منذ أسبوعين؛ جاءت لي ابنتي ذات الأربع سنوات ونصف وهي مبتسمة وسعيدة وقالت لي: «ماما.. ماما بدي خبرك شي، أنا أنادي في الصف معلمتي بـ«ماما» بدلاً من «أستاذة». لا أخفي عليكم أن غيرة الأمومة لدي قد استثارت، لكنني ابتسمت لها وقلت: «بس إنتي عندك ماما واحدة يا حبيبتي»، ردت ببراءة طفلة: «بس هي كثير طيبة المعلمة معي ومع كل الطلبة وتعاملني كأنني بنتها الصغيرة، ودائماً تضحك في وجهنا وتحاورنا وكل يوم تعلمنا شي جديد، واسمعيني أنا أتكلم كويس هيك، لأنها هي تعلمنا وتنبهنا مثلك بالضبط».
تأملت كلام طفلتي واكتفيت بابتسامة كبيرة لما سمعت وقلت لها «أوكي»، إلا أن الذاكرة أخذتني إلى فترة زمنية ليست ببعيدة، إلى مجموعة حوارات سمعتها؛ فإحداهن تشكو وتتشكى كونها معلمة وأنها تعمل في هذا المجال المتعب الذي لا يعتبر غير كونه مجالاً شاقاً وحارقاً للأعصاب، وأنها تنتظر فترة التقاعد لكي تترك هذا المجال، مع العلم أنه يمكن أن تقدم استقالتها وتنتقل إلى مكان آخر بسهولة، لكنها لن تحصل على شهرين لإجازة الصيف وإجازة الربيع وإجازات الأعياد وهدايا الطالبات وشهادات التكريم والتقدير في العمل الجديد للأسف!
أخرى تتبجح بأنها تعطي الأجوبة للطلبة لكي «تشيل» عنها كلمة أنها معلمة فاشلة، وهي غافلة تماماً أن كلمة فاشلة لا تقارن بوصفها «معدومة الضمير»، وأنها تساهم بشكل فعال في إنشاء جيل خالٍ من المسؤولية ولا يعرف معنى الجهد الحقيقي. والأكثر من هذا وما يستفزني عندما يبدأ بعضهن الحديث بالفم الملآن عن السلوكيات غير المقبولة التي تقوم بها الطالبات، بإطلاقهن أوصاف نابية خالية من الرأفة والرحمة والإنسانية، وكأنهن أنفسهن منزهات عن الخطأ والذنب.
أتمنى عليك يا أيتها المعلمة الواعية والمربية الفاضلة أن تنظري إلى تلك الطالبة على أنها ابنتك أو أختك الصغيرة، فمن أولى اهتماماتك إن رأيت عيباً أو خللاً ما، أن تحاولي جاهدة في معرفة السبب وتقومي بمعالجته. نعم؛ فهذا واجبك الإنساني والمهني على حد سواء.
فكونك يا عزيزتي أخذتي قراراً بأن تكوني معلمة أي مدرسة؛ فقد كان قراراً خاطئاً بحق من تقومين بتدريسهم، فالتدريس ليس فقط إيصال معلومات وشرح مناهج وجمع وطرح وإجازات ورحلات، إنما أكبر من ذلك بكثير؛ فهو «استيعاب وفهم»، «إدراك وعقل»، «حب واحترام»، «دافع وتشجيع»، إضافة إلى هذا كله فهو «مستقبل وطن». صحيح إننا لا نعيش في المدينة الفاضلة، لكن يجب أن تكوني أنتِ «الفاضلة» والمربية والأم والإنسانة الواعية والمعلمة الفاهمة.
وفي ظل هذا كله لا يمكننا أن ننسى أو نتغافل عن بعض المعلمين والمعلمات الأفاضل الذين يضرب بهم المثل لما يتمتعون به من أخلاق رفيعة خصهم الله بها عز وجل، إضافة إلى الفهم والإدراك العقلي والعلمي على حد سواء.
نعم.. فالمعلمة هي أم ثانية، فهي المدرسة الصغيرة والمعلمة الكبيرة والأستاذة الفاضلة التي لا يمكن أن نجد ما يليق بتقديرها من كلمات، لذا هل يمكنني أن أغالط صغيرتي عندما تنادي معلمتها بـ»ماما»؟!
ولنا فيما قال الإمام الشافعي عبرة كبيرة:
العلمُ مــن فضـلــــهِ لمن خدَمه
أَن يجعلَ الناسَ كلهم خدَمه
فواجـبٌ صــــونهُ عليــهِ كما
يصونُ في الناسِ عرضهُ وَدَمه
فمن حوى العلمَ ثمَّ أَودَعهُ
بجهلـــهِ غيـــرَ أَهلــــهِ ظلمه
تأملت كلام طفلتي واكتفيت بابتسامة كبيرة لما سمعت وقلت لها «أوكي»، إلا أن الذاكرة أخذتني إلى فترة زمنية ليست ببعيدة، إلى مجموعة حوارات سمعتها؛ فإحداهن تشكو وتتشكى كونها معلمة وأنها تعمل في هذا المجال المتعب الذي لا يعتبر غير كونه مجالاً شاقاً وحارقاً للأعصاب، وأنها تنتظر فترة التقاعد لكي تترك هذا المجال، مع العلم أنه يمكن أن تقدم استقالتها وتنتقل إلى مكان آخر بسهولة، لكنها لن تحصل على شهرين لإجازة الصيف وإجازة الربيع وإجازات الأعياد وهدايا الطالبات وشهادات التكريم والتقدير في العمل الجديد للأسف!
أخرى تتبجح بأنها تعطي الأجوبة للطلبة لكي «تشيل» عنها كلمة أنها معلمة فاشلة، وهي غافلة تماماً أن كلمة فاشلة لا تقارن بوصفها «معدومة الضمير»، وأنها تساهم بشكل فعال في إنشاء جيل خالٍ من المسؤولية ولا يعرف معنى الجهد الحقيقي. والأكثر من هذا وما يستفزني عندما يبدأ بعضهن الحديث بالفم الملآن عن السلوكيات غير المقبولة التي تقوم بها الطالبات، بإطلاقهن أوصاف نابية خالية من الرأفة والرحمة والإنسانية، وكأنهن أنفسهن منزهات عن الخطأ والذنب.
أتمنى عليك يا أيتها المعلمة الواعية والمربية الفاضلة أن تنظري إلى تلك الطالبة على أنها ابنتك أو أختك الصغيرة، فمن أولى اهتماماتك إن رأيت عيباً أو خللاً ما، أن تحاولي جاهدة في معرفة السبب وتقومي بمعالجته. نعم؛ فهذا واجبك الإنساني والمهني على حد سواء.
فكونك يا عزيزتي أخذتي قراراً بأن تكوني معلمة أي مدرسة؛ فقد كان قراراً خاطئاً بحق من تقومين بتدريسهم، فالتدريس ليس فقط إيصال معلومات وشرح مناهج وجمع وطرح وإجازات ورحلات، إنما أكبر من ذلك بكثير؛ فهو «استيعاب وفهم»، «إدراك وعقل»، «حب واحترام»، «دافع وتشجيع»، إضافة إلى هذا كله فهو «مستقبل وطن». صحيح إننا لا نعيش في المدينة الفاضلة، لكن يجب أن تكوني أنتِ «الفاضلة» والمربية والأم والإنسانة الواعية والمعلمة الفاهمة.
وفي ظل هذا كله لا يمكننا أن ننسى أو نتغافل عن بعض المعلمين والمعلمات الأفاضل الذين يضرب بهم المثل لما يتمتعون به من أخلاق رفيعة خصهم الله بها عز وجل، إضافة إلى الفهم والإدراك العقلي والعلمي على حد سواء.
نعم.. فالمعلمة هي أم ثانية، فهي المدرسة الصغيرة والمعلمة الكبيرة والأستاذة الفاضلة التي لا يمكن أن نجد ما يليق بتقديرها من كلمات، لذا هل يمكنني أن أغالط صغيرتي عندما تنادي معلمتها بـ»ماما»؟!
ولنا فيما قال الإمام الشافعي عبرة كبيرة:
العلمُ مــن فضـلــــهِ لمن خدَمه
أَن يجعلَ الناسَ كلهم خدَمه
فواجـبٌ صــــونهُ عليــهِ كما
يصونُ في الناسِ عرضهُ وَدَمه
فمن حوى العلمَ ثمَّ أَودَعهُ
بجهلـــهِ غيـــرَ أَهلــــهِ ظلمه