من باب نقل الصورة الحقيقية والواقعية التي هي مناطة بالصحافة الوطنية كسلطة رابعة، ومن باب توصيف الأمور على حقيقتها، فإن ما نشاهده ونسمعه من امتعاض شديد من الناس حول مستوى تقديم الخدمات في الوزارات والجهات الحكومية يجعلنا نقول إن على الدولة أن تعمل بجد لإزالة هذا الامتعاض.
فالمواطن ليس بحاجة إلى تراكمات جديدة على التي هي موجودة أصلاً لديه، يكفيه أن الدولة قررت أن تتعايش مع الإرهاب، وأن لا تجتث جذوره من أصلها، وهذه مسألة تشكل قلقاً وغضباً وحيرة لدى المواطنين.
في المقابل، فإن من الواجب علينا كصحافة، أيضاً أن نقول الحقيقة، فالمشروع الذي دشنه سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظه الله من خلال خدمة «تواصل» والتي شملت 10 وزارات أولها كان في وزارة الصحة حين زارها سمو ولي العهد ودشن المشروع الأول، هذه الخدمة بداية تصحيح أمور خاطئة، وبداية وضع قدم على طريق معالجة الأخطاء.
تقاس الحكومات اليوم بمدى تحقيق الإنجاز، وسرعة تقديم الخدمات للمواطن والزائر والمقيم، لذلك يجب السماع إلى ملاحظات المواطنين عما يقدم لهم من خدمات «الجودة، السرعة، الإنجاز» فحتى وإن كان الناس لديهم تحفظات سياسية، أو غيرها من أمور، إلا أن مستوى تقديم الخدمات بجودة عالية وبسرعة وبعيد عن البيروقراطية، أصبح يشكل ما يشبه ترضية للناس على انكسارهم من أمور أخرى كثيرة تتعلق بالأمن والرواتب.
لا نخفي الدولة سراً، بل هذا يمكن سماعه مباشرة من الناس، أن هناك جهات رسمية لا تمر فيها المعاملات دون تقديم المقسوم، وإلا فإن ما تريد إنجازه في ساعة (والوقت يعني المال) سوف يبقى حبيس الأدراج، أو حبيس موظفين، إلى أن يشاء الله.
مؤسف لنا جميعاً أن نسمع أن بعض الوزارات والجهات أصبحت مثل الوزارات في بعض الدول العربية، «ادفع أولاً.. وستنجز معاملتك اليوم»..!
هذا مؤلم لنا جميعاً، ومن ينكر هذا الأمر لا يرى الصورة الحقيقية، ولا يسمع من الناس مباشرة، لذلك فإن خدمة «تواصل» التي ننظر لها بأمل، يجب أن تُفعل وتتخذ فيها خطوات عملية إيجابية حتى يشعر المواطن أن هذه الخدمة حقيقية، وليست فقط مسمى.
بارقة أمل خدمة «تواصل» يجب أن تتخذ فيها قرارات من قبل مجلس الوزراء، ويجب أن يحاسب عليها مسؤولون سكتوا سنوات عن سوء الخدمات لديهم لغياب المتابعة والمحاسبة، ويجب أن تضرب لنا بـ «خدمة تواصل» أمثلة حية في الأيام المقبلة حتى يشعر المسؤول والمواطن معاً، أن الأمور ليست بهرجة إعلامية، وأن هناك متابعة ومحاسبة وأن هناك تصحيحاً.
يحسب لسمو ولي العهد قيامه بزيارة وزارة الداخلية أمس «في يوم الإجازة الرسمية» للوقوف على موضوع إجراءات متابعة ما ورد في تقرير الرقابة المالية، وقد وجه سموه أمس إلى إحالة 20 مخالفة وردت في تقارير الرقابة المالية إلى الإدارة العامة لمكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية، وهذه الإجراءات تضاف إلى ما سبق وتمت إحالته للنيابة العامة من قضايا.
ما نوه إليه سمو ولي العهد أمس هو إشارة إلى أن التحقق من بقية الملاحظات والمخالفات بتقرير الرقابة مستمر.
وهذا يعني أن هناك إجراءات قادمة حيال مخالفات ترى اللجنة أنها تستحق أن تحال إما للنيابة العامة، وإما إلى الإدارة العامة لمكافحة الفساد بوزارة الداخلية.
كل ذلك مؤشرات طيبة تدل على أن هناك خطوات إيجابية تقوم بها الحكومة، إما لتصحيح أمور يجب أن تصحح ويرى المواطن أنها خاطئة، وإما من خلال خطوات عملية حقيقية «هذه المرة» في موضوع تقرير الرقابة المالية الذي أصبح جرحاً في ضمير المواطن وهو يرى التقارير السابقة تصدر ولا توجد إجراءات قانونية حقيقية، مقولة «يوجد فساد ولا يوجد مفسدون» يجب أن تنتهي.
هذا الإصرار على الإنجاز وعلى قياس مدى رضا المواطن من الخدمات هام للغاية في هذا التوقيت من عمر الدولة، ومن مسيرة الإصلاح، فهناك من يترصد بالدولة على كل أخطاء، ويضخمها، ويجعل من البحرين دولة تشابه الدول الأفريقية. لذلك يجب تصحيح الأخطاء، وتقديم أي مسؤول يتسبب في تعطيل مصالح المواطنين، أو يصمت أو يشارك بعمليات الفساد الإداري والمالي للجهات القانونية.
تصوير الخدمات الحكومية على أنها أفضل من أي مكان في الخليج، مبالغ فيه ويجافي الحقيقة، وتصوير بعض خدمات الوزارات على أنها تشابه دولاً أفريقية أيضاً مبالغ فيه، لكن في المحصلة أننا لسنا في وضع كما نتمناه لوطننا أن يكون عليه وسط منافسة قوية من دول الجوار في كل شيء.
** مجرد اقتراح لمجلس الوزراء
نتمنى أن يتم عمل دراسة حول المعاملات التي تتأخر وتحتاج إلى إنجاز يومي سريع في الوزارات الخدمية، أقترح أن يتم تمديد عمل الأقسام التي تتعلق بخدمات المواطنين في الوزارات الخدمية إلى الساعة السابعة مساءً، على أن يتناوب الموظفون على الدوام المسائي.
كما أقترح أن يتم فتح هذه الأقسام أيام السبت من كل أسبوع من السابعة وحتى الثانية ظهراً، هذا الأمر هام جداً خاصة أن هناك من الموظفين من يريد إنجاز معاملته في وزارة أخرى ولكنه لا يتمكن بسبب الدوام الرسمي.
ليس كل الخدمات الإلكترونية مفعلة، وليس كل المواطنين لديهم دراية بكيفية إنجاز المعاملات الإلكترونية، حتى الانتقال للخدمات الإلكترونية بشكل أوسع، نقترح ما سبق، على أمل أن يكون مستوى الإنجاز أفضل مما هو عليه الآن.
** النواب والرقابة المالية
قال النائب عادل العسومي أمس الأول إن المجلس سيحيل المتجاوزين إلى النيابة العامة، وهذا تطور إيجابي من المجلس تجاه تقرير ديوان الرقابة المالية، لكن هل المجلس سيتخذ خطوات كبيرة ويحيل مخالفات بشكل أكبر مما اتخذته الحكومة من إجراءات حيال ما ورد في الرقابة المالية؟
لا أعرف ولكن سننتظر ونرى، فالذي يجب أن يكون هو أن للمجلس النيابي الحق في الرقابة وفي أن يكون له الدور الأكبر والرئيس في ذلك..!