حديث مبالغ به جداً عندما ينشغل البعض بالإجابة على سؤال جوهري يتعلق بمشاركة جمعية الوفاق في الاستحقاق الانتخابي المقبل من عدمه!
الوفاق مجرد جمعية سياسية تمثل شريحة محدودة من المواطنين لها أجندتها الراديكالية، ولها سوابق بمقاطعة العملية السياسية، كما حدث خلال الفترة من 2002-2006، ثـــم 2011-2014. وبالتالي لم يثبت التاريخ أنها كانت شريكاً حقيقياً في الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي الذي تشهده المملكة، وعليه ليس مهماً مشاركة الوفاق في الانتخابات البرلمانية المقبلة نهاية العام الجاري.
البعض يبرر اهتمامه بأن دخول الوفاق إلى البرلمان سيساهم في إثراء التجربة البرلمانية، وسيزيد المجلس النيابي قوة نتيجة الحراك والتباين في الرؤى الذي قد يظهر بين الكتل البرلمانية. مرة أخرى فإن هذا الافتراض غير واقعي، لسببين على الأقل؛ الأول أن ما يساهم في جعل المجلس قوياً هو البرنامج السياسي والأجندة وطريقة التعاطي مع مختلف القضايا. والسبب الآخر هو الأدوات البرلمانية التي اختلفت وباتت أكثر فاعلية لدرجة الخشية منها لأن بعضها غير مجرب حتى الآن بعد أن أقر البرلمان التعديلات الدستورية الثانية وصدق عليها جلالة الملك في 2012.
الوفاق لن تقدم أو تؤخر، ولن تضيف أو تنقص من التجربة البرلمانية سواءً شاركت أم قاطعت. وما يجب التركيز عليه هو ضرورة احترام الديمقراطية البحرينية التي توافقنا عندما قال شعب البحرين في الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني (نعم للديمقراطية).
وحتى من يخشى من تأثير عدم مشاركة الوفاق في العملية السياسية والاستحقاق الانتخابي المقبل على سمعة البحرين دولياً، فإن عدم المشاركة مردود عليه لأن البحرينيين ملتزمين بالبرلمان كمرجعية دستورية ولا يمكن تجاوزها أو الاستعاضة عنها ببدائل أخرى مهما كانت الكلفة أو السبب باعتبار هذا المجلس يمثل الإرادة الشعبية التي يجب احترامها دائماً.
من يحلم بمبادرات غير مسبوقة وجريئة كما قادها جلالة الملك في العام 2000 و2001، فإن هذه المبادرات كانت لها ظروفها المختلفة عن ظروف 2014. والآن هناك آليات ومؤسسات لديها القدرة على القيام بمثل هذه المبادرات لأن العمل بات مؤسسياً، ويجب احترام هذه المؤسسية باعتبارها من عناصر تجربة البحرين الديمقراطية.
مثل هذا الاحترام يكرس المبادئ في تحولنا الديمقراطي، ويساعد كثيراً على استقرار التجربة التي نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى، فإذا كنا نتطلع لأن تكون ديمقراطيتنا (راسخة) بالمفهوم السياسي الحديث الذي قدمه عالم السياسة الراحل صموئيل هنتنغتون، علينا الإصرار على مكتسبات التجربة والحفاظ عليها، ومن ثم العمل على تطويرها، خاصة وأن تطويرها كان سريعاً مقارنة بعمرها الذي لا يتجاوز 14 عاماً فقط.