ما يقال عن وجود اتفاق أو خلاف على تفاهمات بشأن توزيع المناصب الرئيسة في مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة البحرين، سيبحثها المجلس في اجتماعه اليوم الأحد، هذا التفاهم لا جدوى منه إذا لم يرتق إلى مستوى تجسيـــد توجهات نتائج الانتخابات الأخيرة والتي جاءت بهذا المجلس الجديد.
فهذه الانتخابات التي لقيت إقبالاً وحماساً منقطعي النظير من قبل أعضاء الغرفة قد شهدت توجهاً عاماً بأن يقود الغرفة إلى سابق عهدها والذي كانت تسمى فيه غرفة تجارة وصناعة وزراعة البحرين، وهي التسمية التي تعبر عن أن الغرفة هي ممثلة للقطاع الخاص بجميع قطاعاته، وليست ممثلة للتجار وحدهم، وأن تسميتها في المرحلة الجديدة واللاحقة للانتخابات هي بيت القطاع الخاص وليست بيت التجار.
وعندما تصبح الغرفة بيت القطاع الخاص وممثلة له فإن إمكانات ومسؤوليات أعضاء مجلس الإدارة يجب أن تكبر لتشمل دائرة القطاع الخاص الواسعة والكبيرة والمتشعبة، وليست دائرة التجار وحدهم بهمومهم ومطالبهم المحدودة.
فبيت القطاع الخاص يمثله، ويصبح بالضرورة شريكاً في اتخاذ القرار الاقتصادي على مستوى الدولة، وهو ما يتطلب من عضو مجلس إدارة الغرفة معرفة بمكونات القرار الاقتصادي، ومتابعة للتطورات الاقتصادية بصفة عامة، ولمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكل ما يتعلق بالميزانية العامة للدولة وتمويلاتها والدين العام، وعلاقة كل هذه بالناتج الإجمالي المحلي.
ومن هذه التوجهات التي تمخضت عنها الانتخابات هو أن يعمل مجلس الإدارة على الارتقاء بالغرفة إلى مستوى الغرف في الدول المتقدمة، وهي مكانة مرموقة تتطلب من أعضاء المجلس التعرف على أوضاع ومستويات ومسؤوليات تلك الغرف، وكذلك الأعضاء الذين يشغلون مجالس إدارتها، ففي تلك الدول، وعلى الأخص الأوروبية منها يعتبر القطاع الخاص المحرك الأساسي للاقتصاد إن لم نقل مالك الاقتصاد ومديره والمؤثر في النمو وفي توجهات التنمية.
ومن هذه التوجهات أن الغرفة بإدارتها الجديدة ستنحو نحو الاستقلالية في تعاملها مع الجهات الرسمية في الدولة، وعلى الأخص وزارة الصناعة والتجارة، بحيث ينتفي من هذا التعامل شبهة الخضوع للقرار الرسمي دون مناقشة واعتراض.
والاستقلالية هنا ضرورية لتفعيل التوجه المتعلق بالمشاركة في اتخاذ القرار الاقتصادي، كما إن من متطلباتها أن تتمتع الغرفة بالاستقلال الإداري والمالي عن الجهة الرسمية، بحيث يأتي الدعم المالي لميزانية الغرفة من الدولة وليس من الحكومة، وأن يذهب إلى مالية الغرفة وليس إلى أشخاص، فالدعم في حالة الشخص يعتبر راتباً يتم دفعه مقابل عمل أو التزام تجاه الجهة التي تدفعه، وبالتالي يلغي الاستقلالية.
ومن هذه التوجهات أن الغرفة بمجلس إدارتها ولجانها الداخلية والمشتركة ستنتهج في تعاملاتها وعلاقاتها أساليب جديدة أكثر إيجابية وشفافية في طرحها وفي مناقشتها لقضايا الأعضاء والسوق، وفي قضايا الاقتصاد والاستثمارات، وذلك على خلاف ما كان يحدث في الماضي من تجنب مناقشة القوانين والقرارات والعلاقات والاتفاقات التي تصدرها أو تعقدها الدولة مع الآخرين، وعدم التعرض لسلبياتها، حتى لو انعكست هذه السلبيات على فاعليه وفائدة هذه القرارات والاتفاقات.
وفي كل هذه الحالات وغيرها تبقى الغرفة بحاجة إلى إعلام قوي وشامل تعبر فيه عن رؤاها ومواقفها تجاه التطورات الاقتصادية والتجارية والمالية، وذلك من خلال التصريحات والبيانات والندوات والدراسات والإحصائيات وأبحاث السوق والمؤتمرات، والتي تستعيد الغرفة بها دورها الإعلامي الذي افتقدته منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، وعلى الأخص غياب مجلة الغرفة الاقتصادية وندواتها الشهرية والدورية. ومن ثم فإن هذه المسؤوليات الجديدة والكبيرة، والتوجهات التي عبرت عنها الانتخابات، لا يمكن أن يتحملها ويتصدى لها إلا كوادر كفؤة، لديها الإلمام ولديها الخبرة، والاطلاع، والعلاقات مع الداخل والخارج، والقدرة على التعبير بلغة المعلومات والأرقام، والتحليل للتطورات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
واختيار أو انتخاب هذه الكوادر من أعضاء مجلس الإدارة الجديد هو ما يجب أن يحدث في اجتماع المجلس اليوم، وليس كما يقال من توزيع المناصب وفقاً لتفاهمات مسبقة بين الكتل، ولا إرضاء لهذا الطرف أو ذاك، ولا اعتباراً لعدد الأصوات التي حصل عليها العضو، وإنما أن يجري التوافق ويتم الانتخاب على أساس الأقدر والأكفأ والأفضل على تحمل المسؤوليات في قيادة الغرفة والارتقاء بها إلى المستويات التي أشرنا إليها.