فــي الساعــة 4:24 ظهــراً أقلعــت فـي الموجة الثالثة 8 طائرات، وقبيل الغروب هبطت عائدة بسلام المقاتلة الأولى فهلل رجال الخدمات الأرضية من منتسبي القوة الجوية الكويتية ثم هبطت الثانية فارتفع التهليل والتكبير ثم الثالثة فالرابعة والخامسة والسادسة والسابعة ثم طال الانتظار ولم تظهر في الأفق أو على الرادار الطائرة الثامنة رقم 828، لقد عادت المقاتلات الكويتية مع غروب يوم 17 ينايـــر 1991 إلا واحدة. كان قرار فك التماس والآخــذ بالمرحلية ومتغيرات اللحظة القتالية للحفاظ على الطائرات الكويتية قراراً موفقاً من قبل قيادة القوة الجوية 2 أغسطس 1990، كما كان تطبيقاً ناجحاً لمفهوم العمق الاستراتيجي في الحرب، فبعد تدمير العراقيين لممرات الطيران كان لابد من الالتجاء لعمقنا الاستراتيجي فهبطت الطائرات في الخفجي والظهران وجدة والطائف كما هبطت في البحرين. وتدرب طيارو «الميراج» الكويتيون في قطر، وعلى «الهوك» في الإمارات، و»السكايهوك» في خميس مشيط. ثم نقل الجميع لقاعدة الظهران منذ منتصف أكتوبر 1990. ونقلت «الهيلكوبتر» إلى الجبيل ومعها طائرات «الغزال» الإماراتية. وفي الظهران كانت الفرحة مغلفة بالدموع حين تم تحديد ساعة الصفر لانطلاق «عملية عاصفة الصحراء» فبعد يوم واحد من انتهاء مهلة مجلس الأمن لصدام للانسحاب من الكويت شنت طائرات التحالف حملة جوية لمدة 43 يوماً بمعدل 2555 غارة يومياً. كان نصيب القوات الجوية الخليجية نصيب الأسد، حيث نفذّت القوات الجوية الملكية السعودية 6500 طلعة، والكويتية 738 طلعة، والبحرينية 266 طلعة، والقطرية 55 طلعة، والقوات الجوية الإماراتية 68 طلعة. كانت طائرة «سكايهوك» المكتوب على جانبها «الكويت حرة» آخر معاقل صمود الكويتيين، كانت طائرة بمثابة وطن لمئات الرجال من منتسبي القوة الجوية الكويتية، وطن تنقل بين قاعدة أحمد الجابر الجوية والظهران وخميس مشيط. وفي الثالثة من فجر 17 يناير 1991 تم تسليح المقاتلة القديمة التي غطت أفعالها كبر سنها. وتلقى الرجال إيجاز المهمة وتحديد الأهداف التي يجب قصفها في الكويت المحتلة. حينها تراجع المنطق أمام عبثية الحرب فكيف تقصف وطنك الثابت الدائم بوطنك المتحرك المؤقت!
قاد العقيد يوسف ضويان العتيبي التشكيل الأول في 08:15 فأغار بست طائرات على موقع صواريخ أرض أرض من نوع «فروغ 7» شمال اللواء 35 على خط السالمي. فيما قاد المقدم يوسف الملا تشكيلاً هاجم أيضاً موقعاً مشابهاً جنوب قاعدة علي السالم الجوية. عاد التشكيلان بعد تدمير الأهداف يغطي على صوت محركاتها تهليل الرجال. لم تتوقف الطلعات الجوية الكويتية رغم الحزن على الطائرة التي لم تعد، فالموجة الرابعة من هجمات اليوم الأول كانت تشكيلاً من أربع طائرات بقيادة المقدم خميس سلطان فرحان لقصف راجمات صواريخ عراقية عادت بعدها سالمة. واستمرت الحملة الجوية وكان من تكتيكاتها في البداية التركيز على تدمير الدفاع الجوي العراقي ثم راداراته ووسائل اتصاله ولم يكن ذلك سهلاً، إلا أن السيادة الجوية تحققت بفضل دقة عمليات الهجوم باليوم الأول. ثم تغير التكتيك مع تطور الحملة الجوية فأصبح التركيز بناء على خطة الجنرال هورنر «C.A. Horner» تدميـر المعدات وليس قتل الجنود، حيث طبق مفهوم الكشاف القاتل «Killer Scout concept» فإن لم يجد الطيار هدفاً صالحاً لطلعته بقي محلقاً على ارتفاع شاهق فوق ميدان المعركة. وفيما كان طيران الحلفاء في سماء بغداد كان النقيب السعودي عايض الشمراني يحقق مجده فوق الخليج ففي 30 ثانية وبطائرةF 15 ظهر يوم 24 يناير 1991 أسقط طائرتين عراقيتين من نوع ميراج F 1 حاولتا التسلل من الشمال الشرقي. فيما كان البحرينيون يشاركون في نفس اليوم للمرة الأولى ضمن العمليات الجوية المشتركة، أما القطريون فكانوا يحققون مجدهم في الخفجي يوم 31 يناير 1991، حيث أسرت إحدى سراياهم خمس دبابات وست عربات مدرعة عراقية بعد ست دقائق فقط من تبادل إطلاق النار، كما قامت 4 طائرات ميراج 2000 إماراتية بعملية وأسكتت مضادات العدو.
كنا في القوة الجوية الكويتية نسمي المقدم محمد مبارك مو الكبير»Big Mo» لضخامة جثته، وقد ساعده جسمه الرياضي على الصمود حين سحله العراقيون بعد سقوطه وهو مربوط بحبال مظلته إلى شاحنة عسكرية لأميال عدة. كان محلقاً مع الموجة الثالثة فوق مضادات أرضية عراقية في منطقة الصبيحية، وحين أغار على الهدف أول مرة لم يكن رد فعل الدخان المتصاعد من الهدف المقصوف مرضياً، فاستدار متخذاً وضع الهجوم ناحية الهدف نفسه دون أن يعي أنه قد هبط أكثر من اللازم ولم يحافظ على مفهوم الكشاف القاتل بالارتفاع الشاهق فقفز من طائرته وهي تشتعل. فكانت حرب تحرير الكويت التي بدأت في 17 يناير 1991 مرتكزاً للتحولات الكبرى في التعاون العسكري الخليجي ليس في المستوى الاستراتيجي فحسب بل والعملياتي أيضاً، كما كانت شكلاً من أشكال الوحدة الخليجية سبقت ما نطالب به بربع قرن.
المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
قاد العقيد يوسف ضويان العتيبي التشكيل الأول في 08:15 فأغار بست طائرات على موقع صواريخ أرض أرض من نوع «فروغ 7» شمال اللواء 35 على خط السالمي. فيما قاد المقدم يوسف الملا تشكيلاً هاجم أيضاً موقعاً مشابهاً جنوب قاعدة علي السالم الجوية. عاد التشكيلان بعد تدمير الأهداف يغطي على صوت محركاتها تهليل الرجال. لم تتوقف الطلعات الجوية الكويتية رغم الحزن على الطائرة التي لم تعد، فالموجة الرابعة من هجمات اليوم الأول كانت تشكيلاً من أربع طائرات بقيادة المقدم خميس سلطان فرحان لقصف راجمات صواريخ عراقية عادت بعدها سالمة. واستمرت الحملة الجوية وكان من تكتيكاتها في البداية التركيز على تدمير الدفاع الجوي العراقي ثم راداراته ووسائل اتصاله ولم يكن ذلك سهلاً، إلا أن السيادة الجوية تحققت بفضل دقة عمليات الهجوم باليوم الأول. ثم تغير التكتيك مع تطور الحملة الجوية فأصبح التركيز بناء على خطة الجنرال هورنر «C.A. Horner» تدميـر المعدات وليس قتل الجنود، حيث طبق مفهوم الكشاف القاتل «Killer Scout concept» فإن لم يجد الطيار هدفاً صالحاً لطلعته بقي محلقاً على ارتفاع شاهق فوق ميدان المعركة. وفيما كان طيران الحلفاء في سماء بغداد كان النقيب السعودي عايض الشمراني يحقق مجده فوق الخليج ففي 30 ثانية وبطائرةF 15 ظهر يوم 24 يناير 1991 أسقط طائرتين عراقيتين من نوع ميراج F 1 حاولتا التسلل من الشمال الشرقي. فيما كان البحرينيون يشاركون في نفس اليوم للمرة الأولى ضمن العمليات الجوية المشتركة، أما القطريون فكانوا يحققون مجدهم في الخفجي يوم 31 يناير 1991، حيث أسرت إحدى سراياهم خمس دبابات وست عربات مدرعة عراقية بعد ست دقائق فقط من تبادل إطلاق النار، كما قامت 4 طائرات ميراج 2000 إماراتية بعملية وأسكتت مضادات العدو.
كنا في القوة الجوية الكويتية نسمي المقدم محمد مبارك مو الكبير»Big Mo» لضخامة جثته، وقد ساعده جسمه الرياضي على الصمود حين سحله العراقيون بعد سقوطه وهو مربوط بحبال مظلته إلى شاحنة عسكرية لأميال عدة. كان محلقاً مع الموجة الثالثة فوق مضادات أرضية عراقية في منطقة الصبيحية، وحين أغار على الهدف أول مرة لم يكن رد فعل الدخان المتصاعد من الهدف المقصوف مرضياً، فاستدار متخذاً وضع الهجوم ناحية الهدف نفسه دون أن يعي أنه قد هبط أكثر من اللازم ولم يحافظ على مفهوم الكشاف القاتل بالارتفاع الشاهق فقفز من طائرته وهي تشتعل. فكانت حرب تحرير الكويت التي بدأت في 17 يناير 1991 مرتكزاً للتحولات الكبرى في التعاون العسكري الخليجي ليس في المستوى الاستراتيجي فحسب بل والعملياتي أيضاً، كما كانت شكلاً من أشكال الوحدة الخليجية سبقت ما نطالب به بربع قرن.
المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج