بينما نعيش هذه الأيام مناسبة ميثاق العمل الوطني التاريخية بأحداثها وتفاصيلها المعقدة، فإننا أمام خيارين يرتبطان بمرجعيتنا كبحرينيين، هي ليست مرجعية دينية، وليست مرجعية داخلية وخارجية، وليست مرجعية شرعية وغير شرعية، وإنما هي مرجعية سياسية تتعلق بوضع النظام السياسي البحريني بشكله الجديد منذ العام 2001.
لا يمكن بأي شكل من الأشكال إخراج ميثاق العمل الوطني كوثيقة سياسية من إطارها العام الجامع للإرادة الشعبية التي توافقت على هذه الوثيقة السياسية، وصارت بمثابة المرجع الأساس في كافة مناشط الحياة والمجتمع.
الإرادة الشعبية في البحرين أمام صراع حقيقي يتعلق بمرجعيتنا السياسية، تلك المرجعية التي عملت على تشويهها جماعة منذ أكثر من عقد زمنياً، ليس لرفضها هذه المرجعية، بل لتداخل أجندة سياسية خاصة معها، حيث وقعت في وضع صعب عندما توافقت مع كافة مكونات الشعب وأقرّت كافة تفاصيل الميثاق وصارت جزءاً من الإرادة الشعبية التي توافقت بنسبة 98.4 بالمائة على الميثاق، ولكنها اليوم لا تطالب بإصلاح سياسي، ولا تطالب بسقف معين، ولكنها تطالب بنسف مرجعية الميثاق، وبناء مرجعية جديدة مختلفة تناسب مقاييسها ومعاييرها الخاصة دون اكتراث لما أنجز من مرجعية وما ترتب عليه مكاسب واستحقاقات.
صراع المرجعيات هو صراع طويل لم ينتهي خلال عشر سنوات، ولا يتوقع له أن ينتهي في عشر سنوات أخرى مقبلة، لأننا أمام جماعة ليس وارد لديها أن تتنازل عن مطلبها وتـأسيس المرجعية الدخيلة التي تطالب بها.
ليس مطلوباً من أي طرف أو مكون من مكونات المجتمع أن يتنازل عن مرجعية ميثاق العمل الوطني، ولا يحق لهم ذلك ما دام هناك عقد اجتماعي يربطهم جميعاً، فمئات الآلاف من المواطنين الذين توافقوا على الميثاق لم يصوتوا عليه من أجل أن يتم التنازل عنه مستقبلاً، أو أن يتم استبداله بمرجعية سياسية أخرى لاحقاً.
ما تحقق للبحرينيين اليوم من مكتسبات وإنجازات سواءً كانت بمستوى الطموح أو دون ذلك، فإن مرجعيتها ميثاق العمل الوطني، ويجب احترام ذلك، كما هو الحال عندما يتم احترام الثوابت الوطنية التي هي كل ما توافق عليه البحرينيين دائماً.
خطاب جلالة الملك، وسمو رئيس الوزراء، وسمو ولي العهد خلال الأسابيع القليلة الماضية كان واضحاً فيما يتعلق بمرجعية الميثاق، وضرورة احترام الثوابت الوطنية. والمسألة هنا ليست سقفاً للإصلاح، فسقف الإصلاح في نظامنا مفتوح ومتاح لأي تجربة دائماً شرط التوافق بين الجميع، وتحقيق المصلحة العامة المشتركة. بل هو تأكيد التزام القيادة بأن التفاهمات في النظام السياسي لن تتجاوز يوماً مرجعيتنا السياسية -وهي الميثاق- أو حتى الثوابت الوطنية.