إن كان من أسير أو معتقل حقيقي اليوم في البحرين؛ فهو «القانون» ولا أحد غيره.
هذه حقيقة ثابتة، لو وصلت بشكلها الصحيح المؤلم للعالم الغربي «باعتبار أن الدولة تهتم بالغرب أكثر من مواطنيها المخلصين» وتحديداً للفئات التي تقيم الأمور بعقلانية ومنطق دون تخندقات لها أهدافها، لاستغرب العالم من الوضع الحاصل لدينا.
لا يمكن لدولة ذات سيادة أن تقبل على نفسها بأن تكون رهينة للإرهاب، أن تتعامل بخجل مع من يتجاوز القانون، وأن تحرص على شعور المحرض والإرهابي الذي بدوره لا تهمه البلد ولا رموزها فيواصل تحريضه وتخريبه وإرهابه.
في تلك الدول لا كلمة تعلو فوق القانون، لا أحد لديه حصانة أو حظوة أو يمتلك توصية أمام بنود القانون، إن تجاوز القانون فإنه يخل بواجباته تجاه المجتمع، بالتالي تسقط حقوقه لأنه لم يحترمها أصلاً عبر احترام قانون البلد.
هناك لو قال أحد وهو يحرض ويشتم الدولة بأن «القانون تحت قدمه» لرأيتم من يكون تحت قدم من! نضرب الأمثلة بالغرب، لأن دولتنا تحرص على ردات فعل الغرب، بالتالي أقلها لو تمثلت بما يقوم به الغرب في إطار الحفاظ على كيان الدولة وضمان سلمها الأهلي وتطبيق القوانين الضامنة لحياة الناس.
هنا في البحرين تحدث العجائب، بات الناس لا يعرفون اتجاه البوصلة، ما يبدو واضحاً وجلياً ومنطقياً وتدعمه تصريحات الدولة نفسها، تخالفه أفعال وإجراءات من الدولة نفسها! حالة انفصام غريبة جداً إزاء أمور واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.
جلسة عاجلة للمجلس الوطني تخرج بتوصيات حاسمة لردع الإرهاب والتحريض وتباركها الدولة، لكن للأسف طوال عام وأكثر لا نرى تطبيقاً لهذه التوصيات إلا على الورق، نعم على الورق لأن الإرهاب لم يتوقف ولأن التحريض وأصحابه لا يحاسبون. بل مازالت التوصيات المعنية بالتحريض، تحديداً ثلاث توصيات هي مسؤولية وزارة العدل، مازالت لا يعرف ماذا حصل بشأنها.
اليوم القانون هو المقيد والمعتقل والمقبوض عليه، هذه هي الحقيقة وأي أمر خلاف ذلك ما هو إلا كلام لتهدئة الناس، رغم أن التهدئة لن تحصل طالما يسمع الناس ويقرؤون شيئاً ويرون في المقابل أفعالاً على العكس، ويرون الطرف المعتدي يواصل اعتداءاته.
الدولة إن لم يكن خطابها واضحاً، إن لم تكن مواقفها شفافة وصريحة، فإن الرسائل تكون ضبابية. من يرابط على الحق وعلى حماية الدولة وعلى التمسك بثوابتها يدخل حالة توجس وقلق وتأثيراتها خطيرة جداً على مسألة الثقة. في المقابل من يتوجس من جانب المحرضين والإرهابيين من إجراءات تطبيق القانون، حينما يحس بأن هذا التطبيق ليس إلا ذكراً في التصريحات المعلنة والمنشورة فما يمنعه حينها أن يواصل فيما يفعله بل ويزيد فيه؟! الرسالة هنا لديه بأن الدولة تحاول أن ترعبه بالكلام، تحاول أن تلوح له بعصا «افتراضية» يعرف أنها لن تستخدمها، لأن الاستخدام مرهون بما تقوله أطراف خارجية وسفراء سوء الداخل. تعرف أن التعطيل كله سببه محاولة إرضاء الخارج الذي يأتي على حساب «سند» الدولة في الداخل ممثلاً بالمخلصين من أبنائها الذين عاضدوها حينما حاول الكارهون اختطاف البلد والانقلاب على نظامها.
هل مازال لديكم أمل في تطبيق القانون؟! سؤال يوجه لأصحاب الرأي ولكثير من قادة الحراك على الأرض، لكنه بالأحرى سؤال يوجه للدولة قبل أي أحد آخر، وبصيغة قد تكون «موجعة» لكن كما يقال بأن «الحق يوجع»، وصيغة السؤال هنا للدولة: هل لدينا بالفعل قانون؟!
نسأل ذلك رغم القناعة بأن القانون موجود، لكن ما يحصل أمامنا يثبت بأن القانون هو المقيد في هذا البلد، هو المتعطل تنفيذه، ومع كل دقيقة تمر وكل ثانية تمضي دون محاسبة ومساءلة وتنفيذ له، تصدق كلمة عميل الخارج حينما قال بأن القانون «تحت قدمه». فهل تقبل الدولة بأن يكون القانون في هذه المنزلة؟!
فك الله أسرك يا قانون، فك الله أسرك قبل أن يعاد تكرار السيناريو الأسود لدولة قدمت الكثير، لكن الكثير لا يملأ عين من يملك قلباً يكره هذه البلد إلا إن تحولت لبلد حسب تفصيله وقياسه وتقسيمه وتحت إرادته.