإمارات والبحرين وبين قطر في ما يخص موضوع سحب السفراء، وهو ما يعزز الخبر الذي احتوته تغريدة ذلك الكاتب السياسي وأشار إليه أيضاً في وقت لاحق وكيل وزارة الخارجية الكويتية.
في كل الأحوال يتمنى كل خليجي وكل عربي وكل محب لمجلس التعاون أن يتم حل هذا الملف قريباً وأن ينجز المعنيون الـ20% المتبقية منه في أسرع وقت ممكن كي لا تطول القصة.. وتبور، وكي يتفرغ الجميع للبناء ومواجهة التحديات التي لا بد من مواجهتها في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة والعالم ولا يتضرر منها إلا من انشغل عنها بأمور أخرى ما كان ينبغي أن تحدث.
حل هذه المشكلة التي أعطت الانطباع بأنها صعبة على اعتبار أنها المرة الأولى التي تكون فيها ردة الفعل بين دول التعاون قاسية وغريبة، حلها في هذا الوقت الذي يعتبر قياسياً من شأنه أن يعطي مسيرة مجلس التعاون دفعة قوية إلى الأمام ويحصنها من كل سوء، وسيؤكد للعالم أجمع بأن تجربة التعاون ناجحة بكل المقاييس وأن ما تواجهه بين فترة وأخرى من عقبات مسألة واردة وعادية ويمكن التغلب عليها بتغليب العقل والحكمة التي هي عنوان قادة التعاون وسمتهم الأبرز، فلولا هذه العقول الكبيرة الناظرة إلى البعيد وهذه الحكمة التي صارت مضرب المثل لانتهى مجلس التعاون منذ زمن طويل ولربما لم يرَ النور.
لكن حل هذه المشكلة ليس كل القصة، فهذه القصة في نهاية المطاف تعتبر عادية رغم صعوبتها وقسوتها وغرابتها، فالأهم هو الاشتغال بما يحمي دول التعاون وسط كل هذه الفوضى التي تسود العالم اليوم ويحصنها ضد كل ما قد يهددها أو يؤثر عليها سلباً، فالعالم اليوم يموج بالتغييرات التي تفرضها طبيعة المرحلة بالغة الدقة والحساسية وتتطلب تضافر الجهود للتصدي لكل المحاولات الهادفة إلى زعزعة الأمن والاستقرار خصوصاً في منطقتنا.
الانشغال بالموضوعات الصغيرة يؤثر على الإرادة القوية التي تتطلبها المرحلة ويرخي العزيمة ويسيء إلى التنسيق الجماعي الذي ينبغي أن يكون متواصلاً، فالتحديات ليست قليلة وليست هينة ولا بد من توحيد الرؤى والجدية في التعامل معها.
لا نعرف الـ80% التي تم حلها، ولا نعرف الـ20% المتبقية من الموضوعات التي بالتوصل إليها سيتم الإعلان عن عودة المياه إلى مجاريها، لكن الجميع يأمل أن يتم كل هذا سريعاً، فشعوب التعاون لا يسرها ما حدث ولا يسرها التأخر في الوصول إلى النقطة التي لا بد من وضعها في نهاية السطر.