«أيقظنا مارداً لا نعرف كيف نروضه»!
بهــذه الكلمــات وصف أحـد المهتميــن بالشأن السياسي البحريني تجمع الفاتح في فبراير 2011، وهو في حالة ذهول نادرة، وبرر ذهوله لاحقاً بأنه كان يتوقع أن يرى هذا الحراك منذ بداية الإصلاح السياسي في العام 2001، ولكنه لم يره وظل منتظراً 10 سنوات إلى أن شاهده رغم كل المحاولات، والأحداث الحافلة التي شهدها ذلك العقد الفريد من تاريخ البحرين الحديث.
اليــوم الشخص نفسه، راح ذهوله بعــد مرور 3 سنوات، وبات مهتماً بكيفية الحفاظ على اتجاهات العقلانية في هذا الحراك الشعبي الذي مازال باقياً في ذاكرة البحرينيين بغض النظر عن التداعيات اللاحقة. ويقول: «تجميع مئات الآلاف من المواطنين في ساحة الفاتح لم يكن سببه الرغبة في طرح المطالب، أو الخوف مـــن المستقبل، وإنما السبب الحقيقـــي هو الخشية من الإقصاء والتهميش والاستهداف في إقليم عربي شهد حالات مماثلة كما هو الحال في عربستان التي احتلتها إيران مطلع القرن العشرين، أو حال العراق بعد الغزو الأمريكي».
قبل العام 2011، كان الحراك الشعبي مقتصراً على الجماعات الراديكالية، ولكنها سرعان ما تغيّرت وصارت هناك جماعات متنوعة، وهذا التنوع بات واضحاً لدى المكوّن السني، في حين تراجع التنوع لدى المكوّن الشيعي وصار التنوع فيه محدود للغاية، فنتيجته جماعة صامتة عريضة وأقلية راديكالية نشطة لدى المكوّن الشيعي. أما المكوّن السني فنتيجته مختلفة، فهناك أغلبية نشطة، وجماعات صامتة.
هذه الحالة تعكس الخلل الذي يشهده النظام السياسي البحريني، وهو خلل من شأنه أن يفتح المجال أمام تطرف هائل لدى مكونات المجتمع كحالة طبيعية من مظاهر الأزمات الحادة. ومثل هذا المظهر من الممكن أن يتطور سريعاً إذا لم تكن هناك جهود أو ضوابط أو سياسات عامة لمواجهته. واللافت أن التطرف قاد إلى استهداف الأفراد من قبل الجماعات المتطرفة أو الأفراد الذين يحملون مثل هذا الفكر المتطرف، ففي العامين 2012 ـ 2013 شهدت البلاد 35 حالة استهداف للمدنيين من خلال تفجير القنابل محلية الصنع، وخلال الفترة نفسها شهدت البلاد أيضاً 192 حالة اعتداء على الأجانـــب، بالإضافة إلى 226 حالة من الاحتكاكات والمشاجرات الطائفية.
ورغم أن جميع مؤشرات الأمن آخذة بالتراجع نحو مزيد من الاستقرار إلى أن مؤشر استهداف المدنيين والأجانب ليس في تراجع، وإنما في تصاعد غريب، وقد يكون سببه الرئيس نمو اتجاهات التطرف لدى المواطنين.
بناءً على ذلك، فإن المحاولات المبذولة هنا وهناك من أجل تحريك الجماعات، أو تكوين حراك شعبي هي محاولات خطرة، لأنه من السهولة بمكان تحريك عشرات الآلاف في مسيرة احتجاجية أو مطلبية، ولكن من الصعوبة بمكان السيطرة على هذه الحشود وضمان سلميتها بمرور الوقت في ظل غياب الضمانات.
الدعوات التي تظهر بين وقت وآخر من أجل التحشيد حول عدد من القضايا ظاهرة إيجابية وممارسة من ممارسات حرية التعبير، ولكن الخشية أن يتم استغلال هذه الحشود بمرور الوقت في عمليات التعبئة السياسية بالفكر المتطرف، ومن ثم الانخراط في أنشطة العنف الطائفي أو عمليات الإرهاب.
{{ article.visit_count }}
بهــذه الكلمــات وصف أحـد المهتميــن بالشأن السياسي البحريني تجمع الفاتح في فبراير 2011، وهو في حالة ذهول نادرة، وبرر ذهوله لاحقاً بأنه كان يتوقع أن يرى هذا الحراك منذ بداية الإصلاح السياسي في العام 2001، ولكنه لم يره وظل منتظراً 10 سنوات إلى أن شاهده رغم كل المحاولات، والأحداث الحافلة التي شهدها ذلك العقد الفريد من تاريخ البحرين الحديث.
اليــوم الشخص نفسه، راح ذهوله بعــد مرور 3 سنوات، وبات مهتماً بكيفية الحفاظ على اتجاهات العقلانية في هذا الحراك الشعبي الذي مازال باقياً في ذاكرة البحرينيين بغض النظر عن التداعيات اللاحقة. ويقول: «تجميع مئات الآلاف من المواطنين في ساحة الفاتح لم يكن سببه الرغبة في طرح المطالب، أو الخوف مـــن المستقبل، وإنما السبب الحقيقـــي هو الخشية من الإقصاء والتهميش والاستهداف في إقليم عربي شهد حالات مماثلة كما هو الحال في عربستان التي احتلتها إيران مطلع القرن العشرين، أو حال العراق بعد الغزو الأمريكي».
قبل العام 2011، كان الحراك الشعبي مقتصراً على الجماعات الراديكالية، ولكنها سرعان ما تغيّرت وصارت هناك جماعات متنوعة، وهذا التنوع بات واضحاً لدى المكوّن السني، في حين تراجع التنوع لدى المكوّن الشيعي وصار التنوع فيه محدود للغاية، فنتيجته جماعة صامتة عريضة وأقلية راديكالية نشطة لدى المكوّن الشيعي. أما المكوّن السني فنتيجته مختلفة، فهناك أغلبية نشطة، وجماعات صامتة.
هذه الحالة تعكس الخلل الذي يشهده النظام السياسي البحريني، وهو خلل من شأنه أن يفتح المجال أمام تطرف هائل لدى مكونات المجتمع كحالة طبيعية من مظاهر الأزمات الحادة. ومثل هذا المظهر من الممكن أن يتطور سريعاً إذا لم تكن هناك جهود أو ضوابط أو سياسات عامة لمواجهته. واللافت أن التطرف قاد إلى استهداف الأفراد من قبل الجماعات المتطرفة أو الأفراد الذين يحملون مثل هذا الفكر المتطرف، ففي العامين 2012 ـ 2013 شهدت البلاد 35 حالة استهداف للمدنيين من خلال تفجير القنابل محلية الصنع، وخلال الفترة نفسها شهدت البلاد أيضاً 192 حالة اعتداء على الأجانـــب، بالإضافة إلى 226 حالة من الاحتكاكات والمشاجرات الطائفية.
ورغم أن جميع مؤشرات الأمن آخذة بالتراجع نحو مزيد من الاستقرار إلى أن مؤشر استهداف المدنيين والأجانب ليس في تراجع، وإنما في تصاعد غريب، وقد يكون سببه الرئيس نمو اتجاهات التطرف لدى المواطنين.
بناءً على ذلك، فإن المحاولات المبذولة هنا وهناك من أجل تحريك الجماعات، أو تكوين حراك شعبي هي محاولات خطرة، لأنه من السهولة بمكان تحريك عشرات الآلاف في مسيرة احتجاجية أو مطلبية، ولكن من الصعوبة بمكان السيطرة على هذه الحشود وضمان سلميتها بمرور الوقت في ظل غياب الضمانات.
الدعوات التي تظهر بين وقت وآخر من أجل التحشيد حول عدد من القضايا ظاهرة إيجابية وممارسة من ممارسات حرية التعبير، ولكن الخشية أن يتم استغلال هذه الحشود بمرور الوقت في عمليات التعبئة السياسية بالفكر المتطرف، ومن ثم الانخراط في أنشطة العنف الطائفي أو عمليات الإرهاب.