لطالما تساءلت كيف لنا أن نسهم في تنشيط السياحة في مملكة البحرين، حتى وجدت أقواماً أخذوا على عاتقهم هذا الدور المهم، واستحدثوا طرقاً مبتكرة، ولا يخفى على أحد كيف أصبحت البحرين مسرحاً مشتعلاً لعروض السيرك المستمرة ليل نهار.. وكيف حوى هذا المسرح العديد من المفاجآت. إن عمليات التفجير الإرهابية الأخيرة تنقلنا لمرحلة أخرى تجعل من إرهابها -السياحي-جزءاً من روتين حياتنا اليومية كتناولنا المنتظم للطعام، كذهابنا للعمل كل صباح لبناء وتعمير الوطن، كصلوات البشر من كل الطوائف والأديان والملل على هذه الأرض الطاهرة، ما يعني أن جماعة كرّست نفسها لتأخذ دور البطولة في مسلسل الإرهاب الذي لمع نجمه وسقط -ربما- سهواً من حصاد جوائز الإنتاج المتميز لهذا العام، وأغفل مسؤولو السياحة تكريم أبطاله.
إن الموقف الرسمي للدولة من هؤلاء الإرهابيين والتراخي في تطبيق القانون، قد لا يمكن وصفه إلا أنه الصورة المشينة للديمقراطية، إن كان في استقطابها ويلات نجترها ومصائب نجنيها على أنفسنا، ولكن تلك الويلات والمصائب لم تدخل قط في أعراف الديمقراطيات شأنها شأن الأنظمة الديكتاتورية وأكثر.
يقول د.علي كنانة في كتابه «إنتاج وإعادة إنتاج الوعي»، «في الديكتاتورية يعاقب الجسد بحماقة لتطويع العقل وإجباره على قبول الممالأة، وفي الديمقراطية يغازل الجسد لترويض العقل بدهاء. وبكلمات أخرى، في الديكتاتوريات يتم التعاطي السلبي مع الجسد لتدجين المعارضة، ومن خلالها الرأي العام، في سياسة تقوم على التخويف المباشر. وفي الديمقراطيات تدور آليات العمل في مجال صناعة الوعي لتحويل اتجاهات الرأي العام وصناعة الخوف المباشر ضمن سياسة تخويف غير مباشرة».
لعل هناك مجالات أخرى من صناعة الوعي غير صناعة الخوف، فأين نحن من صناعة الاحترام للقوانين، صناعة الحب الوطني، صناعة المسؤولية الاجتماعية، صناعة الهوية والانتماء، وصناعات أخرى كثيرة كفيلة برصّ الصفوف مع الوطن لا ضده. كما إنني أتساءل.. أين نقع من هذا وذاك؟! فلا نحن في ديكتاتورية الجلادّ ولا في ديمقراطية صناعة الوعي. أيعقل أن نكون هجيناً احتار في تلقي صفاته الجينية ورموزه الوراثية فأخذ موقف الحياد من هذا وذاك. أيعقل أن تفشل جميع مؤسسات الدولة في نشر ثقافة الديمقراطية ومقوماتها؟!
تلقى مسؤولية صناعة الوعي على نوعين أساسيين من المؤسسات، المؤسسات التربوية والمؤسسات الإعلامية، ثم تلحقهما في الأهمية المؤسسات التعليمية. ويمكن القول إن سعة المؤسسات التربوية في المجتمع تجعل من الصعوبة بمكان السيطرة عليها أو ضبطها إلا من خلال ضابط أكبر وصانع حقيقي للوعي الجمعي، كما إن ما يمر به التعليم من مرحلة تشهد تغيرات واسعة وتحولات كلية في نظم العملية التعليميــة بغيــة التطويـــر وتحقيـــق مستوى نوعي مختلف يصعب الحكم على نتائج المؤسسات التعليمية في الوقت الراهــن، غيــر أنهــا علــى أقــل تقدير يحسب لها جهد المحاولة!! أما الإعلام الحكومي، وهو المسؤول الأول عن تكوين جملة العناصر التي تسهـم بدورها في تشكيل الوعي الجمعي وما يجب أن يتبوأه من أدوار قيادية في عملية البناء التنموي في المملكة، فإنه وببالغ الحزن والأسى يشهد تردياً لافتاً شقّ طريقه نحو الفشل بسرعة هائلة، حتى يكاد أن يقبر في وقت قريب، لتتلاشى معه كل قيمة اجتماعية كنا نتوسم يوماً أن يدعو إليها أو يعززها على أرض هذا الوطن.
صحيح أن البحرين تواجه تهديدات خارجية وطابوراً خامساً آخذاً في التمادي يوماً بعد يوم، غير أن إحدى مقومات نفوذ الدعاة لذلك الطابور وقيادييه كامنة في انعدام صناعة الوعي. فضلاً عن التراخي في تطبيق القانون، لأسباب قد نجد لبعضها تبريراً على مضض، باللجوء لشماعة الضغوط الخارجية، ما لزم الأمر. ولكن.. هل يعجز الإعلام عن صناعة أدنى درجات الوعي وثقافة الالتزام؟!
انفجار النبض:
إن كانت الديكتاتورية تدجن المعارضة، فهل تدجن الديمقراطية الدول؟!
{{ article.visit_count }}
إن الموقف الرسمي للدولة من هؤلاء الإرهابيين والتراخي في تطبيق القانون، قد لا يمكن وصفه إلا أنه الصورة المشينة للديمقراطية، إن كان في استقطابها ويلات نجترها ومصائب نجنيها على أنفسنا، ولكن تلك الويلات والمصائب لم تدخل قط في أعراف الديمقراطيات شأنها شأن الأنظمة الديكتاتورية وأكثر.
يقول د.علي كنانة في كتابه «إنتاج وإعادة إنتاج الوعي»، «في الديكتاتورية يعاقب الجسد بحماقة لتطويع العقل وإجباره على قبول الممالأة، وفي الديمقراطية يغازل الجسد لترويض العقل بدهاء. وبكلمات أخرى، في الديكتاتوريات يتم التعاطي السلبي مع الجسد لتدجين المعارضة، ومن خلالها الرأي العام، في سياسة تقوم على التخويف المباشر. وفي الديمقراطيات تدور آليات العمل في مجال صناعة الوعي لتحويل اتجاهات الرأي العام وصناعة الخوف المباشر ضمن سياسة تخويف غير مباشرة».
لعل هناك مجالات أخرى من صناعة الوعي غير صناعة الخوف، فأين نحن من صناعة الاحترام للقوانين، صناعة الحب الوطني، صناعة المسؤولية الاجتماعية، صناعة الهوية والانتماء، وصناعات أخرى كثيرة كفيلة برصّ الصفوف مع الوطن لا ضده. كما إنني أتساءل.. أين نقع من هذا وذاك؟! فلا نحن في ديكتاتورية الجلادّ ولا في ديمقراطية صناعة الوعي. أيعقل أن نكون هجيناً احتار في تلقي صفاته الجينية ورموزه الوراثية فأخذ موقف الحياد من هذا وذاك. أيعقل أن تفشل جميع مؤسسات الدولة في نشر ثقافة الديمقراطية ومقوماتها؟!
تلقى مسؤولية صناعة الوعي على نوعين أساسيين من المؤسسات، المؤسسات التربوية والمؤسسات الإعلامية، ثم تلحقهما في الأهمية المؤسسات التعليمية. ويمكن القول إن سعة المؤسسات التربوية في المجتمع تجعل من الصعوبة بمكان السيطرة عليها أو ضبطها إلا من خلال ضابط أكبر وصانع حقيقي للوعي الجمعي، كما إن ما يمر به التعليم من مرحلة تشهد تغيرات واسعة وتحولات كلية في نظم العملية التعليميــة بغيــة التطويـــر وتحقيـــق مستوى نوعي مختلف يصعب الحكم على نتائج المؤسسات التعليمية في الوقت الراهــن، غيــر أنهــا علــى أقــل تقدير يحسب لها جهد المحاولة!! أما الإعلام الحكومي، وهو المسؤول الأول عن تكوين جملة العناصر التي تسهـم بدورها في تشكيل الوعي الجمعي وما يجب أن يتبوأه من أدوار قيادية في عملية البناء التنموي في المملكة، فإنه وببالغ الحزن والأسى يشهد تردياً لافتاً شقّ طريقه نحو الفشل بسرعة هائلة، حتى يكاد أن يقبر في وقت قريب، لتتلاشى معه كل قيمة اجتماعية كنا نتوسم يوماً أن يدعو إليها أو يعززها على أرض هذا الوطن.
صحيح أن البحرين تواجه تهديدات خارجية وطابوراً خامساً آخذاً في التمادي يوماً بعد يوم، غير أن إحدى مقومات نفوذ الدعاة لذلك الطابور وقيادييه كامنة في انعدام صناعة الوعي. فضلاً عن التراخي في تطبيق القانون، لأسباب قد نجد لبعضها تبريراً على مضض، باللجوء لشماعة الضغوط الخارجية، ما لزم الأمر. ولكن.. هل يعجز الإعلام عن صناعة أدنى درجات الوعي وثقافة الالتزام؟!
انفجار النبض:
إن كانت الديكتاتورية تدجن المعارضة، فهل تدجن الديمقراطية الدول؟!