نحن هنا أمام خبرين متناقضين، الأول يقول إن إيران على استعداد للتنازل عن بشار الأسد، لكن ليس النظام ككل، وخبر آخر يقول إن الرئيس الإيراني حذر نظيره الروسي من فشل مؤتمر «جنيف 2» المقبل حول سوريا في حال عدم دعوة إيران إليه، فما معنى ذلك؟
الواضح أننا أمام عملية مفاوضات شاقة بالنسبة لمؤتمر «جنيف 2» ليس الهدف منها إبعاد إيران كاملاً عن المؤتمر بقدر ما هي محاولة لدفعها لتقديم تنازلات قبل عقد المؤتمر نفسه أهمها التنازل عن الأسد، خصوصاً أن الأوضاع على الأرض في سوريا ليست بالسوء الذي تم تصويره سابقاً في ما يتعلق بمشاركة «القاعدة» ومدى قوتها، خصوصاً مع استطاعة الجيش الحر تحقيق انتصارات حقيقية ضد التنظيم الإرهابي، سواء «داعش»، أو من ناصرها، ومن اللافت هنا أن نجد تصريحاً لوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو يتهم فيه نظام الأسد صراحة بالتعاون مع «القاعدة»، وهو أمر قيل من قبل، لكن أهميته اليوم أنه جاء على لسان وزير الخارجية التركي.
كل ما سبق يقول لنا إن الأمور الآن تعتبر مربكة للموقف الإيراني، وموقف الأسد بالطبع، خصوصاً أن الحديث قبل أسابيع كان عن انكسار الجيش الحر وانتصار الأسد، إلا أن الأمور تبدلت، حيث ظهر أن قوة الأسد لم تكن إلا من خلال بروز «داعش»، واليوم اختلف الوضع، وعادت الأمور إلى المربع الأول الذي يقول إنه ليس هناك مكان للأسد في سوريا، ومن هنا كان لافتاً ما نقلته وكالة «رويترز» عن دبلوماسي لم تسمه التقى كبار المسؤولين الإيرانيين مؤخراً حيث يقول إن الإيرانيين ربما يكونون مستعدين حالياً للتوصل إلى حلول وسط بما في ذلك تنحي الأسد، مضيفاً «لا أعتقد أن هذا خط أحمر بالنسبة لهم»، ويشير الدبلوماسي إلى أن الإيرانيين «سيكونون على استعداد لرؤية بديل ما للأسد بشرط أن يكون هذا البديل جديراً بالثقة ولا يسبب فوضى»!
وعندما نقرأ هنا الخبر الذي نقلته وكالة الأنباء الإيرانية «إيسنا» أن روحاني أبلغ نظيره الروسي أن «مؤتمراً إقليمياً لن يشارك فيه أطراف لهم نفوذ لن يتوصل إلى حل الأزمة في سوريا» يظهر لنا جيداً أن هناك محاولات لانتزاع تنازل إيراني حول مصير الأسد قبل انعقاد مؤتمر «جنيف 2»، لكن ما يجب أن يتنبه له الجميع ليس تنازل إيران عن الأسد وإنما الأهم هو دور إيران في مرحلة ما بعد الأسد، حيث استعدت طهران جيداً لذلك، مما يعني أن مستقبل سوريا سيكون مرهوناً بالفوضى حتى لو رحل الأسد ما دام لم يجر التنبه لدور إيران بعده من الآن، وهذا أمر بالغ الخطورة ليس على سوريا وحدها بل كل المنطقة. فما يجب التنبه إليه جيداً هو أن القصة ليست قصة اعتدال إيران الآن من عدمه بل هي قصة المصالح الإيرانية التي ستقتضي في الأخير الاختيار بين الأسد أو سوريا ككل.
* عن «الشرق الأوسط» اللندنية
الواضح أننا أمام عملية مفاوضات شاقة بالنسبة لمؤتمر «جنيف 2» ليس الهدف منها إبعاد إيران كاملاً عن المؤتمر بقدر ما هي محاولة لدفعها لتقديم تنازلات قبل عقد المؤتمر نفسه أهمها التنازل عن الأسد، خصوصاً أن الأوضاع على الأرض في سوريا ليست بالسوء الذي تم تصويره سابقاً في ما يتعلق بمشاركة «القاعدة» ومدى قوتها، خصوصاً مع استطاعة الجيش الحر تحقيق انتصارات حقيقية ضد التنظيم الإرهابي، سواء «داعش»، أو من ناصرها، ومن اللافت هنا أن نجد تصريحاً لوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو يتهم فيه نظام الأسد صراحة بالتعاون مع «القاعدة»، وهو أمر قيل من قبل، لكن أهميته اليوم أنه جاء على لسان وزير الخارجية التركي.
كل ما سبق يقول لنا إن الأمور الآن تعتبر مربكة للموقف الإيراني، وموقف الأسد بالطبع، خصوصاً أن الحديث قبل أسابيع كان عن انكسار الجيش الحر وانتصار الأسد، إلا أن الأمور تبدلت، حيث ظهر أن قوة الأسد لم تكن إلا من خلال بروز «داعش»، واليوم اختلف الوضع، وعادت الأمور إلى المربع الأول الذي يقول إنه ليس هناك مكان للأسد في سوريا، ومن هنا كان لافتاً ما نقلته وكالة «رويترز» عن دبلوماسي لم تسمه التقى كبار المسؤولين الإيرانيين مؤخراً حيث يقول إن الإيرانيين ربما يكونون مستعدين حالياً للتوصل إلى حلول وسط بما في ذلك تنحي الأسد، مضيفاً «لا أعتقد أن هذا خط أحمر بالنسبة لهم»، ويشير الدبلوماسي إلى أن الإيرانيين «سيكونون على استعداد لرؤية بديل ما للأسد بشرط أن يكون هذا البديل جديراً بالثقة ولا يسبب فوضى»!
وعندما نقرأ هنا الخبر الذي نقلته وكالة الأنباء الإيرانية «إيسنا» أن روحاني أبلغ نظيره الروسي أن «مؤتمراً إقليمياً لن يشارك فيه أطراف لهم نفوذ لن يتوصل إلى حل الأزمة في سوريا» يظهر لنا جيداً أن هناك محاولات لانتزاع تنازل إيراني حول مصير الأسد قبل انعقاد مؤتمر «جنيف 2»، لكن ما يجب أن يتنبه له الجميع ليس تنازل إيران عن الأسد وإنما الأهم هو دور إيران في مرحلة ما بعد الأسد، حيث استعدت طهران جيداً لذلك، مما يعني أن مستقبل سوريا سيكون مرهوناً بالفوضى حتى لو رحل الأسد ما دام لم يجر التنبه لدور إيران بعده من الآن، وهذا أمر بالغ الخطورة ليس على سوريا وحدها بل كل المنطقة. فما يجب التنبه إليه جيداً هو أن القصة ليست قصة اعتدال إيران الآن من عدمه بل هي قصة المصالح الإيرانية التي ستقتضي في الأخير الاختيار بين الأسد أو سوريا ككل.
* عن «الشرق الأوسط» اللندنية