ليــس من أهل البحرين أحد إلا ويتألــــم عند سماع خبر الحكم على شاب بحريني بالسجن ولو لفترة قصيرة، سبب الألم ليس لأنه بحريني فقط، وليس لأنه شاب فقط، ولكن لأن السجن يأخذ من حق الوطن، في الاستفادة من جهد وعقل ذلك الشاب. هذا يعني أنه لولا أنه ثبت على ذلك الشاب ما يستوجب إيداعه السجن لما اتخذ القاضي قراره بحرمان الوطن من هذه الطاقة، حيث الحكم بالسجن على شاب أياً كان مستوى تعليمه هو حكم بحرمان الوطن والمجتمع من طاقة كان ينبغي أن توظف بشكل موجب. أي أن ذلك الشاب لم يجن على نفسه فقط وإنما على مجتمعه ووطنه أيضاً لأنهما المتضرران الأكبران في الموضوع وليس هو فقط .
المكان الطبيعي للشاب هو خارج كل القيود وحيث يمكن أن يخدم أهله ومجتمعه ووطنه بإخراج ما بداخله من طاقات وقدرات، وحيث يمكن أن يسهم في رفع اسم البحرين عالياً وينتصر لقيادتها. لكن في نفس الوقت لا يمكن التغاضي عن الأخطاء التي يقع فيها هذا الشاب وتستوجب إعادة تأهيله، فالقانون هو من له الكلمة الأولى في البحرين التي هي اليوم دولة مؤسسات وقانون، والقضاء هو من له الكلمة الفصل التي يعتمد فيها على القانون والتشريعات التي وضعت لحماية الوطن والمجتمع والمواطنين.
في البحرين لا يتم إيداع الأشخاص في السجن لأسباب تتعلق بفكرهم أو معتقداتهـــم أو قناعاتهـــم أو مواقفهـــم السياسيـــة، فكـــل المسجونيـــن ســــواء الموقوفين أو المحكومين يتواجدون في المحبس لأنهم أخطؤوا في حق وطنهم ومجتمعهم وأهلهم فجنوا على أنفسهم وحرموا وطنهم ومجتمعهم من قدراتهم وطاقاتهم.
ليس صحيحا ما يقوم البعض الذي اختار معــاداة وطنه ترديده بأن «المسجونيـــن محكوم عليهم لأسباب تتعلق بآرائهم ومعتقداتهم»، فليس في البحرين سجناء رأي ولكن يوجد متورطون في أعمال يحاسب عليها القانون.
الذين تم الحكم عليهم بالسجن بعدما ثبت عليهم تورطهم في أعمال عنف ليسوا سجناء رأي، فلا يمكن اعتبار من يتجمهر خارج القانون ومن يختطف شارعاً بإشعال النار في إطارات السيارات ويتسبب في أذى الآخرين ويعرض حياتهم لشتى أنواع المخاطر سجين رأي لأن ما قام به من عمل لا علاقة له بالرأي.
كـــل الذيــن صــدرت فـي حقهـم أحكـــام بالسجن صدرت بعدما ثبت أنهم تورطوا في أعمال عنف وتخريب وإرهاب وفوضى، وليس بينهم من تم سجنه بسبب آرائه، فالتعبير عن الرأي في البحرين يكفله الدستور وينظمه القانون وهو مسموع من الجميع، ومقبول طالما أنه لا يتجاوز القانون الذي يكفل أيضاً حق الآخر مثلما يكفل حق الأول.
مؤلم أن يقضي شاب جزءاً من حياته في السجن ولو لمدة قصيرة، ولكن مؤلم أيضاً أن يعتدي ذلك الشاب على وطنه ومجتمعه وأهله والدستور والقانون الذي يطالب هو بنفسه بعدم تجاوزه!
من طريف ما نشر من آراء وتعليقات بعد صدور حكم بالسجن أخيراً على مجموعة من الشباب ممن تورطوا في أعمال تجاوزوا بها القانون هو القول بصيغة الاستغراب أنه صدرت أحكام بالسجن على مواطنين «بينهم مصور حائز على 145 جائزة دولية»، وكأن من الخطأ أن يتم الحكم بالسجن على من نال الجوائز حتى لو أخطأ في حق أهله ومجتمعه ووطنه!
كان الأولى بهذا المصور - ومن شاركه الأحكام القضائية - أن يوظف ما يتمتع به من قدرات وطاقات لخدمة وطنه ومجتمعه اللذين يردان الآن بالقول إن ما حصل عليه من جوائز لا قيمة لها طالما أنها لم تعد عليهما بالخير والفائدة ولم تعل من شأنهما.
مؤلم أن يحدث كل هذا، ومؤلم أن يستمر غاسلو أدمغة الشباب في عملهم القميء.