انتبه يا مواطن جيداً لما يحصل اليوم في شأن الحراك البرلماني بشقيه الشوري والنيابي، إذ إن خبرين نشرا بالأمس في صحافة الجمعة (التي قد لا يقرؤها الكثيرون) يدقان نواقيس الخطر، والتهديد كالعادة يتجه ليكون من نصيب المواطن، مهما حاول المسؤولون أو البرلمانيون تصوير عكس ذلك.
أول المؤشرات الخطرة يتمثل بموافقة مجلس الشورى «المعين» على رفع سقف دين الدولة من 40% إلى 60%، وسيقت عديد من التبريرات والأعذار التي تمهد أرضية إقرار هذا المشروع والذي هو الآن متجه إلى «نواب الشعب» وفي حال موافقتهم سيقر بالتالي.
المصرف المركزي لا يريد موافقة السلطة التشريعية على الاقتراض، وتم توضيح النص القانوني الذي يجيز اقتراض 5 مليارات دون قانون، أي دون موافقة البرلمان، وهنا نسأل «نواب الشعب» عن موقفهم من هذا الأمر، هل سيوافقون عليه أم سيطرحون ألف تساؤل وتساؤل بشأن انعكاساته على المواطن.
ندرك تماماً أنه قيل بأن النسبة تم تجاوزها في عديد من الدول، لكننا نذكر هنا بالمقولة الشهيرة التي قيلت في السابق كثيراً، بأن البحرين لها وضعها الخاص، ولها خصوصيتها، وما يمكن أن يطبق في الخارج يصعب تطبيقه في الداخل، وإلا لتحول المواطن البحريني لجهاز صراف آلي يدفع للدولة ضرائب لا تعد ولا تحصى. طبعاً الخوف أن يأتي يوم يكون فيه وضع المواطن البحريني مثل الأوروبي الذي «يطير» أكثر من نصف راتبه على الضرائب.
المسألة المهمة هنا التي لم يتم توضيحها، بل لم يكن لها موقع من الإعراب تتعلق بالإجابة على التساؤل الذي يحق للناس طرحه، إذ ما هي انعكاسات رفع سقف الدين على المواطن؟!
نريد أن نعرف الإجابة وبالتفصيل وبلغة الأرقام، نريد أن نعرف الإيجابيات وقبلها السلبيات، خاصة وأننا نتحدث بعد أسبوع من تقرير لصندوق النقد الدولي يشير فيه لخطورة ازدياد العجز في ميزانية الدولة.
هل رفع سقف الدين العام سيعني اقتراضاً أكثر (هذا أمر بديهي، وإلا لماذا الرفع)؟! وهل يعني ذلك أن حجة «العجز في الميزانية» و«بعبع» العجز الاكتواري سيزيد استخدامه ليكون «حائط صد» طويل الأمد في مواجهة أي مشروع لرفع الرواتب وتحسين معيشة المواطن؟!
هذا منطقياً ما سيحصل للأسف، ما يعني أن المواطن البحريني عليه أن «يحمد الله» على وضعه ويدعو بألا يتدهور، لأن توقع الأفضل سيكون ضرباً من الجنون.
يحصل هذا في وقت مازلنا فيه نعاني من صعوبة تحريك ملفات حساسة وهامة بما يتلاقى مع تطلعات المواطنين ومطالباتهم، وهنا سنضرب مثالاً هو أصلاً خبر آخر نشر بالأمس معني بحراك النواب في شأن قضية الإسكان.
إذ رغم المطالبات والمناشدات العديدة للمواطنين بإنهاء حالة التمييز الظالمة التي تسبب بها تحديد سقف للرواتب ودمج راتب الزوجين لاستحقاق الخدمة الإسكانية، وهو الأمر الذي استثنى مئات العوائل البحرينية من الخدمة فقط لأن سقف الرواتب يصل إلى 900 دينار، وكأن هذا المبلغ ومن يصل راتبه له يجعل البحريني في مصاف «أصحاب الثروات» أو «الأجور العالية» بالتالي حقه في الاستفادة مع الخدمة الإسكانية يسقط. للأسف يحصل هذا والدولة عبر كثير من مسؤوليها يصرحون في الداخل والخارج عن الخدمات التي تقدم للمواطنين بالأخص الخدمات المجانية ويذكرون منها الإسكان، وفي الحقيقة هذا كلام عار عن الصحة، فلا خدمة الإسكان متاحة لجميع المواطنين ما يعني وجود تمييز، ولا هي أصلاً خدمة مجانية إذ المواطن يدفع لقرابة ربع قرن ثم أنتم تعرفون النهاية في شأن التحصل على وثيقة الاستملاك.
وزارة الإسكان -في خبر الأمس- تقول بأنه من الصعوبة رفع سقف الراتب المحدد عن 900 دينار، وقالت ذلك في اجتماع مع ممثلي الشعب (أي النواب)، ما يعني أن كل ما قيل في السابق من توجيهات وتصريحات بشأن رفع السقف وإلغاء دمج الراتبين كلها أمور «تبخرت» وعدنا بالتالي لنقطة الصفر.
ندرك تماماً أن هذه السطور تثير إحباط المواطن، لكن الواجب يقتضي بتنبيه الناس بما قد يواجهونه، والواجب يقتضي بأن يوضع الحبل على رقبة النواب إن هم واصلوا في تمرير قوانين ومشاريع لا تخدم المواطن بل تضيق عليه أكثر، والواجب يقتضي بأن نحاسب الدولة ونطالبها بأن توقف الهدر المالي في جوانب عدة، وتوقف «لخبطة» بعض المسؤولين في شأن المشاريع والتخطيط وغيرها، وأن تلتفت بجدية للمواطن، فالبحريني بدأ يحس بأنه في آخر سلم الأولويات وألا أحد يحس فيه، لا نواب ولا شوريون ولا دولة!