الأربعاء الماضي قطع مجموعة من «الثوار» شارع الفاتح وأشعلوا النيران في إطارات السيارات وبثوا الرعب في نفوس مستخدميه، وتم نشر صورة لهذا الحدث الذي أنتجه «أبطال الميادين» في وسائل التواصل الاجتماعي مصحوباً بالتعليق التالي «انتهى مسمى شارع الفاتح وللأبد.. ثوارنا الأبطال يدشنون المسمى الجديد»، أما المسمى الجديد الذي اختاروه أو تم اختياره لهم فهو «شارع 14 أغسطس».
لعلها النكتة الأخيرة لائتلاف فبراير الذي يبدو أنه صار عليه تغيير اسمه أيضاًَ بعد أن انتهى من تغيير أسماء كل شوارع البحرين وخصص لمن يشاء دواراً باسمه، فهذا دوار فلان وذاك دوار فلانة، وهذا شارع فلان وذاك ميدان فلانة! ومن غير المعلوم إن كان سيشيد شوارع وميادين ودوارات جديدة ليتمكن من إطلاق أسماء بقية من «يعزون» عليه كي يبدو عادلا ولا يقصر مع أحد، وكي يشعر الجميع بأنهم استفادوا من «الثورة»!
ما ينبغي حقيقة أن يعلمه الائتلاف أن كل ما يقوم به لا قيمة له ولا تأثير، فشارع الفاتح سيظل اسمه شارع الفاتح مهما تعرض للاختطاف ومهما فعلوا به، وشارع خليفة بن سلمان سيظل يحمل هذا الاسم تقديرا لسموه قاموا أو قعدوا، فمن يطلق الأسماء على الشوارع والميادين والدوارات والمدارس والأماكن كلها في البلاد هي الحكومة فقط، لأنها هي التي تمتلك السلطة، ولا سلطة للائتلاف ولا لمن يقف وراءها.. ولن تكون.
سكوت الحكومة عن محاولات تشويه أسماء الشوارع والميادين العامة والدوارات وتغييرها من قبل ما يسمى بائتلاف فبراير هو لأنها تتعامل مع هكذا تصرف على أنه نكتة تستدعي التندر ليس إلا، فأي عاقل هذا الذي يمكن أن يقوم بعمل كهذا؟ وكيف لمن لا يملك سلطة أن يغير ما لا يملك قراره؟
لم يعد هؤلاء قادرين على فعل ما هو مفيد، مفيد لهم على الأقل، لذا فإنهم يعوضون ضعفهم ونقصهم بهكذا أفعال وسلوكيات، فمن يمتلك القوة لا يقوم بأفعال الصغار والمراهقين، ومن يمتلك العقل لا يقوم بما يؤذي الناس الذين هم في كل الأحوال لا علاقة لهم بما يجري.
ما يقوم به هؤلاء وغيرهم ممن يحلو لهم أن يطلق عليهم اسم «المعارضة» ما هو إلا تعبير عن قلة الحيلة، فمن يمتلك الحيلة لا يقوم بهكذا أفعال، فليس في قطع الشوارع واحتجازها واختطاف حياة الناس رجولة، وليس في إطلاق أسماء جديدة على شوارع ودوارات ما يمت إلى الحكمة بصلة، فلا هذه تكسبهم البطولات ولا تلك تعطيهم الأهمية أو تبرئ ذمتهم وتخليهم من مسؤولية ما حدث ويحدث منذ سنوات ثلاث.
ما يكسب «المعارضة» بأنواعها البطولات ويعطيها المكانة هو خدمة الناس وليس تعطيل مصالحهم، لماذا لا «يتحاططون» ويعينون المحتاجين على حماية بيوتهم من الأمطار؟ لماذا لا يخصصون جزءاً يسيراً من الأموال التي تصلهم للفقراء والمساكين الذين يأخذون منهم أبناءهم ليكونوا أكباش الفداء في تلك العمليات الفارغة من أي معنى ومن أي تأثير؟
كسب الناس لا يكون بأذاهم ولكن بخدمتهم، والوفاء بحق من كانوا التسبب بفقدهم أرواحهم أو سجنهم لا يكون بإطلاق أسمائهم على الشوارع والدوارات والميادين، وخدمة الوطن لا تكون بتغيير المسميات ولا بالقبول بتحريفها بشكل متعمد كما يحدث في الفضائية السوسة (العالم)، التي لا يزال «أبطالها» ينطقون أسماء قرانا بشكل خاطئ.
مشروع الائتلاف ومن يقف وراءه لتغيير أسماء الشوارع والأماكن مشروع فاشل ولا يخدم «قضيته»، بل على العكس يقلل من شأن «المعارضة» على اختلافها ويظهرها بمظهر الفقير الذي لا يمتلك رؤية ولا دراية وليس بيده مفيدا يقوم به.