كشف اللقاء الذي أجرته جريدة الوفاق مع أمينها العام عن خطاب ملتوٍ كقعدته، لأننا بصراحة لم نفهم شيئاً وقد يعود السبب على رأي عادل إمام في مسرحية مدرسة المشاغبين (انت مفهمتش حاجة لأنك مش قاعد على مستوى قعدته) و ربما لأننا لا نعرف الالتواء بالحديث أو بالقعده كما يفعل الأمين العام، فلم نفهم ماذا يريد أن يقول ولم نفهم لِمَ لا يملك (قائد و زعيم) الجرأة في الحديث المباشر رغم أن ظهره وسنده أمريكا و هي القوى العظمى؟
لم لا يكون صريحاً مع أتباعه و مريديه على الأقل، حتى لا يساقوا إلى حتفهم اتكالاً واعتماداً على (ذكاء) قائدهم الذي عجز عن مصارحتهم بما ينوي بيعه و شراءه في هذه الصفقة التي ينوي تمريرها، وإن كانت كما وعدهم حين صعد المنصة وأكد لهم أنه «باقٍ حتى يسقط النظام» أم أنه غير بنود البيع والشراء دون علمهم كالعادة.
سنحاول في هذا المقال الالتواء للوصول إلى (قعده) مشتركة حتى نفهم ما قال أو ربما نساعد الرعاة الرسميين على الفهم حتى يصلوا إلى (قاعدة) مشتركة معه. نص اللقاء حول الجولة الرابعة للحوار ونشر يوم الخميس الماضي 23 يناير:
سألت الجريدة الأمين العام: ماذا يمكن أن تُقدم المعارضة لتهيئة الأجواء؟
رد علي سلمان وهو ملتوٍ: كل ما يُطلب من المعارضة...
: مثل ماذا؟
: كل ما تتطلبه عملية تهيئة الأجواء...
: مثلاً؟
: ندرس خطاب المعارضة، وتحركاتها وخطواتها...
وهل يمكن أن يصل الأمر لتجميد فعاليات المعارضة؟
- هذا قرار غير متخذ حتى الآن، إذا تريد من المعارضة تجميد الفعاليات بالكامل، في المقابل يجب إطلاق سراح جميع المعتقلين، كما أن تجميد الفعاليات يتطلب وقف المحاكمات، ونحن منفتحون ندرس كل الخيارات، وإذا كانت هناك رؤية ستساعد على الوصول للحل نحن منفتحون عليها. (انتهى الاقتباس)
أقسم بالله أن المتلقي ضاع في (الطوشة) يا أخي اجلس عدل وتكلم بشكل مفهوم، أجب عن السؤال، أين الجواب؟ حتى الآن لم نفهم مالذي ستقدمه لتهيئة الأجواء، عرفنا طلباتك من ولي العهد لتهيئة الأجواء، لكننا لم نعرف ما ستقدمه أنت، فهل يقصد الأمين العام أن (الفعاليات) التي قد تطالب الوفاق بتجميدها هي مسيراته واجتماعاته في المقشع أو في سترة مثلاً؟ ويمكن وربما وما ( أوعدك) أنه سيجمدها بل سيدرسها؟ هل هذا ما ستقدمه الوفاق لتهيئة الأجواء؟
لا يا أخي لا تفهمنا غلط .. بالنسبة لهذه الفعاليات، نقولها لك يا أخي اجتمع وسير مسيرات براحتك من الآن إلى مائة سنة، فلا تعنينا بشيء، وهي حقك الدستوري عموماً ولا أحد يطالبك بتجميدها وهي لاتضايقنا أبداً، طالما تعقدها وسط من هو قابل أن تكون هذه الفعالية بقرب بيته أو محله، طالما أنك لم تعطل حياة الآخرين ولا تنتهك حقهم ولا تجبرهم قسراً على الانضمام لك أوالاستماع لك أوالسير معك وطالما لا تعطل تجارتهم وبيعهم وشراءهم وحرمة منازلهم وسير حياتهم، فأقم فعالياتك كل يوم.
أما إن كان القصد (بالفعاليات) التي يجب تجميدها تفخيخ السيارات وتفجير القنابل والعبوات وقتل الناس وتهريب المتفجرات وحيازة الأسلحة واستخدامها، فإن وعدت بتجميدها فإنك تثبت أنك وراءها وإن لم يكن لك دخل فيها فما الذي تفاوض عليه إذاً؟ البحرين ليست لديها أزمة مع فعالياتك، أزمتنا الإرهاب الذي تحميه، وأزمتنا فرض وساطة أمريكية تهدد بتدويل القضية علينا.
والإرهاب نعرف أنك حاميه، وراعيه ومحاميه، خاصة أنك قلت في نفس اللقاء (الرفض لأي عمل عنف مستمر لكننا نتفهم سبب هذا العنف) هذا «التفهم» عصا لا تمسك من النصف أبداً يا (زعيم)، والتذاكي هنا ممجوج فهذه أرواح للبشر تتساقط بسبب (تفهمك) لهذه (الفعاليات)!
فإن كان وقف مسيراتك وتجمعاتك (مرونة و تنازل ) تظن أن شعب البحرين يطالبك بوقفها مقابل أن يتحاور معك، فوفرهما لنفسك، وزد منهما، وهاهم أتباعك في تناقص كل يوم بعد أن رأوا تلونك وعدم وضوحك وترددك وعجزك.
هذا ما فهمه المتلقي الذي لا تقوده، ولا يرى فيك زعيماً، وقد يكون السبب في عدم الفهم راجعاً إلى أن مستوى قعدتك فهي لا تتفق مع مستوى شموخ الشعب البحريني، ولكن ربما يفهمك أتباعك في نقطة أخرى أثارها اللقاء.
ففي موقع آخر سألتك جريدتك السؤال التالي:
: ما يفهم .. أن طرفي الحوار ربما يتنازلان عن بعض الأشياء، هل المعارضة لديها مرونة في أن تُخفّض سقف المطالب؟
أجاب الأمين العام وهو ملتوٍ: هناك رؤية أوهموم يجب أن تكون حاضرة في طاولة الحوار، وتحكم طبيعة ما يتم الاتفاق عليه، وهو «مدخل» آخر غير فكرة النمطية و«التنازل» (انتهى الاقتباس)
على أتباع الوفاق الاعتدال والتمعن في هذا الجواب، فإن هم بقوا على مستوى قعدة أمينهم العام فلن يفهموا! إذ أعتقد .. أعتقد إن ما خاب ظني .. أنه يقصد نعم سنقدم تنازلات، وهو يطالبكم أن تهيئوا أنفسكم لموضوع «التنازلات» و أعتقد أنه يقول لكم إننا سنقدم تنازلات، ولكن رجاء غيروا المسمى أعطونا «مدخل» آخر ربما تخفيضات مثلاً أو (sale). عن نفسي لا أدري إن كان فهمي سليماً أم لا إنما الترجمة إلى العربية الوحيدة التي أفهمها تعني أن الوفاق على استعداد لتقديم التنازلات في الجولة الرابعة، إنما بعد تبديل الماركة. اللقاء حافل بالتلون ومحاولات التذاكي الفاشلة عديدة، (زعيم) يفتقد جرأة المواجهة مع كل الأطراف حتى مع أتباعه، موقف لا يتماشى أبداً مع خطورة المرحلة القادمة ولا مع جديتها ولا مع استحقاقاتها حتى بالنسبة لشارع قدم أرواحه وخيرة شبابه تلبية لندائه (زعامته) الفاشلة العاجزة كما وصفها روبرت غيتس وهو الحليف، زعامة ضيعت البوصلة، زعامة رفعت السقف والأماني لفئة مطحونة تبحث عن مدينة فاضلة بأحلام وردية رسموها لهم و منوهم بها فقدموا أرواحهم لها والآن يقول لكم استعدوا للتنازلات . لقاء يتسم بالتلون لذلك تناولناه بخفة لا تتسم مع جدية المرحلة لكنها كانت الطريقة الوحيدة التي تناسب هذا التحليق في الفضاء وهذا الاستخفاف بعقول الجميع، استخفاف لا يلامس الأرض والواقع.