هذه رسالة نوجهها لكل جهة بحرينية أو غير بحرينية ومعنية بمهمة إجراء مصالحة بين أبناء الوطن وقلب صفحة الماضي. سواء كانت هذه الجهة هي أحد رموز القيادة أو كانت الذراع الإعلامي أو السياسي أو الديني لجماعة الولي الفقيه، أو كانت جهة غير بحرينية كالسفارات أو منظمات دولية أو غيرها.
ما أسهل أن تظهر بمظهر محب السلام ومحب التسامح وصاحب المبادرات الخيرة والكلمة الطيبة الجامعة، ما أسهل مبادرات التبييض التي تحاول أن تظهرها وكأنها مبادرات نجحت في كسر الحواجز أمام السفراء وأمام الدوائر الأجنبية ممن يترجم لها هذا النوع من الخطاب أو ترسل لها صور تلك المبادرات.
تلك أسهل مهمة على الإطلاق، ولكننا حين نضعها على أرض البحرين الواقعية أرض المجالس وأرض التجمعات وأرض المناطق وأرض الطوائف نسمي هذه المبادرات في لغتنا العامية «غسال مرت الأبو» بمعنى محاولات لا تتعدى إبراء الذمة!
الشرخ الذي حدث بين أبناء الطائفتين في البحرين شرخ غير مسبوق وجرحه غائر والأخطر أن جرحه مازال ينزف حتى اللحظة وممكن أن يورث لأجيال قادمة ما دام التعامل معه بهذا الاستخفاف الذي يزيده غوراً مستمراً.
الشرخ يا سادة ليس بين أسرة حاكمة وشعب، الشرخ ليس بين حكم و«معارضة»، الشرخ الذي لا يمكن تجاهله حدث بين جماعات وجماعات رغم كونها جماعات تختلف عن بعضها بعضاً في المعتنق المذهبي إلا أن الخلاف لا علاقة له بالمعتنق بحد ذاته، بمعنى ليس هناك خلاف فقهي أو عقائدي، وإن كان فهو موجود منذ أن وجدت شيعة للإمام علي ومع ذلك تعايشت هذه الجماعات مع بعضها وكل له مقدساته ومعتقداته جنباً إلى جنب، الآن لا يمكن أن أنكر أن هناك فرقة وتباعداً بين الجماعتين وكذلك هناك تخندق وهناك اصطفاف وهناك مقاطعة وهناك عدم ثقة، وأي قول خلاف ذلك ما هو إلا قول لا يداوي إلا موقعاً آخر غير موقع الجرح النازف.
والاستشهاد بتطابق المطالب الإصلاحية بين قائمة جمعيات الفاتح وقائمة الولي الفقيه لإنكار وجود خلاف اجتماعي، هو استشهاد لمقارن بين تفاحة مع حزمة جرجير، فكون اللون الأخضر لوناً مشتركاً لا يجعل من التفاحة جرجيراً، أما التحليلات الجاهزة المعلبة التي تكتفي بالكليشهات التقليدية «النظام هو من أسس لخلق الفتنة الطائفية أو أن النظام هو من.. والنظام هو من..» فتلك هي الأخرى محاولات للهروب للأمام.
الخلاف بدأ حين شهدت جماعات بحرينية سنية وشيعية خطاباً وحراكاً إقصائياً لها وبجدارة، برز بشكل فاقع في 2011 من جماعة الولي الفقيه تحديداً لا من الشيعة، جماعة الوفاق وحق وخلاص ووفاء بكل أفرعها الشيرازية منها والإمامية، رأت الجماعات البحرينية شكلاً لخطاب وحراك لم تعرفه ولم تشهده ولم تعهده من قبل على مدى أجيال تعايشت على هذه الأرض، لم نسمع من قبل عن خطاب يتحدث عن شعب أصيل وشعب دخيل من شيعة البحرين، المسألة مرتبطة بوجه كشف عنه للمرة الأولى، وجه قبل وارتضى أن يتحاور مع كل الدول الأجنبية عدا قبوله بالتحاور مع الشعب البحريني، حاور السفراء وحاور الوفود وحاور المنظمات ورفض أن يجلس غيره مع الحكم وأصر على جلوسه وحده معه، وتحرك على أساس المغالبة العددية لا على أساس المطالب الإصلاحية المشتركة، المسألة مرتبطة بمفاجأة كبيرة لوجود تخطيط مسبق كان يجري في غفلة من بقية أطياف المجتمع صحبه العنف الموجه للطائفة الأخرى، مشاهد لم تنقل أجهزة الإعلام إلا الجزء اليسير منها، مشاهد عايشناها، والقول بأنها من تأليف النظام أو أنها من تأليف وسائل الإعلام أو القول أنها كذب وتزوير وفبركة، ما هو إلا مزيد من الدعس فوق موضع الألم وتعميق للشرخ أكبر ويزيد الجرح نزفاً، وفي هذا حديث يطول، بل بالعكس أبناء الشعب البحريني يلومون النظام على كتمه وتعتيمه على الكثير مما حدث خلال شهري فبراير ومارس، النظام هو الآخر يريد أن يداوي الجرح بقلب الصفحة مسرعاً وهذا خطأ جسيم لا ينم عن جدية في المعالجة.
أما القفز على الأسباب والوقوف عند النتائج فتلك مصيبة أخرى يقوم بها الذراع الإعلامي للجماعة تباعد بين المسافات أكثر، يقوم بها وهو متعمد وقاصد وعالم بنتائج فعلته الوخيمة، ومع ذلك يصر عليها يومياً، كالوقوف عند خطاب التخوين والوقوف عند محاولات الإقصاء التي تعاني منها جماعته، ويقف عند مشكلة دخان مسيل الدموع ولا يرى دخان الإطارات، يشكو الحواجز ولا يرى مواقع إيواء القتلة والمفجرين والمفخخين، خطاب يقف متعمداً عند النتائج مهملاً بعمد وقافزاً بعمد على الأسباب، هروب ينم عن الجبن من استحقاقات الحديث عن أسباب الأزمة الحقيقية والواقعية المعاشة ومحاولات تصلح لأفلام رومانسية موجهة صورها للخارج فحسب، يستخرج بها شهادة «الآيزو» الأوروبية أو الأمريكية، أي أنها تخاطب الخارج لتبرئة ذمتها أمامه، إنما لن تستطيع أن توقف نزف الجرح ولن تعالج داء بدأ صغارنا يتشربونه مع حليبهم.
لذا فإن أي جهة معنية بالمصالحة سواء كانت من القيادة في البحرين أو من جهات أجنبية تستعجل قلب الصفحة نقول لهم رويداً، فكلما توهمنا أننا حلقنا بعيداً عن استحقاقات الواقع غرقنا في الوهم أكثر.
ما أسهل أن تظهر بمظهر محب السلام ومحب التسامح وصاحب المبادرات الخيرة والكلمة الطيبة الجامعة، ما أسهل مبادرات التبييض التي تحاول أن تظهرها وكأنها مبادرات نجحت في كسر الحواجز أمام السفراء وأمام الدوائر الأجنبية ممن يترجم لها هذا النوع من الخطاب أو ترسل لها صور تلك المبادرات.
تلك أسهل مهمة على الإطلاق، ولكننا حين نضعها على أرض البحرين الواقعية أرض المجالس وأرض التجمعات وأرض المناطق وأرض الطوائف نسمي هذه المبادرات في لغتنا العامية «غسال مرت الأبو» بمعنى محاولات لا تتعدى إبراء الذمة!
الشرخ الذي حدث بين أبناء الطائفتين في البحرين شرخ غير مسبوق وجرحه غائر والأخطر أن جرحه مازال ينزف حتى اللحظة وممكن أن يورث لأجيال قادمة ما دام التعامل معه بهذا الاستخفاف الذي يزيده غوراً مستمراً.
الشرخ يا سادة ليس بين أسرة حاكمة وشعب، الشرخ ليس بين حكم و«معارضة»، الشرخ الذي لا يمكن تجاهله حدث بين جماعات وجماعات رغم كونها جماعات تختلف عن بعضها بعضاً في المعتنق المذهبي إلا أن الخلاف لا علاقة له بالمعتنق بحد ذاته، بمعنى ليس هناك خلاف فقهي أو عقائدي، وإن كان فهو موجود منذ أن وجدت شيعة للإمام علي ومع ذلك تعايشت هذه الجماعات مع بعضها وكل له مقدساته ومعتقداته جنباً إلى جنب، الآن لا يمكن أن أنكر أن هناك فرقة وتباعداً بين الجماعتين وكذلك هناك تخندق وهناك اصطفاف وهناك مقاطعة وهناك عدم ثقة، وأي قول خلاف ذلك ما هو إلا قول لا يداوي إلا موقعاً آخر غير موقع الجرح النازف.
والاستشهاد بتطابق المطالب الإصلاحية بين قائمة جمعيات الفاتح وقائمة الولي الفقيه لإنكار وجود خلاف اجتماعي، هو استشهاد لمقارن بين تفاحة مع حزمة جرجير، فكون اللون الأخضر لوناً مشتركاً لا يجعل من التفاحة جرجيراً، أما التحليلات الجاهزة المعلبة التي تكتفي بالكليشهات التقليدية «النظام هو من أسس لخلق الفتنة الطائفية أو أن النظام هو من.. والنظام هو من..» فتلك هي الأخرى محاولات للهروب للأمام.
الخلاف بدأ حين شهدت جماعات بحرينية سنية وشيعية خطاباً وحراكاً إقصائياً لها وبجدارة، برز بشكل فاقع في 2011 من جماعة الولي الفقيه تحديداً لا من الشيعة، جماعة الوفاق وحق وخلاص ووفاء بكل أفرعها الشيرازية منها والإمامية، رأت الجماعات البحرينية شكلاً لخطاب وحراك لم تعرفه ولم تشهده ولم تعهده من قبل على مدى أجيال تعايشت على هذه الأرض، لم نسمع من قبل عن خطاب يتحدث عن شعب أصيل وشعب دخيل من شيعة البحرين، المسألة مرتبطة بوجه كشف عنه للمرة الأولى، وجه قبل وارتضى أن يتحاور مع كل الدول الأجنبية عدا قبوله بالتحاور مع الشعب البحريني، حاور السفراء وحاور الوفود وحاور المنظمات ورفض أن يجلس غيره مع الحكم وأصر على جلوسه وحده معه، وتحرك على أساس المغالبة العددية لا على أساس المطالب الإصلاحية المشتركة، المسألة مرتبطة بمفاجأة كبيرة لوجود تخطيط مسبق كان يجري في غفلة من بقية أطياف المجتمع صحبه العنف الموجه للطائفة الأخرى، مشاهد لم تنقل أجهزة الإعلام إلا الجزء اليسير منها، مشاهد عايشناها، والقول بأنها من تأليف النظام أو أنها من تأليف وسائل الإعلام أو القول أنها كذب وتزوير وفبركة، ما هو إلا مزيد من الدعس فوق موضع الألم وتعميق للشرخ أكبر ويزيد الجرح نزفاً، وفي هذا حديث يطول، بل بالعكس أبناء الشعب البحريني يلومون النظام على كتمه وتعتيمه على الكثير مما حدث خلال شهري فبراير ومارس، النظام هو الآخر يريد أن يداوي الجرح بقلب الصفحة مسرعاً وهذا خطأ جسيم لا ينم عن جدية في المعالجة.
أما القفز على الأسباب والوقوف عند النتائج فتلك مصيبة أخرى يقوم بها الذراع الإعلامي للجماعة تباعد بين المسافات أكثر، يقوم بها وهو متعمد وقاصد وعالم بنتائج فعلته الوخيمة، ومع ذلك يصر عليها يومياً، كالوقوف عند خطاب التخوين والوقوف عند محاولات الإقصاء التي تعاني منها جماعته، ويقف عند مشكلة دخان مسيل الدموع ولا يرى دخان الإطارات، يشكو الحواجز ولا يرى مواقع إيواء القتلة والمفجرين والمفخخين، خطاب يقف متعمداً عند النتائج مهملاً بعمد وقافزاً بعمد على الأسباب، هروب ينم عن الجبن من استحقاقات الحديث عن أسباب الأزمة الحقيقية والواقعية المعاشة ومحاولات تصلح لأفلام رومانسية موجهة صورها للخارج فحسب، يستخرج بها شهادة «الآيزو» الأوروبية أو الأمريكية، أي أنها تخاطب الخارج لتبرئة ذمتها أمامه، إنما لن تستطيع أن توقف نزف الجرح ولن تعالج داء بدأ صغارنا يتشربونه مع حليبهم.
لذا فإن أي جهة معنية بالمصالحة سواء كانت من القيادة في البحرين أو من جهات أجنبية تستعجل قلب الصفحة نقول لهم رويداً، فكلما توهمنا أننا حلقنا بعيداً عن استحقاقات الواقع غرقنا في الوهم أكثر.