شعب البحرين لن يرضى على أية دولة فيها أهله وعشيرته وإخوانه
فدماء شعوب الخليج واحدة تسبح في جسد واحد كما مياه الخليج



كما يختلف الإخوان في ما بينهم يختلف كذلك الأشقاء من الدول، فكل الخليج أشقاء، هكذا تعلمنا في مدارسنا، وهكذا تربينا في دولة المحبة بأن الخليج شعب واحد وسنبقى بإذن الله شعباً واحداً.
إنها قطر التي عرفناها وعرفتنا، وستظل قطر الدولة الشقيقة التي نعيش في كيانها وتعيش في كياننا ولن نفترق عنها، وكيف تفترق دماء واحدة؟ وكيف يتفارق المحبون؟ فنحن مهجة ودم وقرابة وجماعة، ولندع الشأن لأصحاب الشأن. فلدينا ولديهم حكام ذوو نظرة وهم أعلم منا وأصلح منا في إدارة خليجنا كي يسير مركب الأشقاء في بحر لا تستطيع رياحه ولا هيجان أمواجه أن تشق له شراعاً أو تكسر له مجدافاً، وما بعد الاختلاف إلا الالتقاء على ما يسر شعوب الخليج التي لم تعرف يوماً حدوداً ولم تفرقها أجواء ولا حدود.
وليعلم الذين يدندنون أو يشمتون ومن اتخذوا من اختلاف الأشقاء فرصة لإحداث مزيد من الفرقة والغربة، أن البحرين هي شقيقة لكل دولة خليجية ولن ترضى حكاماً وشعباً الإساءة، وما حصل من اختلاف في الرؤى أو الرأي فإنه من الأمور الطبيعية التي يتم التغلب عليها بالحكمة، وها هي دول ليس بينها روابط تاريخية ولا جغرافية وليس بين شعوبها وصال ولا اتصال وقد مرت علاقاتها إلى ما أبعد من اختلاف الرأي، لكنهم عادوا وكأن شيئاً لم يكن، وذلك عندما عرفوا أن مصلحتهم في الاجتماع والتفاهم وليس في الاختلاف، فكيف بدول الخليج التي يتربصها عدو أزلي صليبي وصفوي، والذين تتهلل وجوههم حين يقرؤون الأخبار، فتغمرهم السعادة وتطير بهم الأحلام التي يظنون أنه قد اقترب تحقيقها.
نقول هنا لا تظن أية دولة من الخليج أنها ناجية من يد الغدر الصفوي الصليبي، فكم من حضارات سقطت وكم من خلافات ذهبت وكم من إمبراطوريات انتهت، وها هي دول كبيرة مات منها أمامكم من مات ومنهم من يحتضر، وما الاختلاف إلا طريق الاحتضار الذي حذر الله منه أشد الحذر في كتابه الكريم «وَأَطيعوا الله وَرَسوله وَلا تنازَعوا فتفشلوا وَتذْهب رِيحكمْ وَاصبرُوا إِن الله معَ الصابرِينَ».
نعم؛ ذهاب الريح عندما تفترق حزمة الخليج، تلك الحزمة التي أذهلت صلابتها الغرب والشرق، وها هم اليوم ومن نتاج دراساتهم ومخططاتهم قد استطاعوا أن يفرقوا الحزمة دولة تلو الدولة بمعاونة دولة الشر الصفوية التي أسعدها الاختلاف والتي طالما انتظرته وصرفت عليه مئات المليارات ومعها دول الغرب التي ستأتي كي تغرف خيرات وتنهب ثروات كل دولة على حدة، فلديها مخازن أسلحة قد صدئت، ولديها سراديب متفجرات تكدست، وشركات أفلست، كما لديها حلم الإمبراطورية الكبرى الصليبية والصفوية، وها هي دول الخليج قد تسهل تحقيق هذا الحلم الذي يتقاسم فيه الشرق والغرب أراضي الأمة التي ضاعت بسبب صلابة الرأي وتأخير مصلحة الأمة، وهو الخطأ الذي منه ستأكل دولة بعد دولة، وذلك بعدما غابت مصر والعراق، وما بقي من دول عربية لا تستطيع حمل نفسها، فكيف لها أن تحمل قلب الأمة، الخليج العربي.
واليوم شعوب الخليج تتألم، كما زاد شعب البحرين على آلامه وجراحه حتى وصلت نخاعه، عندما يرى في محنته تفرق الإخوان، شعب البحرين الذي يرى أرض الخليج أرضه، ودول الخليج دولته، شعب البحرين الذي لن يرضى على أية دولة فيها أهله وعشيرته وإخوانه بأن يمسها سوء أو غدر أو خيانة أو مؤامرة، فدماء شعوب الخليج واحدة تسبح في جسد واحد كما مياه الخليج.
قطر ستبقى قطر؛ إنها دوحة الخليج في قلوبنا، إذ طالما انتظرنا جسر المحبة ليطوي المسافات وننصهر في أرض يجمعها الحب ويرفرف عليها السلام، وما من عربي تشبعت نفسه بعزة الإسلام وارتوت بالإيمان الخالص وتشبعت روحه بسنة نبيه إلا وقد ساءه وأثر فيه الفراق، فمن مكارم الأخلاق ألا نخسر إخواناً لنا بكلمة جارحة ولا عبارة ساخرة ولا إشارة خبيثة، لأنه لابد وأن يلتئم الشمل، وستكون محنة ثم تهدأ النفوس وتفرج الصدور ويلتقي الإخوان على مصلحة الأمة، ثم الاجتماع من جديد في مركب أشد وأكثر صلابة يطفو فوق أمواج الخليج.
ونقول للجميع إن دولة قطر ستبقى ذلك الجزء الحي والنبض الساري في قلوبنا، إنها قطر وستبقى قطر؛ ونقول لمن يحاول أن يلعب على أوتار الشيطان.. عفواً إنها قطر.. دوحة الخليج التي ستعود ونعود كما كنا بل أكثر مما كنا.