حالة العنف التي تشهدها البلدان العربية منذ ما يسمى بالربيع العربي حتى يومنا هذا، دليل آخر على عدم المصالحة بين الشعوب والأنظمة، كما إن حالة العنف أصبحت ظاهرة مقصودة من الكثير من أطراف الصراع الدولي والإقليمي والمحلي، حتى انتقلت الكثير من المعارك بين دول كبيرة إلى دول أخرى صغيرة ولكن بالوكالة.
البحرين، كبقية الدول التي تعرضت لهذا السلوك المؤسف، حيث تسللت أيادٍ خفية وأخرى واضحة لمحاولة جر الشارع إلى العنف بشتى الوسائل، بل هناك من بدأ يعير كل جهة أو شخص لا يرى العنف منهجاً لحل المشكلة السياسية في البحرين، بل ذهب بعضهم لأكثر من ذلك، وهو أنهم بدؤوا يشنون حملات شرسة ضد كل يتصدى لمحاولاتهم إشعال فتيل الفتنة الطائفية أو يرفض العنف منهجاً لتحقيق المطالب.
ليس هذا وحسب؛ بل هناك حملات منظمة تقاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبالأخص «تويتر»، تدعو إلى العنف وتباركه، وأخرى تتبناه وتحتضنه، وهذا يدل أن هناك بعض الجهات المستفيدة من هذا الوضع القلق لتمرير مشاريعها وأجندتها السياسية.
ليس هؤلاء وحدهم من يشجع ويصفق للعنف، بل هناك قوى سياسية محلية وأخرى مهاجرة تتبنى العنف كخيار وحيد لتحقيق المطالب الشعبية، بل هناك إصرار شديد من طرف هذه الجهات في أن يظل الوضع كما هو عليه اليوم، حتى ولو خسر الوطن كل ما يملك.
يبدو أن الأمر أصبح اليوم أكبر من أن يدفع في هذا الاتجاه المتنامي للعنف، فهناك شخصيات وأفراد متفرقون في المجتمع، بل هناك دول وقوى إقليمية وعالمية تتغذى على العنف في البحرين وبقية الدول الأخرى التي تشهد صراعات سياسية عنيفة، لأنهم وجدوا أن هناك من يقوم بأعمال العنف نيابة عنهم. إنها حرب الوكالات.
نحن نحذر كل المشتغلين بالسياسة، ومعهم كل من في الشارع، أن ينجروا خلف النداءات التي تدعو للعنف وتتبناه كخيار أمثل لحل المشكلة السياسة في البحرين، خصوصاً من طرف الشارع، وتحديداً فئة الشباب منهم، فالكثير ممن يدفع بهذا الاتجاه نجدهم لا يرضونه على أنفسهم ولا على أبنائهم، وإنما يحاولون في كل مرة أن يستثمروه لتلبية رغباتهم الشخصية أو أجندتهم السياسية، خصوصاً لمن هم في الخارج، وعليه يجب الحذر من كل صوت طائش أو من أية جهة مجهولة الهوية أو حتى من جهة معروفة ليكونوا وقود معارك وهمية لا أكثر.
نعم؛ أكثر من ثلاثة أعوام مرت علينا في البحرين، والأحداث السياسية كلها أكدت أن العنف لا يحقق مطلباً واحداً، إذا لم يكن يبعدنا ذلك أصلاً عن أصغر المطالب ناهيك عن أكبرها، ولهذا نطالب دعاة العنف أن يتقوا الله في الوطن والشباب، ولكم في دول خاضت تجربة العنف كخيار استراتيجي لها ففشلت فيه، أكبر مثال على سقوط منهجية العنف كخيار للحل السياسي في حاضر الزمان وقديمة.