قال معن بن أوس المزني:
أعلمه الرماية كل يـومٍ
فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي
فلما قال قافيـة هجانـي
سنبدأ بالحديث أولاً عن المنظمات والمجالس الحقوقية الدولية التي نعجب بأنها تأخذ بتقارير إنشائية وتترك الحقائق المرئية، وعجباً للوفود الرسمية والشعبية التي تعجز عن الرد على الاتهامات التي تدعيها الشخصيات الانقلابية في ظل وجود الدلائل والبراهين، والتي تثبت أن الدولة كانت سخية مع هؤلاء الانقلابيين الطائفيين الحاقدين على الدولة والشعب وعلى كل ما هو عربي وخليجي، هذه الدولة التي احتضنتهم ولا زالت تصر على احتضانهم لدرجة أنها قد تسلمهم كرسياً لا يبعد عن كرسي الحكم بخطوتين، عجباً والله عجباً من كل شيء.
ها هو المدعو هيثم سلمان، الذي سمي نفسه مسؤول قسم الحريات الدينية، يقول إن «سياسة التطهير والعزل والتهميش الطائفي تحتاج إلى معالجة أممية»، يقول هذا في البحرين والتي لم يعرف حكامها يوماً التمييز ولا التهميش، فلا اعتمدت هذه السياسة ولا همشت أتباع إيران ومن جاؤوا للبحرين يمجدون حكام إيران، إذ كان على الدولة أن تحسب حساب هؤلاء البشر الذين استجلبتهم وجنستهم وقربتهم من مجالسها، لكن للأسف ونتيجة لسياسة الدولة لم تحسب عواقب هذا التمجيد، فأصبحت هي المدانة اليوم، وهي من يجب أن تحاسب من المجتمع الدولي، أما عن سياسة التطهير التي يدعيها سلمان، فنقول له إن عمليات التطهير لا تجيدها إلا تلك الدول التي يحكمها الولي الفقيه في إيران والعراق، والتي تطهر أهل السنة من أرضهم بالسكين والمنشار، وعلى هذا المدعو أن يراجع التقارير التي تكتب له قبل أن يهذي بادعاءات ليس لها وجود في البحرين.
اليوم يدعي هذا الشخص أن البحرين تمارس التهميش والعزل، دون أن يذكر مثالاً على هذا الادعاء، كما لم يسأله أحد من المنظمات والمجالس الدولية عن مثال لذلك، كذلك بالنسبة للوفود الرسمية والشعبية والتي لم ترد على هذه الادعاءات وتذكر بالنسب والأرقام وحتى الأسماء والأرقام الشخصية والصور الفوتوغرافية لمن يسيطر على وزارة الصحة، ومن أنفق على تعليمهم وتدريبهم من الابتدائية حتى المرحلة الجامعية، كذلك من يسيطر على وزارات الدولة الأخرى من المهندسين والمدراء والرؤساء والمفتشين؟ ومن يسيطر على وزارة العمل، المسؤولة عن التدريب والتوظيف؟ ومن يسيطر على هيئة سوق العمل ووزارة التجارة، وهما المؤسستان اللتان تتحكمان في الاقتصاد وتوزعانه.
كذلك يدعي الآخر، يوسف ربيع، بتقريره الإنشائي والذي تقطر الطائفية من حروفه ونقطه فيقول «وحول الشكل الطائفي للإقصاء يتلخص بإبعاد الشيعة، الذين يشكلون أغلبية، عن ممارسة السلطات السياسية والاقتصادية في البلاد»، هذا المدعو جاحد النعم يعلم أن الذي يسيطر على القطاع الاقتصادي هم أولئك الذين تكلفوا بالنفقة على الدوار، حيث فاضت فيه الفاكهة والخضار التايلدنية والهولندية والشامية واللحوم المشوية، المشوية والمطبوخة، أنهم أولئك الذين يسيطرون على القطاع الزراعي بأكمله، كما يسيطرون على البحر؛ فخيراته كلها في جيوبهم، فهم أصحاب المراكب والمصائد، وهم من يسيطر على قطاع الإنشاءات، فهذه مشاريع البحرين من طرق وجسور ومشاريع حكومية وبنية تحتية تحمل أسماء شركاتهم، كما يسيطرون على القطاع الصحي الخاص من مستشفيات وعيادات وصيدليات، ويسيطرون على سوق العقارات والمجمعات التجارية التي يستأجرون 99% من محلاتها، فسجلات وزارة التجارة موجودة كذلك سجلات الثروة السمكية والزراعية وشركات الاستيراد والتصدير والمصانع.
لكن من الذي سيقدم هذه المعلومات في تقارير مفندة ومسطرة؟ لا أحد من الوفود؛ لأننا نظن أن الجميع يذهب بحقيبة ملابسه التي اختار أحسنها وأثمنها، وقد يذهب خصيصاً لشراء ربطة عنق من شركات عالمية وقميص يحمل دمغة، بينما هيثم سلمان وربيع وغيرهم من هذه الأشكال يذهبون بتقارير إنشاء وفبركة وتلفيق، لأنهم يعلمون بأنه لن يكون هناك تقرير يدحض تقريرهم ويكشف تزويرهم، كما يعلمون أن هذه المنظمات والمجالس الحقوقية الأجنبية لا تحتاج إلا بعض الكلمات مثل «تهميش.. تطهير.. عزل»، وهي كافية بالنسبة لهم لعملية عسكرية.
تزوير هيثم سلمان لم يقف على اتهام البحرين بالإقصاء السياسي والاقتصادي، بل زاد عليها ادعاءه الإقصاء في تدريس المذهب الجعفري في المدارس الحكومية، حيث يقول «يبلغ عدد المدارس الحكومية 207 مدارس حكومية هذه المدارس لا تدرس المذهب الجعفري، وقد يصل إلى حد التجهيل الوجود الشيعي في هذه المناهج التربوية»، مما يدل على أن هذا الشخص غير مطلع على المناهج التربوية التي اختصرت التربية الدينية في كتاب واحد يحتوي على دروس في الأمانة والوفاء ورد الجميل، وهي تدرس حتى في المدارس البوذية وفي حصة أسبوعية واحد، ولكن رغبته أبعد من تدريس المذهب الجعفري، لأنه يريد أن تدرس الثورة الخمينية، بعد أن أصبحت منهجاً أساسياً في مدارس العراق بعد أن ألغت من مناهجها تاريخ الخلافة الراشدة واستبدلته بالثورة الخمينية، والأساس الذي بنيت عليه المؤامرة الانقلابية في البحرين، والذي يريد أن يغيرها، على حد زعمه، من حكومة بدوية إلى دولة مدنية حديثة، ويقصد بها دولة الفقيه التي تم إعلان تأسيسها على «الدوار».
لكن يبقى العجب أن تعجز الوفود التي تذهب وتعود دون أن ترد على هذا الادعاءات بأرقام وأسماء وصور وعناوين، كي يعلم الجميع أنه ليس في العالم دولة مثل البحرين، قدمت نضالها وحضاراتها وحكمها ومستقبلها على طبق من ذهب لأتباع إيران الذين طعنوها وظهرها، ولا زالت تصر على احتضانهم، لكن مع الأسف هذا الاحتضان لن يكون بعده إلا احتضار بعدما ربت الإرهاب بنفسها وربتت على كتفه وهدهدته وناغته حتى تغول عليها.