صناعة النجم تختلف وقد تكون في عكس اتجاه صناعة القائد «سياسياً أو غير سياسي»، معلومة لا بد أن توضح لمن يعينه الأمر.
صحيح أن الاثنين «صنعة» بمعنى أن هناك من يعمل بها ويتكسب من ورائها، وهي صناعة مشروعة ويعمل بها خبراء في صناعة النجوم وآخرون خبراء في صناعة القادة، بل إن هناك مؤسسات وأكاديميات تعمل بخطة ممنهجة وبرنامج عمل وبكلفة مالية، لأن صناعة النجم أو صناعة القائد تحتاج لحاضنة تنميها وتعرف كيف تصقلها، فحتى من يملكون بالفطرة وفي جيناتهم الوراثية بذرة النجومية أو بذرة القيادة أو حتى من ورث مركز القيادة كأبناء الأسر الحاكمة، حتى هؤلاء يحتاجون لخبراء يساعدونهم على النجاح في ظل التعقيدات العصرية. كثيرون من قيادات المستقبل، سواء السياسية منها أو غير السياسية، أبناء الأسر الحاكمة أو أبناء رؤساء الجمهوريات أو حتى من يعد ابنه لتولي منصب قيادي، لا يعي الفرق بين الصناعتين، بين صناعة نجم وصناعة قائد، خصوصاً في ظل سطوة الإعلام وسهولة الصعود الإعلامي، والأدهى والأمرّ أن من يحيطون «بقيادات» المستقبل خاصة في عالمنا العربي «أصدقاء أو مديري أعمال أو مستشارين أو من مقربين» يظنون أنهم حين يفرضون على المتلقي اسم وصورة من يعملون معه إنهم إنما يصنعون قائداً «بتلميعه» بينما هم في أحسن الأحوال يصنعون منه نجماً، والفرق كبير بينهما، والأدهى أنه ليس بالضرورة حتى، أن تكون نتيجة صناعتهم نجماً ناجحاً!
حين أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في متناول الجميع وكسرت حاجز المؤسسات والأكاديميات أصبحت صناعة النجومية أسهل من شرب الماء وتخطت حتى مؤسسات صناع النجوم، حتى بات من الصعب التحكم في عدد النجوم ومعرفة مؤشرات نجاحهم، فكثرة عدد المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون دليلاً على الشعبية وقد تكون دليلاً على الإثارة فقط، على سبيل المثال استطاع شاب إماراتي صغير يدعى عبدالعزيز الجسمي ويلقب نفسه بـ«بن باز» أن يحصد متابعين في حسابه في الإنستغرام يزيدون عن 770 ألف متابع خلال عدة أشهر فقط منذ بدء فتح الحساب، والعدد في تصاعد، نجح في ذلك بدون فريق عمل وبدون صناع نجوم، كل ما يقوم به هو تمثيل موقف كوميدي بالحركات لمدة لا تزيد على دقيقة، فقط لا غير، ولم يكلف ميزانية دولته فلساً واحداً، ولم يصرف درهماً واحداً على صناعة نجوميته، إنما الآن المعجبون به في كل مكان ويجرون للتصوير معه، فهل ممكن أن يكون بن باز «قائداً» نجماً؟ ربما.. إنما هل يمكن اعتماده قائداً يتولى منصباً قيادياً لأن معجبيه كثر؟! هل الفنانة أحلام تصلح أن تكون قائداً لأن متابعيها أكثر من مليون؟ وهل مطلوب من كل قائد أن يكون نجماً؟ تلك معضلة أخرى.
في كل الأحوال، نحن بحاجة فعلاً لصناع «قادة» وبحاجة لصناعة القيادة، ما عاد اكتساب مهارات القيادة ممكناً بالطريقة السابقة التي اكتسب فيها قادة الأسر الحاكمة الحاليون مهاراتهم، وذلك بحضور مجالس آبائهم والاستماع لهم والتعلم من خبراتهم وتشرب صنعة القيادة من مشاهدة الآباء وهم يديرون شؤون الدولة، هذا أمر مستحب ومطلوب إنما القيادة أصبحت أكثر تعقيداً، والقيادة زادت صعوبتها في ظل مجتمع منفتح، مجتمع شبابي، مجتمع متذمر، مجتمع يتمتع بسقف عالٍ من الحرية، مجتمع له متطلباته وله احتياجاته الأكثر تعقيداً.
ونحن لا نتكلم عن «تلميع» هنا حين نتحدث عن صناعة القيادة، بل نتحدث عن إخضاع قائد المستقبل لبرنامج مرهق وتدريب ميداني لصقل شخصيته، برنامج قد لا يكون فيه أي ظهور علني أبداً إلا حين تدعو الحاجة وبشكل مدروس، هذه الصناعة موجودة وليست خاصة بعالمنا العربي أو الخليجي، بل تتبعها الملكيات الأوروبية مع أبنائها، هذه الصناعة علم وفن وله خبراؤه تستعين به حتى الأحزاب السياسية في العالم الديمقراطي لإعداد قياداتهم المستقبلية منذ أن يكونوا في مراحل شبابهم الأولى، حيث يرسلون «قناصة» لاكتشاف المواهب الشبابية في الجامعات، ومن هناك يتلقفونهم ويعدون لهم برامج مكثفة في مهارات القيادة ويعرضونهم ميدانياً لاحقاً ثم ينتقون منهم الأفضل لترشيحهم وتبنيهم سياسياً.
عملية مرهقة لا دلع فيها ولا تصوير ولا معجبون ولا أضواء ولا متابعون، لكنك في النهاية تصفى على قائد حقيقي يكتسب الشعبية تلقائياً فيما بعد، يعرف كيف يتعامل كيف يتصرف كيف يفكر كيف يتخذ قراراً، يتعرف على البيئة التي سيعمل بها وسيقود فيها بشكل علمي ميداني.
ما يقوم به المحيطون والمرافقون بأبناء الأسر الحاكمة وحتى منها بعض الملكيات الأوروبية، أو ما يحدث لقياديي المستقبل هو جريمة في حقهم، ونحن نشفق عليهم، إنها عملية تضليل «زهلقة» لهم يقوم بها المقربون، وهم شباب في مقتبل أعمارهم يثقون في من يحيط بهم ثقة عمياء، ولا يدركون حجم الضرر الواقع عليهم، حين أحيوا فيهم النجم وقتلوا فيهم القائد.
{{ article.visit_count }}
صحيح أن الاثنين «صنعة» بمعنى أن هناك من يعمل بها ويتكسب من ورائها، وهي صناعة مشروعة ويعمل بها خبراء في صناعة النجوم وآخرون خبراء في صناعة القادة، بل إن هناك مؤسسات وأكاديميات تعمل بخطة ممنهجة وبرنامج عمل وبكلفة مالية، لأن صناعة النجم أو صناعة القائد تحتاج لحاضنة تنميها وتعرف كيف تصقلها، فحتى من يملكون بالفطرة وفي جيناتهم الوراثية بذرة النجومية أو بذرة القيادة أو حتى من ورث مركز القيادة كأبناء الأسر الحاكمة، حتى هؤلاء يحتاجون لخبراء يساعدونهم على النجاح في ظل التعقيدات العصرية. كثيرون من قيادات المستقبل، سواء السياسية منها أو غير السياسية، أبناء الأسر الحاكمة أو أبناء رؤساء الجمهوريات أو حتى من يعد ابنه لتولي منصب قيادي، لا يعي الفرق بين الصناعتين، بين صناعة نجم وصناعة قائد، خصوصاً في ظل سطوة الإعلام وسهولة الصعود الإعلامي، والأدهى والأمرّ أن من يحيطون «بقيادات» المستقبل خاصة في عالمنا العربي «أصدقاء أو مديري أعمال أو مستشارين أو من مقربين» يظنون أنهم حين يفرضون على المتلقي اسم وصورة من يعملون معه إنهم إنما يصنعون قائداً «بتلميعه» بينما هم في أحسن الأحوال يصنعون منه نجماً، والفرق كبير بينهما، والأدهى أنه ليس بالضرورة حتى، أن تكون نتيجة صناعتهم نجماً ناجحاً!
حين أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في متناول الجميع وكسرت حاجز المؤسسات والأكاديميات أصبحت صناعة النجومية أسهل من شرب الماء وتخطت حتى مؤسسات صناع النجوم، حتى بات من الصعب التحكم في عدد النجوم ومعرفة مؤشرات نجاحهم، فكثرة عدد المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون دليلاً على الشعبية وقد تكون دليلاً على الإثارة فقط، على سبيل المثال استطاع شاب إماراتي صغير يدعى عبدالعزيز الجسمي ويلقب نفسه بـ«بن باز» أن يحصد متابعين في حسابه في الإنستغرام يزيدون عن 770 ألف متابع خلال عدة أشهر فقط منذ بدء فتح الحساب، والعدد في تصاعد، نجح في ذلك بدون فريق عمل وبدون صناع نجوم، كل ما يقوم به هو تمثيل موقف كوميدي بالحركات لمدة لا تزيد على دقيقة، فقط لا غير، ولم يكلف ميزانية دولته فلساً واحداً، ولم يصرف درهماً واحداً على صناعة نجوميته، إنما الآن المعجبون به في كل مكان ويجرون للتصوير معه، فهل ممكن أن يكون بن باز «قائداً» نجماً؟ ربما.. إنما هل يمكن اعتماده قائداً يتولى منصباً قيادياً لأن معجبيه كثر؟! هل الفنانة أحلام تصلح أن تكون قائداً لأن متابعيها أكثر من مليون؟ وهل مطلوب من كل قائد أن يكون نجماً؟ تلك معضلة أخرى.
في كل الأحوال، نحن بحاجة فعلاً لصناع «قادة» وبحاجة لصناعة القيادة، ما عاد اكتساب مهارات القيادة ممكناً بالطريقة السابقة التي اكتسب فيها قادة الأسر الحاكمة الحاليون مهاراتهم، وذلك بحضور مجالس آبائهم والاستماع لهم والتعلم من خبراتهم وتشرب صنعة القيادة من مشاهدة الآباء وهم يديرون شؤون الدولة، هذا أمر مستحب ومطلوب إنما القيادة أصبحت أكثر تعقيداً، والقيادة زادت صعوبتها في ظل مجتمع منفتح، مجتمع شبابي، مجتمع متذمر، مجتمع يتمتع بسقف عالٍ من الحرية، مجتمع له متطلباته وله احتياجاته الأكثر تعقيداً.
ونحن لا نتكلم عن «تلميع» هنا حين نتحدث عن صناعة القيادة، بل نتحدث عن إخضاع قائد المستقبل لبرنامج مرهق وتدريب ميداني لصقل شخصيته، برنامج قد لا يكون فيه أي ظهور علني أبداً إلا حين تدعو الحاجة وبشكل مدروس، هذه الصناعة موجودة وليست خاصة بعالمنا العربي أو الخليجي، بل تتبعها الملكيات الأوروبية مع أبنائها، هذه الصناعة علم وفن وله خبراؤه تستعين به حتى الأحزاب السياسية في العالم الديمقراطي لإعداد قياداتهم المستقبلية منذ أن يكونوا في مراحل شبابهم الأولى، حيث يرسلون «قناصة» لاكتشاف المواهب الشبابية في الجامعات، ومن هناك يتلقفونهم ويعدون لهم برامج مكثفة في مهارات القيادة ويعرضونهم ميدانياً لاحقاً ثم ينتقون منهم الأفضل لترشيحهم وتبنيهم سياسياً.
عملية مرهقة لا دلع فيها ولا تصوير ولا معجبون ولا أضواء ولا متابعون، لكنك في النهاية تصفى على قائد حقيقي يكتسب الشعبية تلقائياً فيما بعد، يعرف كيف يتعامل كيف يتصرف كيف يفكر كيف يتخذ قراراً، يتعرف على البيئة التي سيعمل بها وسيقود فيها بشكل علمي ميداني.
ما يقوم به المحيطون والمرافقون بأبناء الأسر الحاكمة وحتى منها بعض الملكيات الأوروبية، أو ما يحدث لقياديي المستقبل هو جريمة في حقهم، ونحن نشفق عليهم، إنها عملية تضليل «زهلقة» لهم يقوم بها المقربون، وهم شباب في مقتبل أعمارهم يثقون في من يحيط بهم ثقة عمياء، ولا يدركون حجم الضرر الواقع عليهم، حين أحيوا فيهم النجم وقتلوا فيهم القائد.