في الوقت الذي يتم فيه نشر بيانات وأخبار وتحليلات وتصريحات النواب والشوريين حول زيادة الدين العام المضطردة (تجاوز الـ 5 مليار دينار) فإننا نسمع ونقرأ أخباراً لا عرف كيف أصنفها، ولا أعرف أيضاً هل أنا فقط من أرى أن ذلك خطأ، أم أن الناس يرون ما أرى، ولكن لا حول لهم ولا قوة إلا بالله، وأنا مثلهم لا حول لي ولا قوة إلا بالله.
بدأت الحكاية معي (وبدأت تربيط الخيوط) حين قرأت خبراً صادماً بكل المقاييس يوم الجمعة الماضية نشر في الصحف المحلية، في صحيفة الوطن في الصفحة رقم (11 اقتصاد) يقول إنه طرحت مناقصة لوزارة التربية والتعليم بقيمة 37 مليون دينار لتنظيف المدارس ومرافق الوزارة..!!
أخذت أقرأ الخبر أكثر من مرة، شعرت أن هناك خطأ في الرقم، ذهبت إلى صحيفة أخرى، فوجدت في صحيفة البلاد مثلاً ذات الخبر، ولكن القيمة تغيرت إلى 35 مليون دينار..!!
أردت أن أتأكد أكثر، ذهبت إلى موقع مجلس المناقصات، وجدت المناقصة موجودة بالأرقام، وهذا يعني أن الخبر صحيح، والمناقصة صحيحة..!
ايضا الرقم غير طبيعي بكل المقاييس، رغم أنه لا تفاصيل تذكر في الخبر، فإن هذا الخبر قنبلة قوية ولا يمكن تقبلها.
سوف أعود إلى موضوع 35 مليوناً أو 37 مليوناً ميزانية النظافة بوزارة التربية لاحقاً، أذهب الآن إلى تصريحات أخرى لوزارة أخرى تتعلق بالنظافة أيضاً، فقد صرح الأخ الكريم يوسف الغتم وكيل وزارة البلديات أن ميزانية النظافة للبحرين بأسرها تستهلك ثلث ميزانية البلديات السنوية، والمبلغ الذي يتحدث عنه الأخ الوكيل هو 18 مليون دينار سنوياً تذهب للشركات التي تنظف البحرين، بينما بلغت ميزانية وزارة البلديات 60 مليون دينار في العام الواحد..!
هل هذا معقول؟ هل هناك من يقف ويدقق ويحاسب ويراقب ما يحصل؟ مبالغ كبيرة وملايين وأرقام خيالية، والله لا أعرف ماذا أقول..!
في تصريح آخر لوكيل وزارة البلديات الأخ نبيل أبو الفتح (نُشر في نشرة داخلية لوزارة البلديات، كلنا شركاء، صفحة 7) قال: «إن ميزانية النظافة السنوية سترتفع للأعوام الأربعة القادم إلى ما بين 20 إلى 30 مليون دينار سنوياً، وعزا هذا الارتفاع (18 مليون دينار سنوياً حالياً) إلى التوسع العمراني وعدد السكان..!!
بكل المقاييس كل هذا الكلام لا يتصالح مع العقل، مع كل احترامي للمسؤولين في شخوصهم، ما يحدث هو هدر للمال العام، وأعتقد أن هناك شبهات كثيرة فيما يحدث، وهذا لا يرضي سمو رئيس الحكومة ولا سمو النائب الأول حفظهما الله.
اللافت في الأمر أن أحد الوزراء السابقين كانت لديه قضية فساد في موضوع مناقصات النظافة، وقد اعترف من أعطاه الرشوة أنه دفع 500 ألف دينار للوزير.
والوزير الحالي الأخ جمعة الكعبي يحسب له أنه حين أراد أحد ملاك شركات النظافة رشوته أحال موضوعه للنيابة العامة.
كل هذا يدل على أن موضوع النظافة وميزانية النظافة، ومناقصة النظافة تحوم حولها شبهات كثيرة، وهذا يجعلنا نقول للدولة عليكم أن تحققوا فيما يجري، وأن توقفوه، فهذا هدر لملايين الدنانير ولدينا عجز قياسي في الموازنة (ركزوا معنا شوي)..!
مسؤول كبير بالوزارة صرح أنه تم وضع شركة استشارية متخصصة لدراسة وتقيم عروض شركات النظافة من أجل اختيار الشركات المناسبة، وأن هذا الإجراء جاء تنفيذاً لتوصيات اللجنة الوزارية بحسب تعبيره.
وهذا يعني أن الدولة ستدفع أكثر من 20 مليون دينار سنوياً لشركات النظافة، وستدفع مبلغ وقدره (...) للشركة الاستشارية.. وهكذ مبالغ مهدرة، ونأتي بشركات لأن هناك شبهات في اختيار شركات النظافة، وأخشى أن تذهب الرشاوى هذه المرة للشركة الاستشارية مباشرة..!
ملف النظافة يحتاج إلى دراسة كبيرة تقارن بين النظافة بعد الخصخصة والنظافة قبل الخصخصة، وأيهما أنجع وأفضل للدولة، من ناحية الكفاءة واشتراطات البيئة ومن ناحية المبلغ.
ما يحدث الآن هو هدر لميزانية وزارة البلديات، ثلث ميزانية الوزارة تذهب للنظافة هذا غير مقبول وغير معقول أبداً.
في الإمارات تم إنشاء شركة تسمى بيئة، «والله ناس وايد عندنا في البحرين بيئة» نصفها مملوك للدولة والنصف الآخر للقطاع الخاص وهذه تجربة تستحق الدراسة، فهل يعقل أن تنظف دولة صغيرة مثل البحرين بمبلغ 72 مليون دينار في أربع سنوات؟ والمبلغ مرشح لزيادة كبيرة جداً.
(انتوا عطوني 50 مليون فقط، باخلي البحرين تلق، حتى الغبار باخلي مكنسة عودة تشفطه)..!
بحثت مع بعض المطلعين على موضوع النظافة، سألته كيف يحدث هذا، وهل هذا المبلغ معقول؟
قال بالتأكيد غير معقول، لكن الذي يحدث أن هناك بعض الشركات تعمل (لوبي) لرفع الأسعار، وبالتالي فإن الشركات التي تحوز على المناقصة تضمن مبلغاً وقدره.
وهذا ربما يحدث في وزارات أخرى كوزارة الأشغال، لوبي المقاولين يرفع الأسعار، ولا أحد يتحرك، ولا أحد يقول هل هذا المبلغ يساوي فعلاً هذا المشروع الذي أنجز، وبالتالي هذا يعني أن هناك شركات تعمل لوبيات لسرقة أموال الدولة..!
بحثت أيضاً عن بعض المعلومات عن مبلغ النظافة المرصود من البلديات قبل الخصخصة (أتمنى أن تبحث الدولة عن هذا المبلغ والفوارق) فقيل أن البلديات كانت ترصد 30% من قيمة المبلغ المرصود حالي للنظافة..!
70% فارق بين ميزانية النظافة حين كانت في عهدة البلديات، وبين الوضع الحالي، وبالتأكيد فإن الوزارة تقول إن هذا الفارق هو فارق التوسع العمراني (هحشة ذي السعودية مو البحرين 650 كيلو متراً مربعاً، والنصف السفلي غير مأهول..!).
جزء كبير من تراكمات مبلغ الدين العام هو مما يجري في الوزارات التي تضيع المال العام دون محاسبة.
أعود الآن إلى موضوع النظافة في وزارة التربية، وهذه طامة كبرى أخرى، سوف أذهب للرقم الأصغر، 35 مليون دينار لتنظيف مدارس البحرين، ومباني الوزارة..!!
تنظيف البحرين يكلف 18 مليوناً في العام، وتنظيف مدارس وزارة التربية 35 مليون دينار.. (هذه وزارة التربية لو مدينة القاهرة)؟
إذا صح الخبر -وهو خبر رسمي نشر في عدة صحف ولم ينشر له تكذيب- فإن هذه مهزلة كبيرة، بصراحة حتى الساعة لا أصدق هذا الخبر (ليكون شركات النظافة تسبح اليهال في المدارس بعد).. أو على قولة عادل إمام (دنتوا واللهِ مسخرة)..! 35 مليوناً كم مدرسة تبني؟
أقول للدولة وللمسؤولين، ابحثوا عن الشقوق الكبيرة التي تتسرب منها ملايين الميزانية، والله هذا غير معقول وغير مقبول..!
البلديات تنظف البحرين 18 مليوناً وقابلة لأن تصل إلى 30 سنوياً للأربع سنوات القادمة، والتربية تنظف المدارس ومباني الوزارة بـ 35 مليوناً.. لكن بالله عليكم كم مليوناً نحتاج لأن ندفعها (لشركة استشارية) تنظف البحرين من الفساد..؟
** رذاذ
نشرت الصحافة أمس أن 50 مقهى بالبحرين يقدم الشيشة بدون ترخيص..!!
«وش هالبلد اللي كل شي يمشي من غير ترخيص» أبراج الاتصالات أغلبها غير مرخص ومثبتة وتعمل، ومقاهي الشيشة غير مرخصة وتعمل، و40 ألف شقة غير مسجلة، ومادري كم ألف سجل تجاري مسجل غير مفعل «يا جماعة احنا وين قاعدين».. أنتوا تسمعونا وإلا الخط يقطع..(ألوووو.. انقطع الخط..)!
** ألف مبروك لنادي الرفاع الرياضي فوزه ببطولة الدوري عن جدارة واستحقاق، وألف مبروك لمشجعي وإلى إدارة النادي، وإلى الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، الرفاع قدم مستوى متميزاً وكان صاحب النفس الأطول، وكان صاحب الصفقات المحلية والأجنبية الأفضل، وهذا ما كان ينقص بعض الأندية الغائبة عن البطولات.. ألف مبروك لنادي الرفاع وجماهيره.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}